مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
سعاده يخاطب الجالية السورية في البرازيل
 
 
 
سورية الجديدة،سان باولو،العدد 16، 1939/6/24
 

(لم يشأ زعيم الحركة السورية القومية إلا أن يوجه إلى الجالية السورية في البرازيل، خطاباً يسجل لها فيه الأثر الذي تركته زيارته لها في نفسه. وتفتخر سورية الجديدة بأن يكون الزعيم قد خصّها بنقل خطابه إلى الجالية وهو كما يلي:)


إنّ من دواعي السرور لي أن أخاطب الجالية السورية في البرازيل عموماً وسان باولو خصوصاً بواسطة سورية الجديدة التي تقف حرة، مستقلة، لا يهمّها إلا خدمة الشعب السوري عموماً والمتحد السوري في البرازيل خصوصاً بنشر حقائق الأمور المتعلقة بحياة الشعب السوري ومثله العليا والتي أهنىء الجالية السورية في البرازيل بإنشائها الدال على حيويتها وفاعليتها.


ليس ما أريد أن أخاطب به الجالية السورية في البرازيل عبارات استفزاز وتحريض ومديح، فهذه بضاعة تعوّد حملها إلى المهاجر السورية تجار يبيعونها للمهاجرين ويقبضون ثمنها، وهي من أساليب النظام القديم التي كلّف استعمالها الأمة السورية ثمناً فاحشاً من الوجهتين الروحية والمادية. والنهضة السورية القومية تريد أن تقضي على النظام القديم وأساليبه التي زادت مفاسد حالتنا الاجتماعية وضاعفت الانحطاط المناقبي في شعبنا، في الوطن والمهجر، حتى أصبحت الأعمال كلها ذات قيمة واحدة هي القيمة المرسحية وصار الشعور مجرّد مجاملات تظهر في بعض المناسبات والاجتماعات!


إني لم آتِ المهجر السوري مستفزاً ومحرضاً ومستدراً. فالحزب السوري القومي قام بنهضة الأمة السورية وحارب في سبيل إحياء قوميتها ولا يزال يحارب معتمداً على نفسه، فاعلاً، بدون استنجاد أو استفزاز أو تحريض، لإنقاذ شرف السوريين القومي وإبلاغ الأمة السورية المجد!


إنّ الحزب السوري القومي هو القوة السورية الجديدة التي تعرف كيف تؤدي الواجب وتقوم بالتضحية اللازمة، بإرادة جبارة، مستقلة. وعملها أعمق معنى وأسمى مثالاً وأبعد أثراً من أن تحدده العبارات التقليدية التي تعوّد الشعب سماعها من أفواه تجار الوطنية والسياسة.


إني جئت المهجر السوري باسم البعث القومي، الذي حققه الحزب السوري القومي، ليتسنى للسوريين المهاجرين أن يشعروا بتجدد الحياة في أمتهم وأن يدركوا عظمة العمل القائم في الوطن الجميل الذي هجروه بسبب الخراب الروحي والمادي الذي حلَّ به. ولكي لا يحرموا حق التمتع بالحرية والكرامة بفخر!


ولقد فضلت أن تكون زيارتي الأولى للجالية السورية في البرازيل، لأنها الجالية التي سبق لي أن عرفتها جيداً وكانت لي بها صلة وثيقة. وفي هذه الزيارة تمكنت من الوقوف على مبلغ تقدم الجالية السورية في البرازيل ومن الاتصال بالعناصر السورية، التي تحمل مواهب الشعب السوري العظيمة التي أثق بغلبتها على الأعداء، الذين يريدون أن يسحقوا عظمتها بتجزئتها الروحية والمادية. وإني سعيد بالنتيجة المشرّفة التي تحفظ قيمة المتحد السوري وعناصر روحيته الحية. فلقد تحقق كبير اعتقادي بأهمية القوى السورية المنتشرة في العالم وأهليتها لإيجاد الصلات الروحية والثقافية الجيدة بين الشعب السوري وشعوب العالم الجديد المتمدنة. فأهنىء الجالية السورية في البرازيل بالعناصر الطيبة التي فيها وبالأفراد الساهرين على تعزيز كرامتها، بالسير في طريق المثل العليا الجديرة بالشعب السوري العظيم.


إني أطمئن الجالية السورية في البرازيل وجميع الحريصين على المبادىء النبيلة التي تجعل عمل الأمة السورية في مصلحة الارتقاء الإنساني وتقوية العلاقات الودية بين الشعوب الحرة أنه ليس للعناصر المفسدة قوة على تعطيل النتيجة التي أجمع على إرادتها الشعب السوري الحر العظيم.


كنت مسروراً كثيراً بوقوفي أثناء زيارتي الجالية السورية في البرازيل، على مبلغ نمو العلاقات الودية بين السوريين والبرازيليين، الأمر الذي شجعني في اعتقادي بوجوب زيادة هذا التفاهم السعيد بين الشعبين السوري والبرازيلي بإيجاد مؤسسات تُعنى بإيجاد العلاقات الثقافية التي تعرِّف هذين الشعبين العظيمين إلى قواهما الروحية الكبيرة وتوجد السبيل لتعاونهما في سبيل خير الإنسانية.


ولا بد لي هنا من الإشارة بأسف، إلى المحاولة التي جرت من قبل بعض العناصر السورية المسممة بلقاح العقلية الشرقية الغريبة عن النفسية السورية الصافية أو المأجورة لمصلحة المطامع الأجنبية في وطننا بقصد الإساءة إلى القضية السورية القومية وإلى الجالية السورية في البرازيل، وإلى الشعب البرازيلي وأعني بها حركة توليد جوّ من الوشايات والسعايات التي تشكل محاولة أثيمة لوصم السلالة السورية بالقبائح وتهديد المصلحة السورية العامة ومصلحة الجالية السورية في البرازيل، بصورة خاصة، وتعكير صفو العلاقات الودية بين الأمتين السورية والبرازيلية. وقد ظنت هذه العناصر الفاسدة، المسيئة أنها تنجح في غرضها المرذول بإحداث وشاية تظهر الحركة السورية القومية في أعين البرازيليين كأنها عمل سياسي، يقصد به الإساءة إلى البرازيل وتظهر التدابير التي تتخذها السلطة البرازيلية لحماية وحدتها القومية كأنها تدابير، القصد منها منع أبناء أمة حرة من الشعور بحرّية أمتهم أو من تأييد مبادىء حرية الأمة التي ينتسبون. وكل وجه من هذين الوجهين غير صحيح التأويل، فلا الحركة السورية القومية تصطدم بالروح أو بالمادة مع المبادىء التي يؤسس الشعب البرازيلي حياته عليها ولا التدابير البرازيلية تقصد الإساءة إلى شعب حر يظلم في بلاده ولكنه لا يتخلى عن العمل لمبدأ الحرية المقدس عند الشعوب الحرة.


إنّ حادث الوشاية الدنيئة ضدي والذيول التي جرّها، دعت إلى أسفي الشديد، ليس فقط لأن الوشاية تلحق إهانة عظيمة بالشعب السوري في الخارج، بل لأن الذيول التي جرّتها كانت فاضحة للانحطاط المناقبي الذي انحدرت في مهاويه بعض العناصر السورية المهاجرة. إنّ أسفي ليس لأن الطعنة وجهت إليَّ، بل لأنها وجّهت إلى كرامة الشعب السوري.


إنه لم يصبني أنا شيء من هذه المحاولة الفاجرة ولا أصاب قضيتي شيء من أذاها. فكل ما يمكن الوشاية إثباته لا يزيد على ما هو مشهور في العالم عن القضية القومية التي تحرر أمتي وترفعها إلى مستوى المناقب الجديرة بالحياة المثلى لأمة حرة ولا يزيد على ما نشرته الجرائد البرازيلية نفسها قبل قدومي إلى البرازيل وبعده. وكنت أود أن أضرب صفحاً عن هذا الحادث وعناصر الوشاية وعواملها، لولا الذيول التي يجرّها، وتدل على أنّ هنالك اتجاهاً جديداً ترغب فيه بعض العناصر لتستغله في عنعناتها المشهورة واختلافاتها الصبيانية التي يُضحّى في سبيلها كثير من المصالح العامة.


إني أستنكر توجيه الوشاية إلى الأندية السورية الاجتماعية العاملة لأغراض اجتماعية - ثقافية بحتة.


لقد فشلت الوشاية في غرضها الأول ولن يكون لها في غرضها الثاني غير الفشل. وهي قد خدمتني خدمة كبيرة بفضحها مفاسد العقلية المستعبدة، المظلمة، المسؤولة عن حالة الخنوع التي كان يتخبط فيها شعبنا قبل نشوء العقلية الحرة النيّرة، ونهضة المناقب السورية الجديدة. وهي تُظهر، بصورة جلية، أنّ المعركة بين قوة الحياة الجديدة، الفاعلة وقوة التقاليد المتحجرة، الجامدة ليست قائمة حول بعض النظريات السياسية العارضة، بل على أسس الحياة الاجتماعية وعناصرها الجوهرية. إنها معركة فاصلة بين المناقب الجديرة بحياة جديدة، سامية الروحية ومثالب عقلية مستعبدة عفنت فيها المواهب النفسية الجيدة. ولما كانت الحرب بين هاتين القوتين شرطاً أولياً لانتصار الروح الجديدة فلست آسفاً قط لنشوب الحرب. إني لا أريد انتصاراً بارداً هيناً بدون حرب!


لم أكن يوماً منخدعاً. ولقد قدّرت منذ البدء أنّ مهمة نهضتنا التحريرية الأولى هي إنقاذ مجتمعنا من حالة انحطاطه وتعثره بنفسياته الصغيرة الضيقة. وليس لتحقيق هذه المهمة سوى طريق واحدة مستقيمة واضحة هي طريق إنقاذ العناصر الجيدة، الصالحة لبناء مجتمع صحيح وتكوين جبهة مناقبية جديدة منها تقيم حاجزاً متيناً يمنع مثالب عناصر الظلمة من الاندماج فيها أو من التأثير على الشعب. وبالنظر إلى هذه المهمة، أرى أنّ النتيجة التي توصلت إليها هي عظيمة وفاصلة. فإن عناصر النور، تفترق الآن عن عناصر الظلمة وتتعارف وتبتدىء تكوين مجتمعها ومعرفة قوّتها ومهمتها. وعناصر الظلمة تنعزل وتُدفع وتترامى بعضها على بعض وتكوّن كومة منفردة جامدة. وفي هذا الصراع العنيف بين قوى النور وعوامل الظلمة ستضمحل المنافسات الهزيلة والأوهام المغرضة حول «لبناني» و«سوري» وتتلاشى عوامل الانقسام وتنتصر فكرة المتحد السوري العام - عقيدة وحدة الأمة السورية.


إنّ عناصر الظلمة في الجالية السورية في البرازيل تريد أن تهرب من هذه الحرب وأن تستر فشلها بإيهام الرأي العام أنّ الموقف سياسي وبتأويل الحقائق للسلطة البرازيلية تأويلاً بعيداً عن الصواب. ولكني أثق بأن في الشعب البرازيلي الحر رجالاً يعرفون حيل الدجالين ولن يسمح الشعب البرازيلي الحر بمقاومة شعب حر صديق يجاهد ليدفع عنه اعتداء الدول الأجنبية الطامعة.


إني أحيّي مجموع الجالية السورية في البرازيل الحي الطيب، وأعلن سروري العظيم بتجانس الوجوه التي ودّعتني وقرأت فيها فضائل أمتي الباقية!

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro