مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
«سورية الجديدة»
 
 
 
سورية الجديدة،سان باولو،العدد 1، 1939/3/11
 

في سورية اليوم نهضة قومية صحيحة آخذة في تغيير القواعد الأساسية، التي قامت عليها سورية الانحطاط والخمول لتنشأ على قواعد مناقبية وروحية سورية جديدة، عظيمة، مجيدة. فليست سورية الجديدة مجرّد اسم جديد، بل عنوان حياة جديدة تختلج اختلاجات النمو وتتحرك إلى الأمام نحو المطالب، التي تتوق إليها ملايين الأنفس.


كم من ملايين السوريين تتوق نفوسهم إلى رؤية وطنهم مزدهراً نضيراً وأمتهم تعود إلى تبوّؤ مكانها المجيد وتحيا حياة جيدة معززة يشعر معها كل سوري بفخر قوميته. وكم عبّر عن هذا الاشتياق نوابغ سوريون فتنبأ جبران «بالعهد الجديد» إذ يجيء «فتى الربيع» منادياً سكان الأجداث «ليهبّوا ويسيروا مع الأيام» ونبّه الروح من غفلات الأمة، ونادى الدكتور سعاده بالوطنية والأخلاق وفتح طريق السياسة المخلصة، وتكلم الدكتور فيليب حتي على طبيعة الوطن السوري ووحدته الجغرافية وآمن بنشوء الأمة السورية وتنبأ عن استيقاظ «النفسية السورية» ومهّد للأبحاث العلمية عن الأمة السورية. ثلاثة نوابغ سوريين، نابغة روحي ونابغة سياسي ونابغة تاريخي، سبقوا النهضة القومية مبشرين بمجيئها، صائحين بالناس أن يعدّوا طريقها، لأنها طريق حياتهم. وقد شاء القدر أن يقضي الأولان فلا يريان النهضة القومية وأن يبقى الثالث ليغذيها بعلمه ويرى بعينه حقيقة ما تخيّله وقال به.


وها النهضة القومية قد جاءت تحرق وتضيء... تحرق من أتى بها، وتحرق من يقف في سبيلها، وتضيء لأمة ظنها أعداؤها منقرضة، فإذا هي تقف اليوم بين الأمم الحية ممتلئة روحاً جديدةً وتجري في عروقها دماء جديدة وتتململ في نفسها فلسفة جديدة تعطل سفسطة عالم متفسخ العقلية، متهدم الروحية، عديم الثقة بنفسه، يائس من حقيقته.


كل النفوس كانت تائقة إلى حادث مرجوٍّ ينقذها من تخبطها وضلالها ويشفيها من أمراضها الروحية والنفسية (العقلية). ولكن لـمّا جاء هذا الحادث المرجوّ، رأت فيه الأنفس الواهية الهالكة ما لا قوة لها على الأخذ به. وهنالك نفوس أدمنت الأوهام إدمان الأفيون، فهي تستسهل وتفضل الهبوط في مهاوي الأوهام وتستصعب وتشجب الصعود في مراقي الحقيقة، كشارب الأفيون الذي مهما يكن من أمر العلاج الشافي الذي تقدّمه له فهو لا يريد من الأفيون بديلاً. وكم هنالك من الناس الذين يرون الانتقال إلى حالة جديدة أمراً هيناً، لأنهم يتوهمون الانتقال بروحيّاتهم السقيمة ونعراتهم الخفية وعنعناتهم المزمنة ونفسياتهم المقيدة وأوهامهم المظلمة وجميع أمراضهم الروحية - العقلية، التي أصبحوا يجدون فيها لذة لا يتمكنون من تصور حياة بدونها. إنّ جميع هؤلاء يشعرون بأن النهضة القومية قد خيبت رجاءهم كما خيّب مجيء المسيح رجاء اليهود. فإن اليهود كانوا يرجون الانقاذ من حالتهم على يد مسيح يجيء لإرضاء خصوصياتهم، ولكن الأرض السورية لم تكن صالحة للخصوصيات اليهودية المريضة فجاء المسيح لإنقاذ سورية والعالم من الخصوصيات اليهودية!


إنّ هنالك عدداً كبيراً من الناس ربيت نفوسهم على «خصوصيات» أصبحت مزمنة. فهؤلاء مستعدون دائماً للتذمر من كل حادث لا ينطبق على خصوصياتهم وهم مستعدون دائماً وأبداً لصلب المنقذ الذي يريد تحريرهم من عبودية هذه الخصوصيات المزمنة. هؤلاء لا يرون في النهضة القومية «الحادث المرجوّ» فهم لا يريدون أن يغيّروا أو هم لا يتمكنون من تغيير ما بأنفسهم.


إنّ سورية الجديدة لا تريد أن تقف نفسها على الخصوصيات ولا أن تحاول التوفيق بين عقلية وروحية جديدتين وعقلية وروحية عتيقتين. فـ سورية الجديدة لا تعتقد أنه يمكن أو يجب إيقاف الصراع بين جيلين، جيل يريد مقوِّياً ينعش قواه المنهوكة ويساعده على الاستمرار في خصوصياته وجيل يريد سحق الخصوصيات ويشعر في قوّته القدرة على تنفيذ ما يريد.


إنّ سورية الجديدة لا تقول بالتوفيق الجامد، بل بالاتجاه الجديد. إنها تريد أن تخدم سورية الجديدة بنهضتها القومية.


إنّ الذين يريدون النهضة القومية نهضة لنعراتهم وخصوصياتهم وأوهامهم، لن تكون لهم نهضة. أما الذين ينتظرون هداية قومية ليتركوا نعراتهم ويتخلوا عن عنعناتهم ويسيروا نحو مُثُل عليا جديدة، فهؤلاء يجدون النهضة القومية ويكونون جديرين بالحياة الجديدة.

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro