مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رأي النهضة مشاكل دولة الشام «الحزبية قبل القومية»
 
 
 
النهضة،بيروت،العدد 1937/10/16،3
 

هذا هو الشعار السائد في الجمهوريتين السورية واللبنانية وسائر القطر السوري، وبين تصادم مجاري الأهواء الحزبية تضيع المصلحة القومية الجامعة.


هكذا نرى القوى العقلية في طول سورية وعرضها محشودة حول نقطة واحدة ضئيلة، تكاد لا ترى بالمجهر، بالنسبة إلى المسائل الحيوية الكبرى، ومنصرفة إلى معالجة مشاكل هزيلة هي أشبه شيء بمشاكل القرية، لأنها تقتصر على المشادة بين فلان وفلان، والعمل على إنزال فلان ورفع فلان، وجعل الوجيه الفلاني في صفوف هذه الفئة لربح المحيطين به، ونبذ الوجيه الفلاني إلى تلك الفئة لعدم تجانس مطامعه مع هذه. أما فلان ذو الخبرة في المسائل السياسية التي لها علاقة بحياة الأمة وفلان ذو المبادىء الاقتصادية التي يمكن أن ترفع مستوى ثقافة الشعب، وأما المصالح القومية وإيجاد التجانس النظري والعملي في معالجتها فمن الأمور الثانوية في اعتبار ذوي الشأن.


قامت «الكتلة الوطنية» في الشام بعمل بُني على العاطفة الوطنية لا على التفكير القومي ولذلك لم تُنشِىء الكتلة منظمة شعبية أو مؤسسة سياسية. وكان غرضها إيجاد وحدة الحكم في الشام وتحويل الانتداب إلى معاهدة. أما ما هو أساس الدولة الاقتصادي والاجتماعي وما هو الأسلوب الذي يمكن أن يحوّل المتناقضات القومية إلى تجانس موحد للعواطف والأفكار لكي تصبح الدولة وحدة فاعلة، لا مجرّد ركام من المواد البشرية المشلولة، فمن الأمور التي ظلت بعيدة عن تفكير سياسيي الكتلة، ولذلك لم تضع «الكتلة الوطنية» برنامجاً اقتصادياً اجتماعياً يعالج مشاكل الأمة الداخلية ويضع الحلول العملية لها.


وحظيت «الكتلة الوطنية» بغرضها تحت ضغط العوامل السياسية التي كان للحزب السوري القومي أثر كبير فيها ونالت وحدة الحكم في الشام ومعاهدة بدلاً من الانتداب، ورضيت العاطفة الوطنية ونفّذت الكتلة مهمتها.


وقد أدى تنفيذ الكتلة غرضها إلى تسلّم رجالها دكات الحكم. ولكي يَثبت الحكم لجماعة يجب أن تنتظم وتنظم صفوفها وقواتها فأدرك رجال الكتلة، بعد ما رأوا من مثال الحزب السوري القومي البديع في قيمة المبادىء والتنظيم والمؤسسات، أنّ الأمر يدعو إلى إيجاد رابطة حزبية للجماعة التي أيدتهم فأخذوا ينظمون أنفسهم حزباً. وقلدوا الحزب السوري القومي في نظام الميليشيا فشكلوا القمصان الحديدية التي تلهت بالألبسة وتعرضت لأمور لم تقدّر عواقبها.


وحتى الساعة تعمل الكتلة على تنظيم مكاتب إدارية «لحزب الكتلة» ولكنها لـمّا توفق إلى وضع برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي لهذا الحزب. فلا تزال النظريات غير الناضجة تسيطر على أعمال وتدابير إدارته. ولا تزال هذه الإدارة بعيدة عن إدراك طبيعة العلاقات الاجتماعية القومية وأساليب توثيقها.


ولذلك فالأمر في الجزيرة العليا فوضى لا مثيل لها، والإدارة عاجزة عن إيجاد حل لمشاكلها فتضطر للالتجاء إلى معونة الدولة الحليفة المنتدبة، وقضية جبل حوران دخلت في دور حزبية القرية وعولجت بأساليب حزبيات القرية. وفي اللاذقية سارت السياسة الداخلية على أساس قضايا القرية. ولم تتمكن الكتلة من إيجاد قضية عامة تعالج على أساسها المشاكل المحلية.


أما نكبـة الإسكندرونـة فقـد دلـت على عجـز فاضـح في إدراك أسبـاب السلامـة القوميـة.


في هذا الطور الخطير تظهر قيمة الأساس القومي للعمل السياسي الداخلي. وهذا الأساس يقضي بفسح المجال لنشوء المنظمة القومية التي تأتي بمؤسسات جديدة وأساليب جديدة صالحة لتأمين القواعد الصحيحة لتسيير المبادىء القومية وتحقيق المثل العليا.


وقد علمنا أنّ مخابرات جرت بين الحزب السوري القومي وأركان الحكومة الشامية القصد منها إظهار ضرورة فسح المجال لهذا الحزب ليعمل عمله القومي الذي لا تصادم بينه وبين هيئة الحكومة الحاضرة.


فعسى أن يدرك أصحاب الشأن في الشام أنّ الحزب السوري القومي منظمة قومية ضروري وجودها للعمل على إبادة التناقضات الداخلية، وتحويل جماعات الأمة إلى أجزاء متجانسة تجعل للأمة كياناً صحيحاً متجانساً، وتعمل على تدارك مقدّرات البلاد المعرّضة لأخطار يقتضي درؤها استجماع كل القوى القومية.


إنّ للأمة حقاً في التطور لتحيا ورجال الحكم مسؤولون عن تمكينها من هذا الحق.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro