مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رأي النهضة ثورة فلسطين
 
 
 
النهضة،بيروت،العدد 1937/10/22،8
 

منذ وضعت الحرب العامة أوزارها، وسورية تتململ وتتشنج. ولكن تشنجاتها ظلت تشنجات جزئية موضعية. فهي لم تكن إرادة أمة، بل آلام أمة. والذين يراقبون تطور الأمة يرون أنها فقدت كثيراً من مادياتها ومعنوياتها.


مصاب الأمة هو في أنّ عدداً من المكتسبين نفوذاً من العهد البائد نصّبوا أنفسهم متزعمين «وطنيين» قاموا يعالجون شؤون الوطن ضمن نطاق محلي ضيق فما تجاوز أفقهم حدود الإمكانيات المحلية. ولم يكن لهم إدراك سياسة سوى السياسة الاعتباطية، التي هي مجرّد انعكاس عن الظروف وظواهر الأمور والأمر الواقع.


وقد أحدثت هذه السياسة الاعتباطية الانعكاسية سلسلة من الأعمال «الوطنية» الجامحة لم تأتِ بنتيجة غير الخسارة المادية والمعنوية. فالسياسة في الشام بُنيَت على إثارة الشعب في كل ظرف ودفعه إلى أعمال عنف غير موزونة ولا محسوبة نتائجها. فخربت بيوت المئات والألوف، وشلّت حركة التجارة المنظمة، وتأخرت الصناعة والأعمال الإنشائية، ولم يحصل من كل ذلك نتيجة سوى معاهدة رُبحت ووطن تمزق.


في فلسطين اتُّبعت السياسة هذه عينها ولكن بصورة أقلّ تناسباً. ولا بد من الاعتراف بأن المحاولات السورية الأولى في فلسطين كانت ناجحة ضد اليهود، ولكن هذا النجاح، ككل نجاح غير منظم، كان موقتاً، وآخر ما قامت به فلسطين هو الثورة الماضية، التي أعطت النتائج التالية:

1 - إيجاد مرفأ خاص باليهود في تل أبيب.
2 - تجرّؤ اليهود على مهاجمة قرى ومزارع سورية.
3 - تمركز القوات البريطانية في النقاط الاستراتيجية.
4 - فَقْد الموسم السنوي.
5 - الجرحى والقتلى.
6 - مشروع التقسيم.


ولـمّا انتهت الثورة وجاءت البعثة الملكية للبحث في أسبابها أعلنت «اللجنة العربية العليا» مقاطعتها لها ثم عادت فعدلت عن هذه المقاطعة عندما أدركت ضرر المقاطعة. ولكن دفاع المتزعمين السوريين كان واهياً جداً من الوجهة الحقوقية.


الظاهر أنّ بريطانية ماضية في تنفيذ سياستها في فلسطين. وهذه السياسة مبنية على أخذ مضمون وعد بلفور بعين الاعتبار والنظر إلى اليهود نظرة المعترف بحقهم في الوطن السوري.


ولـمّا كانت اللجان الفلسطينية لم تدرس جيداً خطط هذه السياسة وممكناتها العملية ولم تَسْعَ لتخطيط سياسة ثابتة يصحّ التمشي عليها، إذ الفكر السياسي خاضع لاعتبارات السياسة الاعتباطية فقط، كانت النتيجة أنّ الظروف هي التي تعيّن الانعكاس وأنّ السياسة القومية في فلسطين بقيت سياسة انعكاسية.


إنّ الوطنية عاطفة نبيلة، ولكن سياسة التضحية يجب أن تكون مخططة تخطيطاً دقيقاً، وسفك الدم ضروري متى كان وفاقاً لخطة دفاعية موزونة واضحة أهدافها العملية ومحسوبة مبرراتها التنفيذية. أما سفك الدم عن جهل للنتائج فنتيجته خسارة الأرواح وضياع الثروة والوقت.


ليت العاملين في السياسات المحلية يدركون الحاجة إلى سياسة قومية تحفر خططاً عميقة في حياة الأمة وتكون اتجاهاً ثابتاً.


قـد ذرّ قـرن الثـورة من جديـد في فلسطـين فعسـى أن تـكون أقـلّ ضـرراً من الثـورة السابقـة.

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro