مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
جهاد الحزب السوري القومي لتحرير سورية (2)
 
 
 
«الأمينان ثابت(1) وقبرصي(2) في الغرفة السياسية» «الـحزب يذيع بياناً شديد اللهجة رداً على بيانات الـحكومة»
 

تابع رسالة بيروت في 18 فبراير/شباط

تبيّن بما لا يقبل الشك أنّ الخطة التي وضعت «للقضاء على الحزب السوري القومي» كانت كما قال فيها المرجع الحزبي العالي، حقيرة، سخيفة. كانت حقيرة، لأنها أظهرت صغارة القائمين بها وجبنهم عن مجابهة الحزب السوري القومي في الميدان السياسي. وكانت سخيفة لأنها دلت على سوء فهم الاختبارات الماضية وعدم تقدير قوة الحزب الحقيقية تقديراً  يقرب من الصحيح. ولكن المتآمرين على النهضة القومية الذين وضعوا هذه الخطة ظنوا أنها «قاضية» فسيقع الزعيم في شراكهم من غير أن يعلم الناس شيئاً من أسرار المؤامرة والأسباب الحقيقية التي تدعو إلى اعتقاله. وسيعتقد الشعب، بناءً على الأكاذيب التي تنشرها الصحف، أنّ سجن الزعيم كان «لأسباب عدلية» أي لوجود دعاوى عليه من أفراد وأنّ قضيته قضية إجرام عادل لا قضية سياسية. هكذا توهموا وفرحوا فرحاً عظيماً بما توهموه. وبينما هم يستعدون صباح الإثنين الواقع في الثالث عشر من يونيو/حزيران الماضي لتلقّي الأنباء بالقبض على الزعيم ونشر الصحف أخبار هذا القبض، إذا برجال التحري يعودون إلى دار القضاء «يد لخلف ويد لقدام»! فتبدل فرحهم وجوماً وظهرت خطتهم الباهرة بأحقر مظاهر السخافة. وكانت النتيجة الأولى لهذه الصدمة الحملات الجنونية التي قام بها رئيس مكتب التحريات وأشرت إليها فوق (ص 292 أعلاه).


شعرت الحكومة اللبنانية أنها تجاه فشل عظيم وأنّ الحملات التي قام بها رئيس مكتب التحريات لم تكن سوى تشفٍّ ظهرت حقارته بأوضح مظاهرها، فعمدت إلى خطة جديدة هي اتخاذ كل عمل يقوم به أفراد من الحزب السوري القومي حجة لإلقاء القبض على عدد من كبار موظفيه وأركانه وتحميلهم تبعته. ولكي يكون هذا العمل الشائن مبروراً بصورة قانونية أصدرت الحكومة تعميماً بتاريخ السادس والعشرين من يوليو/تموز الماضي هذه أهم محتوياته:


«إنّ تعدد الاجتماعات العامة وتكرار التجمعات غير المباحة ونشاط الجمعيات الممنوعة أو المحلولة، كل ذلك حمل الحكومة على إنشاء مصلحة خاصة تقوم بحصر جميع التعليمات وعناصر التحريات التي يمكن معها تأمين القمع على وجه متتابع وعلم بالوقائع. تلك هي الغاية من إصدار القرار رقم 630 الذي بموجبه أنشىء مكتب التحريات في نيابة بيروت البدائية، الخ...


«على أنّ هذه المصلحة الجديدة لا يمكنها أن تعمل عملاً فعّالاً وافياً بالمرام إلا بقدر ما تتلقاه من المعلومات الصحيحة السريعة. ولبلوغ هذه الغاية يجب أن ترسل في أقصر مدة إلى المكتب المذكور صور عن جميع محاضر الضبط المختصة بالشؤون المتقدم ذكرها، من غير أن تمرّ بدرجات تسلسل الرتب. ويجب من جهة أخرى أن تكون هذه المحاضر واضحة مفصلة تسهيلاً لسبيل التحقيق القضائي وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون.


«ولكن إرسال المحاضر لا يكفي إذا كانت السلطات الإدارية لا تبحث بهمة ونشاط جميع المعلومات المفيدة العائدة إلى التصرفات التي يراد بها إحداث خلل في النظام وإثارة أفكار الجمهور، وإذا كانت أيضاً لا ترسل تلك المعلومات في وقت واحد إلى المكتب المشار إليه وإلى رؤسائها بالتسلسل.


«على أنّ الاحتياط والقمع لا يكونان فعالين إلا بقدر ما يتناولان المدبّرين والمحرضين قبل المتظاهرين الخاملي الذكر أو القائمين بدور لا شأن له. فلذلك يجب أن يعلن في المعلومات الأشخاص الذين يرأسون حركة الشعب أو الجمعيات غير المباحة وأن تذكر عند الاقتضاء فروع هذه الجمعيات وعلاقاتها وطريقة عملها وما لديها من وسائل الدعوة وأن يصرف الجهد إلى الاستعلام مقدماً عن مشاريعها وإلى عرقلة أعمالها بمهارة وبراعة وأن تقترح عند الاقتضاء التدابير التي من شأنها أن تؤدي إلى فشل الأعمال الجرمية. وعلى الجملة فإن السلطات التي يهمّها حفظ النظام والأمن العام يلزمها أن تظهر أكبر نشاط لكي تحصل على المعلومات الصحيحـة وتمنـع تدريجـاً الأفعـال والمحـاولات التي مـن شأنهـا تكدير صفـو الأمن العام.


«إنّ هذا التعميم لا يغيّر شيئاً من الأوامر المختصة بعلاقات دوائر الحكومة من جهة وإدارة الأمن العام (التي عينت مهمتها في القرار عدد 269 الصادر من المفوض السامي في 20 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1935) من جهة أخرى.»

 

ولا يحتاج المطّلع لأكثر من نظرة سريعة لتتضح له الأمور التالية:

1 - إنّ لغة هذا التعميم السقيمة تدل على أنّ الأصل صادر عن مرجع أجنبي وأنّ هذا النص ليس سوى ترجمة.


2 - تكليف الأسلاك الإدارية ومن ضمنها سلك الجندرمة مساعدة مكتب الجاسوسية للوصول إلى معلومات تحتاج إليها السلطة في صدد الحزب السوري القومي.

وتكليف هذا السلك الأخير القيام بتحريات من عنده يكافأ القائمون بها مكافآت كبيرة بالمعاش والرتب والأوسمة وتحويل الجنود إلى جواسيس.


3 - تحويل جميع المعاملات الإدارية المتعلقة «بالتجمعات غير المباحة ونشاط الجمعيات المحلولة أو الممنوعة» إلى مكتب التحريات ليتدخل في جميع الأمور التي هي من حق الإدارة في سبيل تحقيق «المرام».


4 - لا يقصد من «نشاط الجمعيات الممنوعة أو المحلولة» غير الحزب السوري القومي بدليل تكرار اجتماعات الأفراد الذين يشكلون الجمعيات المذهبية اللبنانية الممنوعة علناً في منتديات بيروت العمومية ونشر الجرائد، وخصوصاً الموالية منها للحكومة كـ البشير وغيرها، أخبار هذه الاجتماعات و«الخطب» التي تلقى فيها.


5 - يدل هذا التعميم على استفحال شأن الحزب السوري القومي ومبلغ قلق الدوائر الحكومية والمرجعية من نشاط حركته.


وقد ذكّرنا صدور هذا التعميم بالقرار المشار إليه في ذيله، الذي صدر من المفوض الفرنسي في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1935، أي بعد اكتشاف أمر الحزب السوري القومي وإلقاء القبض على زعيمه بأربعة أيام وكل القرارات والقوانين التي سبّبها ظهور هذا الحزب المتين النظام، وهي قوانين تضع في يد المفوض الفرنسي سلطة واسعة على القوات البرية والبحرية والجوية ليستخدمها في «قمع» كل حركة تظهر في البلاد. والناس كلهم هنا يعلمون أنه لا خطر يوجب اتخاذ مثل هذه التدابير الاحتياطية غير خطر ظهور الحركة السورية القومية المنظمة تنظيماً يضاهي، بل يفوق تنظيمات أجنبية كثيرة.

 

 

 

 

(1) نعمة ثابت

(2) عبدالله قبرصي

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro