مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
السياسة الأوروبية ألمانية دولة وأمة
 
 
 
الـمجلة،سان باولو،السنة 9، الـجزء 12، 1924/1/1
 

​يوجد وجه للنظر يـمكننا معه أن نقول إنّ بعض الدول ليست أمـماً، وذلك متى كانت الدولة مؤلفة من أكثر من شعب أو عنصر واحد مثل سويسرة مثلاً. ومع ذلك ففي ظروف معينة يصح أن يقال عن سويسرة إنها أمة خصوصاً متى كان الكلام لا يتناول البحث في العناصر التي تتألف منها البلاد السويسرية. ولكن الدولة التي تتألف من شعب أو عنصر واحد أمة في كل الظروف، خصوصاً متى كانت تخضع لـمدنية واحدة. فإذا اضطرها جور الحادثات إلى التخاذل في السياسة والانقسام بطلت أن تكون دولة واحدة، ولكنها تبقى في العرف الاجتماعي أمة واحدة يجوز، متى زال الـجور الذي اضطرها إلى الانقسام، أن تعود إلى الاتـحاد وتكون دولة واحدة.


كثيراً ما تكون الأمة مؤلفة في الأصل من عناصر مختلفة اندمجت مع تـمادي الأيام بعضها بالبعض الآخر وكونت شعباً واحداً. فاليهود مثلاً هم أحق الناس بأن يكونوا شعباً واحداً أو أمة واحدة تنتمي إلى عنصر واحد، ومع ذلك فإنهم خليط من كل الأمـم. فترى من هذا أنّ الـمراد بالأمة ليس أصل العناصر منفردة بل العناصر الـمندمجة في بعضها البعض، مكوِّنة شعباً واحداً ذا عوائد واحدة وأخلاق واحدة ويتكلم لغة واحدة. ولكن بعض الكتّاب يحاولون أن يثبتوا أنّ الأمة ليست أمة بـمجرد أنّ فيها انقسامات سياسية وتشعبات دينية.


من هؤلاء الكتّاب الكاتب الإنكليزي بول بار، فإنه نشر مؤخراً مقالة في الـمجلة النصف شهرية الشهيرة التي تصدر في لندن حاول أن يثبت فيها «دون أدنى مبالغة» أنّ ألـمانية ليست أمة: لأن الألـمانييـن في الـجنوب كاثوليكيون ملكيون، وفي الرين كـاثـولـيـكيـون جمـهوريـون، وفـي الوسط بروتستانت جمهوريون معتدلون، وفي سكسونية يكادون يكونون كلهم إشتياعييـن، وفي الشمال الشرقي هم بروتستانت ملكيون. وقد خلط هذا الكاتب بيـن أنّ الـمانية ليست أمة وأنها ليست دولة، أو لعله أراد أنها ليستهما معاً إذ قال بعدما تقدم إنّ ألـمانية تكون، إذا كانت نظريته صحيحة وهو ما لا شك فيه عنده، ولايات أو دولات مختلفة الأجناس متباينة الـمذاهب والـمشارب. فانقسامها إذاً أمر لا بد منه إذ إنه عمل طبيعي فينحاز كل قسم بحسب ميول سكانه إلى بلاد أخرى توافقه على هذه الكيفية «سكسونية إلى روسية. الرين إلى بلجيكة. بافارية إلى النمسة. فيكون سكان هذه الولايات ألـمانييـن في العرف الذي به الزوريخيون ألـمانيون في الوقت الـحاضر»، أي بالاسم واللغة فقط. وفي نظر الكاتب أنّ هذا أفضل حل للمشاكل الأوروبية التي تهدد السلام. وبغير هذه الصورة، أي أنه ما زالت ألـمانية غير منقسمة تظل تشعر أنها مضطهدة وأنها يجب عليها أن تنتقم من مضطهديها. وعندي أنّ الكاتب قصير النظر في الأمور السياسية وإن كان يُعدّ نفسه خبيراً محنكاً. فبدلاً من أن يذهب إلى قلب الـموضوع ويدرس وجوهه الـمتعددة ويبحث في الأسباب الرئيسية التي تدعو إلى التخوف من انتقام ألـمانية، اتخذ هذا التخوف حجة للقول بوجوب إيهام العالم أنّ ألـمانية ليست دولة ولا أمة. ومع أنّ الـخوف من انتقام ألـمانية الذي لم يكن له داعٍ سوى اضطهاد الـحلفاء، أو بعضهم، ألـمانية هو أساس مقالة الكاتب، فإنك تراه في مكان آخر من مقالته الـمارّ ذكرها يكذّب نفسه فيقول إنّ الألـمان لا يهمهم أمر السياسة وإنهم رجال عائلة فقط ومعظم اهتمامهم بالأمور الاقتصادية فقط. وقد استشهد على ذلك بكتابات بعض الـجرائد الألـمانية التي تقول «نحن في برليـن أو في هانوفر أو في ليبسغ أو أي مكان آخر نشعر بضائقة اقتصادية عظيمة سببها وجود الفرنسيس في الروهر. نحن ندفع أثماناً باهظة للحصول على الـخبز والزبدة واللحم لأن الفرنسيس في الروهر.» وفي اعتقاد الكاتب أنه لـمّا كانت هذه كتابات بعض الـجرائد الألـمانية «لم يعد عند الألـمانييـن شيء من الوطنية في مسألة الروهر أكثر مـما عند الـمستر بالدوين في نظره في هذه القضية.»


ومن الأدلة التي استشهد بها بول بار في مقالته الآنفة الذكر لتأييد نظريته القائلة إنّ ألـمانية ليست دولة ولا أمة، أنه قابل كاتباً سياسياً نـمسوياً «محنكاً» قال له «إني كنت سابقاً أعتقد بوجود أمة ألـمانية راسخة في الوطنية، أما الآن فقد انتبهتُ إلى أني كنت مخطئاً. فالوطنية الألـمانية الـماضية حادث غير طبيعي بل هو أمر صناعي. إنها ابتدأت مع غايث [Goethe غوته] تهذيبياً وخلقت بواسطة بسمارك سياسياً وبلغت درجتها القصوى من الكمال بالـجهد الذي بذله معلمو الـمدارس وأساتذة الـجوامع الولهلمية. ولكنها لا قاعدة لها، إذ لو كان الأمر كذلك لكانت مسألة الروهر هذه قد ألهبت قلوب كل الألـمانييـن من الألب حتى البحر الشمالي. بيد أنها لم تلهب قلب أحد إلا اثنيـن أو ثلاثة من الشبان الـخيالييـن...»


الأدلة الـمتقدمة هي أهم البراهيـن التي استند إليها الكاتب الإنكليزي ليبيّـن أنّ ألـمانية ليست دولة ولا أمة، وهي أدلة لا تفيد شيئاً في معنى الدولة أو الأمة خصوصاً في البلاد الألـمانية التي يفتك الـجوع اليوم بألوف من أهلها فتكاً ذريعاً. وهي في الوقت الـحاضر يتنازعها عاملان وتتجاذبها ناران هما العداء والاضطهاد الـخارجيان والـجوع الداخلي. وإذا كانت الـجرائد الألـمانية أو بعضها تقدِّم أمر الـجوع على أمر الاضطهاد فبداهة لا تـحتاج إلى كبير فلسفة لأن الـجوع خطر مداهم سريع العطب، أما العداء فأمر يحتمل التقديـم والتأخير. وفضلاً عما تقدم، فإن ألـمانية لم يـمكنها القيام في وجه أعدائها حالاً وسريعاً لسببيـن: أولهما فقدان وسائل الـمقاومة الآلية بعد النكبة التي حلت بها، وثانيهما وهو الأهم، التأثير السيّىء الذي كان لا يزال راسخاً في عقول العالم من جراء السعاية التي قام بها الـحلفاء أثناء الـحرب وتصويرهم ألـمانية بأقبح الصور، الأمر الذي يـمنعها من التظاهر بأقل استعداد ولو دفاعي إلى أن يكون العالم قد وقف على جلية الأمور السياسية.


لا يعلم مبلغ مصيبة الـجوع الـحالّة الآن في البلاد الألـمانية إلا من ذهب إلى هناك وشاهد عياناً الأهوال التي تقاسيها العائلات الألـمانية بسبب الـجوع. فقد ذكر أحد الـمراسليـن الـخبيرين في برليـن أنّ العامل البطال في ألـمانية الذي يعيش الآن على موارد الـحكومة الألـمانية الأخيرة يتناول إذناً بأخذ رغيف واحد في اليوم، وأنّ نتائج هذه الـمجاعة على صحة الأولاد لا تقلّ عن أي تقدير يضعه العاقلون. وقد برهنت الإحصاءات الأخيرة على أنّ كل طفل من عشرة أطفال في برليـن يذهب إلى ملجأ. لو جاءت هذه الأمور على الشعب الألـماني فجأة أو دفعة واحدة لكانت النتيجة الـمحتمة لها حدوث ثورة دموية هائلة، أما وقد أتت الـمصائب تدريجياً فإنها قد أضعفت الشعب ضعفاً شديداً حتى لم تبقَ له قوة تـمكنه من الثورة. ولقد ذكر أحد معلمي الـمدارس لأحد الكتّاب أنه يوجد بلدان في ألـمانية بيـن كل أربعة أولاد من أولادها يوجد ولد مصاب بالتدرُّن، وأنّ هؤلاء الـمصابيـن سيعدون الآخرين في الوقت القريب لأن كل واحد لا يتمكن من غذائه الكافي.


ليس عجيباً بعد هذا أن نرى بعض أقسام الدولة الألـمانية يريد الانفصال عن جسم الدولة، لعله بهذا الانفصال تخف وطأة أحماله. ولكن العجيب الغريب في الأمر أن تبقى ألـمانية إلى الآن واقفة بعضها إلى بعض كالبناء الـمرصوص رغماً من كل التسهيلات التي تقدمها فرنسة لكل الأقسام التي ترغب في الانفصال حباً بتمزيق وتفكيك وحدة ألـمانية السياسية التي كانت قبل الـحرب الـمثال الأعلى في النظام السياسي في أوروبة. وقد قام حتى الساعة زعماء كثيرون يريدون فصل الرين عن جسم ألـمانية، ولكنهم رغماً من كل مساعيهم ومن مساعدة الفرنسيس لهم لم يفوزوا بشيء مـما رموا إليه واحتقرهم مواطنوهم احتقاراً شديداً وقتلوا بعضهم. وهناك أيضاً مسألة سيليسية فإن اقتطاعها وإعطاءها إلى بولونية لم يتم إلا بالقوة والاغتصاب.


كل ما تقدم ليس إلا شؤوناً سياسية وتقلبات وقتية لا تفيدنا كثيراً في تقرير ما إذا كانت ألـمانية دولة وأمة أم لا. فهل ألـمانية دولة وأمة؟ سؤال يتناول وجهات متعددة ويفيد معانٍ مختلفة منها: هل هي كذلك عنصرياً فقط، أو هل هي أمة بالـمدنية فقط، أو هل هي أمة من هاتيـن الوجهتيـن كلتيهما؟ وإني لسوء الـحظ لا أتـمكن الآن من الـجواب على ذلك كما أحب، ولكني أقدر أن أقرر شيئاً يفيد أنّ ألـمانية دولة وأمة دون أن ألـجأ إلى العلوم الأنثروبولوجية والأثنولوجية والأرخيولوجية، ولا أن أبحث في الأصول العنصرية التي كيَّفت الألـمان، بل بالاستناد إلى حقائق فلسفية تغنينا عن كل العلوم الـمتقدمة في هذا البحث الـمختصر.


متى اضطرت الشؤون الاقتصادية والسياسية والـمصالح العمرانية والاجتماعية شعباً أو شعوباً إلى الاتـحاد والتضامن وإنشاء حكومة واحدة تنظر في تلك الشؤون والـمصالح وتعمل في سبيل ترقيتها وصونها، أصبح ذلك الشعب أو الشعوب دولة وكان هذا العمل تكوين دول. فإذا أقريّنا هذه النظرية الـمبرهن عليها، هان علينا إثبات أنّ ألـمانية دولة. فألـمانية سواء كانت أمة واحدة أو أمـماً متعددة دولة بكل معنى الكلمة، وهي لا بد لها من أن تكون كذلك وسط هذا التطاحن العالـمي الذي لا مثيل له.


كانت ألـمانية في الـماضي دولاً وإمارات متعددة وكانت إيطالية كذلك، بيد أنّ ذلك لم يكن إلا نتيجة النظام الاقطاعي الذي لم تكد تسلم منه دولة واحدة من دول أوروبة.

ومهما كانت الأسباب التي بعثت على توحيدها على الكيفية الـحاضرة بعد الـحروب الهائلة التي أصلاها إياها نابوليون، فإن هذا الاتـحاد أمر ضروري لصيانة مصالـحها والـمحافظة على الـحقوق التي يـمكن التمتع بها متى كانت دولة من الطراز الأول كما هي على عهد اتـحادها. ولئن تكن هي قد فقدت هذه الـحقوق بعد الـحرب فإنه يظل في إمكانها، ما زالت متحدة، استردادها. أما إذا قضت الـحال أن تتبعثر ألـمانية دولات صغيرة لا حول ولا طول لها، فإن حياتها الاقتصادية والسياسية تصبح في ذلك الوسط الأوروبي عبارة عن كدح وكد وأتعاب مرّة واحتمالات شديدة وتضاؤل هو، بعد ذلك التألق وتلك الرفعة، يحزن قلب كل ألـماني.


وإذا أضفنا إلى الـحقائق الـمتقدمة حقيقة أخرى جوهرية وهي أنّ ألـمانية أمة كما سنبيّـن ذلك، لم يبقَ لها مناص من أن تكون دولة واحدة حتى في حالة الانقسام.
أما كيف أنّ ألـمانية أمة فظاهر في أميال الألـمان الاجتماعية وأحوالهم التهذيبية وتصرفاتهم الأخلاقية وتأملاتهم الروحية. فكانْت وغايث وشلر الـمثال الأعلى لتفكير الألـمان ولهم الـمقام الأسمى في قلوبهم، وهم الرُبط الاجتماعية والتهذيبية والروحية التي تربط كل الألـمان وتـجعلهم أمة واحدة تستمد ارتقاءها ومدنيتها من وحي فلاسفتها وشعرائها. وإذا كان لا بد من إدخال الوطنية في حياة الأمـم، فللأمة الألـمانية أناشيدها وأغانيها الوطنية. وإذا كانت الوطنية الألـمانية هاجعة اليوم بسبب الويلات والـمحن التي حلّت بالبلاد الألـمانية بعد الـحرب، فليس ذلك دليلاً على أنّ لا وطنية للألـمان، بل إنّ هذه الوطنية ستستيقظ عند أول انتعاش تناله ألـمانية لتعيد إلى البلاد عزها ورخاءها القديـميـن اللذين يؤهلانها لأن تكون عضواً عاملاً مفيداً في جسم الإنسانية.


الاشتراكية والديـموقراطية والـجمهورية والـملكية ليست إلا مذاهب ونظريات لها أحزاب في كل بلاد، لذلك لا يـمكن أن يكون وجود مثل هذه الأحزاب في ألـمانية دليلاً على أنّ ألـمانية ليست أمة. فالـمذاهب والنظريات والـمبادىء لها دخل في حياة كل أمة حية من أمـم العالم لأنها أقسام من عقول البشر الـمفكرين كلهم مجموعة، فلا يـمكنك أن تنفيها من أمة ما إلا إذا نفيت وجود عقول مفكرة في تلك الأمة.


بناءً على هذه النظرية لا يـمكنك أن تقول إنّ ألـمانية ليست أمة لأنه يوجد فيها مذاهب ونظريات ومبادىء. ولا يـمكنك أن تـحكم بذهاب أو انحياز سكسونية وهي مقاطعة ألـمانية إلى روسية لأن روسية اشتراكية، والـمبدأ الغالب في سكسونية الاشتراكية. فالاشتراكية مذهب عالـمي غير مختص بروسية ليترتب على من قبِلَه أن يصبح روسياً. والـحقيقة أنّ ألـمانية أحق بـمذهب الاشتراكية من روسية لأن ماركس أب الاشتراكية ألـماني، ومثل الاشتراكية الـمذاهب والـمبادىء الأخرى كالديـموقراطية والأرستوقراطية وغيرهما.


إنّ ألـمانية أمة كبيرة عظيمة، ولئن تكن السياسة قد قطّعت أواصر دولتها الاتـحادية فإنها لا يـمكنها أن تقطّع أواصر وحدتها الاجتماعية. وستبقى ألـمانية أمة ما بقيت الأمـم. فإذا حدث أمر يفيد عكس ذلك كالانفصال والاتصال والنزعات وغير ذلك، كان ضرباً من التقلبات الوقتية التي لا تـمسّ جوهر الأمة. وإننا نذكر هنا حادثة تثبت ما ذكرناه وهو أنه بعد انتهاء الـحرب الأخيرة بزمن قصير حدث في النمسة، وهي تؤلف جزءاً من الأمة الألـمانية، تصويت للانضمام إلى ألـمانية وتأليف وحدة ألـمانية عامة، فكانت الأكثرية الساحقة في جانب هذه الفكرة، ولكن الـحلفاء خشوا من وراء ذلك ما لا تـحمد عقباه، فأبطلوا التصويت ومنعوا الاتـحاد.

 

أما مسألة أنه ما زالت ألـمانية دولة وأمة فإنها تظل تشعر أنها مضطهدة ومنكودة ولا بد لها من أن تعمل على الانتقام من مسببي ذلك الاضطهاد والنكد، فأمرٌ كانت ألـمانية وكان العالم كله في غنى عنه. ولكن التعاسة التي تعانيها ألـمانية اليوم ليست بالشيء الهيّـن، فإذا تـمكنت يوماً ما من الانتقام من العامليـن على اضطهادها ومسببي تعاستها لا تكون هي ملومة على الإطلاق، بل تكون قد فعلت ما يخوّلها الشرع وناموس الـحياة فعله في مثل هذه الظروف.
 
أنطون سعاده
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro