مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
مباحث عمرانية نظام الحكومات
 
 
 
الـمجلة،سان باولو،السنة 10، الـجزء 8، 1924/9/1
 

​لا يُغتفر اليوم لأحد، عالِـماً كان أو بسيطاً، أن يجهل تركيب الـحكومات الراقية ونظامها. فكل واحد من الناس يعتبر نفسه واحداً من الـمجموع الذي ينتمي إليه، يجب أن يكون على بيّنة من أمر الـحكومات التي يطالع أخبار مناقشاتها البرلـمانية وانقسامات أحزابها السياسية لكي يتمكن من فهم الشؤون الدولية الأولية التي لا غنى لكل من يريد أن يعيش ويسير في النور عن معرفتها، لـما لها من التأثير في حياة الشعوب والأمـم الاستقلالية.


ومتى كانت أمة قائمة بنهضة استقلالية جديدة مثلنا نحن السورييـن، كان من أهم واجباتها أن تُعنى بدرس نظام الـحكومات الراقية الذي يختلف باختلاف الشعوب والبلدان. وقليلون منا يدركون أنّ نظام الـحكومات، جمهورية كانت أو ملكية، يختلف في البلاد الواحدة عن غيرها من البلدان. لذلك رأينا أن نأتي في هذا العدد على تركيب أهم الـحكومات التي هي في مقدمة حكومات العالم.

 

الـحكومـة البريطانيـة
رأس الأمبراطورية البريطانية هو «الـملك والأمبراطور الـحاكم». ولكن كتاب السياسي السنوي، الذي نستند إليه في تدوين هذه الـحقائق، يفيدنا أنّ السلطة التشريعية العليا منوطة بـ «البرلـمان». فالرئيس الـحالي الـحقيقي للحكومة البريطانية هو رئيس الوزارة. ورئاسة الوزارة بـمعناها الـحالي ليست من الـمناصب القديـمة في نظام الـحكومة البريطانية. بل هي، كما يقول الشريف كليف بغهان في كتابه رؤساء وزارات بريطانية، نظام جديد عصري. ففي زمن الـملوك النورمانييـن وسواهم كان الـملك نفسه يدير حكومة البلاد بـمعاونة ونصائح مجلسه. ويقول صاحب الكتاب الـمشار إليه بشأن النظام الـحالي ما يأتي:


«إنّ رئيس الوزارة، فضلاً عن كونه قائد الـحكومة ومجلس التشريع الذي فيه كرسيه، هو بصفة تكاد تكون دائمة قائد أحد الأحزاب السياسية الرئيسية أو قائد قسم منه.

وهذا يعرض [يفرض] عليه واجبات تتميز تـماماً عن واجبات مجلسه. لذلك لا يندر أن تتعاكس الفكرتان. فمن الوجهة الواحدة هو القيّم على مبادىء معاضديه الذين ساعدوا على وضعه في الـمركز الذي هو فيه، والذين هم وحدهم يتمكنون من إبقائه فيه. ومن الوجهة الأخرى هو الـمسؤول أمام التاج عن إدارة الـمسائل العمومية. فإذا نقض هو الثقة الـموضوعة فيه من أحد هذين الفريقيـن يجب أن يقدّر الثمن الذي يدفعه... يوجد مركز واحد يتمكن رئيس الوزارة من تثبيته لنفسه إذا قام هو بـما عهد إليه بأمانة وهو الـمركز الأول بعد ملكه من الاعتبار في أعيـن مواطنيه. وهذا إذا تـمكن هو منه ينكر عليه دائماً، وإن يكن هنالك بعض من بلغوا تلك الدرجة من الـمحبة التي تظهر في الكنايات الوطنية مثل «بيلي بت» و«الدوق» وغير ذلك.»


يتألف البرلـمان من مجلسي التشريع وهما مجلس اللوردات ومجلس العموم. ومدة التئام البرلـمان السنوية كانت سابقاً بيـن منتصف شهر فبراير/شباط ومنتصف شهر أغسطس/آب. ولكن منذ سنة 1914 أصبحت جلسات البرلـمان لا تنقطع إلا في فرص قصيرة. كل جلسة يجب أن تنتهي بإعطاء فرصة، وكل التقارير التي لم يصادق عليها في الـجلسة يجري البحث فيها مرة أخرى بعد الفرصة.


والبرلـمان يُفضّ إما عملاً بـمشيئة الـملك وإما أثناء العطلة بناء على استدعاء، وهو الأكثر حدوثاً، وإما بعد انتهاء الـمدة. والـمدة القانونية لبقاء أي برلـمان لا تزيد على خمس سنوات. ويتألف مجلس اللوردات من الأمراء والأشراف الذين يحفظون كراسيهم: أولاً بحقوق الوراثة، ثانياً بإنعام الـملك، ثالثاً بالأهلية للمجلس، اللوردات القانونيون ورؤساء الأساقفة الإنكليز (2) والأساقفة (24). رابعاً بالانتخاب لـمدة الـحياة، أشراف إيرلنديون (28). خامساً بالانتخاب لـمدة البرلـمان، أشراف اسكوتلنديون (16). والـمجلس بكامله يتألف من 740 عضواً، ولكن قوة التصويت تكون نحو 720.


أما مجلس العموم فيتألف من أعضاء يـمثلون الولايات والـمقاطعات 

ومنتخبي الـجامعات. وما نعلمه هو أنه لا يجوز لـمن هو دون الـحادية والعشرين أن يكون عضواً فيه. ويحرم من حق العضوية في هذا الـمجلس خَدَمة الدين من الكنيسة الإنكليزية وقسس الكنيسة الاسكوتلندية وخَدَمة الكنيسة الكاثوليكية. ويُحرم أيضاً من هذا الـحق مقاولو الـحكومة ومأمورو الأحكام الـمدنية والضباط الـمعادون إلى الأماكن التي يقومون بواجباتهم فيها. ولا يـمكن أن يُنتخب شريف إنكليزي أو اسكوتلندي لـمجلس العموم، ولكن الأشراف الإيرلندييـن غير الـممثليـن يصلحون لذلك.

ومنذ سنة 1918 صار يحق للنساء الدخول في عضوية هذا الـمجلس. والـمرأة الأولى التي صارت عضواً فيه نالت كرسيها في ديسمبر/كانون الأول سنة 1919.

 

الـحكومـة الفرنسيـة
رأس الـحكومة الفرنسية هو رئيس الـجمهورية. بيد أنّ شريعة الدستور تضع السلطة التشريعية في مجلس النواب ومجلس الشيوخ اللذين يتألف منهما البرلـمان، والسلطة التنفيذية في رئيس الـجمهورية والوزارة. والأهم في الـحكومة الفعلية هو رئيس الوزارة. يُنتخب رئيس الـجمهورية لـمدة سبع سنيـن بأكثرية ساحقة من مجلس الشيوخ ومجلس النواب متّحِدَين في مجمع وطني. ويقوم رئيس الـجمهورية بإعلان القوانيـن الـمصادق عليها من الـمجلسيـن ويضمن تنفيذها، ويقوم أيضاً بانتخاب وزارة من الـمجلسيـن يوكل إلى كل وزير منها دائرة من دوائر الـحكومة مثل الشؤون الـخارجية والداخلية والعدلية والـحربية، الخ. ويـمكن رئيس الـجمهورية أن يطلب مثلاً وضع قائد حربي في وزارة الـحربية وأميرال في وزارة البحرية، في حيـن أنه قد ينتخب رجلاً مدنياً ليكون وزير الـخارجية. كل وزير مسؤول أمـام الـمجلسيـن عن الأعمال التي يقوم بها. والوزارة كلها مسؤولة عن السياسة العامة التي تسير بـموجبها الـحكومة.

ا يـمكن رئيس الـجمهورية أن يعلن حرباً بدون موافقة الـمجلسيـن. وكل عمل يقوم هو به يجب أن يكون مصادقاً عليه من وزير ما. ولكن يـمكنه بعد موافقة مجلس الشيوخ أن يحلَّ مجلس النواب. وعندما يخلو كرسي الرئاسة، ينتخب الـمجلسان مجتمعيـن رئيساً جديداً. رئيس الوزارة هو الذي ينتخب الوزراء الذين يرافقونه بالاتفاق مع رئيس الـجمهورية. أما فيما يختص بانتخاب النواب والشيوخ فنأخذ عن كتاب السياسي السنوي ما يأتي:


يُنتخب مجلس النواب لـمدة أربع سنوات بتصويت من الرجال. وكل فرد بالغ من العمر الـحادية والعشرين وليس حالاً في الـخدمة الـجندية، ويتمكن من إثبات الإقامة مدة ستة أشهر في بلدة أو ولاية وليس من الذين لا صلاحية لهم، له حق في التصويت. والنواب يجب أن يكونوا من الرعايا البالغيـن لا أقلّ من الـخامسة والعشرين من العمر، وعددهم الكامل 577 نائباً.


أما مجلس الشيوخ فيتألف من 314 عضواً منتخبيـن لـمدة تسع سنيـن من رعايا بالغيـن من العمر أربعيـن سنة، يرتاح الثلث الواحد منهم كل ثلاث سنوات. ولا يكون انتخاب الشيوخ مباشرة بل بواسطة هيئة انتخابية مؤلفة أولاً: من وفود الـمجالس البلدية لكل «كومون» على نسبة عدد السكان، وثانياً من النواب والـمستشارين العاميـن والـمستشارين الـمحلييـن في الدائرة. وزيادة على الشيوخ الذين ينتخبون على هذه الكيفية، ينتخب بـموجب شريعة سنة 1875، سبعة وخمسون شيخاً لـمدة الـحياة ويكون انتخابهم بواسطة الـمجلسيـن معاً. ولكن مجلس الشيوخ أصدر قراراً في سنة 1884 يقضي بأن يـُملأ الفراغ الذي يحدث بيـن الشيوخ الـمنتخبيـن لـمدة الـحياة بانتخاب شيوخ عادييـن لـمدة تسع سنوات فقط، والدائرة التي يحق لها نوال الكرسي الفارغ تعيّـن بالقرعة. ويُحرم من الـجلوس في أحد هذين الـمجلسيـن أمراء الـحكومات الـمخلوعة. ولفرنسة نظام خاص بإقامة مجلس ثالث هو مجلس الشورى الذي ابتدأ منذ أيام نابليون الأول. ووظيفة هذا الـمجلس هي أن يُبدي آراءه في الشؤون الإدارية ويُعِدّ القوانيـن والقواعد للإدارة العمومية.

 

حكومـة الولايـات الـمتحـدة
تتشابه الـحكومات الـجمهورية من حيث القصد منها، ولكنها تختلف من حيث الأساليب. حكومة الولايات الـمتحدة حكومة جمهورية مثل حكومة فرنسة، ولكنها تختلف عن هذه قليلاً في الصلاحيات والتشكيل. رأس حكومة الولايات الـمتحدة هو رئيس الـجمهورية، وهو القائد الـحقيقي للحكومة إذ له من السلطة واتساع الصلاحية ما يعادل سلطة وصلاحية رئيس الوزارة في البلدان الأخرى. وأعباء الـحكومة ملقاة على الرئيس ومجلس النواب والـمجلس الأعلى، وهذان الـمجلسان يقابلان مجلس النواب ومجلس الشيوخ في فرنسة، ويختلفان عن هذين قليلاً في كيفية الانتخاب. يُنتخب رئيس الـجمهورية من مصوتي البلاد. وفي الولايات الـمتحدة اليوم ثلاثة أحزاب، وهم الـحزب الـجمهوري والـحزب الديـموقراطي والـحزب الـحر، وهذا الأخير نشأ في هذه السنة. وكل من هذه الأحزاب يرشح رجليـن من قِبله الواحد لرئاسة الـجمهورية والآخر لنيابة الرئاسة، ثم يجري التصويت في كل البلاد. والـحزب الأقوى والـمرغوب أكثر هو الذي يربح مرشحاه. والانتخاب في الولايات الـمتحدة غير مباشر.

 

يقوم رئيس الـجمهورية بأعباء إدارة الـحكومة تبعاً لـمساق حزبه الذي ائتمنه وانتخبه. ولكنه لا يتمكن من تنفيذ مسألة من الـمسائل الدقيقة كمسألة إعلان الـحرب وما شاكل إلا بعد مصادقة الـمجلسيـن. وينتخب الرئيس لـمدة أربع سنوات وهي مدة الـحكومة. والوزارة في الولايات الـمتحدة هي كغيرها من الوزارات في البلدان الأخرى.
 
الـحكومـة الألـمانيـة
بناء على تنازل الأمبراطور الألـماني في 9 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1918، أصبحت ألـمانية جمهورية يرأسها رئيس الـجمهورية الذي ينتخب من الشعب الألـماني كله لـمدة سبع سنوات. والرئيس الأول للجمهورية الألـمانية هو فريدريك أبرت الذي تنتهي مدة رئاسته في 30 يونيو/حزيران سنة 1925. وللحكومة الألـمانية مركزان رئيسيان آخران هما الـمجلس الـمسمى «ريخشتاغ»، وهو مجلس متشرعيـن منتخبيـن بصورة عامة، ومجلس شورى الأمبراطورية أو ما يسمونه «ريخشرات» تـمثل فيهما البلاد من مختلف ولاياتها ومقاطعاتها. وكل التقارير التي ترسل إلى الريخشتاغ يجب أن يكون مصادقاً عليها من الريخشرات. ومـما جاء أيضاً في كتاب السياسي السنوي أنّ مبدأ «الرفرندوم»، أو رسالة السفير، منصوص عليه في القانون الأساسي أنّ كل الألـمان متساوون أمام الشريعة. ويزيل كل الامتيازات أو عدم الصلاحيات في الوراثة أو الطبقة أو الـمعتقد. وحرية الـخطابة والصحافة مضمونة وكذلك حق الاجتماعات. وأعضاء الـمجلس التشريعي أو الريخشتاغ ينتخبون لـمدة أربع سنوات بتصويت عمومي متساوٍ مباشر سري من الذكور والإناث على الطريقة النسبية. ومسألة إعلان الـحرب وتصديق السلام يعمل فيها بـموجب قانون من الـجمهورية. والوزارة التي يعهد إليها العمل رئيس الـجمهورية يجب أن تـحصل على مصادقة الريخشتاغ.
 
يتألف الريخشرات من 66 عضواً (لبروسية 26، ولبافارية 10، ولسكسونية 7، ولفورتـمبرغ 4، ولبادن 3، وللولايات الأخرى 16). والريخ أو الأمبراطورية تتألف من 18 ولاية. ويوجب القانون الأساسي على كل ولاية داخلة في الاتـحاد أن يكون لها دستور جمهوري يجعل التصويت عاماً متساوياً مباشراً سرياً بـملء حرية الذكور والإناث وعلى الطريقة النسبية. وفضلاً عما تقدم فإن القانون الأساسي للجمهورية يجعل العلاقات الـخارجية والدفاع الوطني والرسوم والضرائب وأعمال الـخطوط الـحديدية مسائل من شأن الـحكومة الاتـحادية.
 
أنطون سعاده
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro