مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
نتيجة مهمة لافال في واشنطن «فوز النظرية الفرنسية يزيد الموقف العام تحرجاً»
 
 
 
اليوم، دمشق، العدد 24/76, 1931/11/8
 

يرى المطالع، في غير مكان من هذا العدد، صورة البيان الرسمي الذي أذيع في واشنطن ليكون خاتمة لزيارة السيد لافال رئيس الوزارة الفرنسية السيد هوفر رئيس الولايات المتحدة.


والمطالع محمول، بواسطة البيان المشار إليه، على الاعتقاد بحسن نتيجة مهمة لافال التي ذهب إلى الولايات المتحدة من أجلها. وإذا قُدِّر للمطالع أن يقرأ الصحف الفرنسية، ثبت لديه أنّ النتيجة جاءت على أفضل ما يرام. وهي الحقيقة التي كنا نضطر إلى قبولها لو كنا فرنسيين أو لو كنا ننظر إلى الأمور وعلى أعيننا نظارات فرنسية، ولكن بما أننا سوريون فإن نظرنا إلى شؤون العالم يجب أن يكون من وجهة سورية مستقلة. لذلك نضطر هنا إلى تحليل البيان الرسمي المشار إليه تحليلاً يزيل الزبد ويظهر الصريح.


وأول ما نريد أن نثبته، بهذا الصدد، هو الفشل التام الذي انتهت به مهمة لافال في الولايات المتحدة من حيث القضايا العالمية العامة. فإن لافال وهوفر قد اقتصرا على بحث هذه القضايا الخطيرة «تحت نور واحد»، وذلك يعني أنهما اقتصرا في الأمور التي تناولتها أبحاثهما على اعتبار مصلحة بلاديهما فقط، لا على اتخاذ المصلحة العامة التي تهمّ العالم أجمع، أساساً للنظر إلى الأمور تحت مختلف الأنوار ومن جميع الوجوه، كما هو المطلوب، للخروج بالعالم من أزمته الحاضرة، ولوضع خطط تكفل الرضى العام الذي لا يمكن الحصول على التعاون العام بدونه.


تقول الصحف الفرنسية إنّ مهمة لافال في الولايات المتحدة قد انتهت بفوز. ونقول نحن إنّ نتيجة تلك المهمة كانت فشلاً باهراً. وكلانا على حق في ما يقول لأن الصحافة الفرنسية التي تعبِّر عن رأي الحكومة الفرنسية والوطنيين الفرنسيين لم تنظر إلا إلى النقط الثلاث التي أقرّتها محادثات واشنطن وهي: الاحتفاظ بالقيمة الذهبية، والموافقة على النظرية الفرنسية فيما يختص بتحديد السلاح والضمان، والاحتفاظ بمشروع يونغ فيما يتعلق بالتعويضات. وفي هذه النتيجة فوز المصلحة الخاصة التي تهمّ فرنسة. أما نحن فقد نظرنا إلى الشؤون الكثيرة التي تتطلب الحل في جانب المصلحة العامة وهي الشؤون التي لم نجد لها أثراً في البيان الرسمي ولا في تصريحات السياسيين الذين اشتركوا في محادثات واشنطن. اللهم إلا تصريح السناتور بوراه الذي قلنا رأينا بشأنه في مقال متقدم (ص 280-282 أعلاه) في هذه الجريدة.


في عدد الطان الصادر بتاريخ 27 الشهر الماضي وردت هذه العبارة: «إنّ فرنسة تخرج من هذه المحادثات بين فرنسة وأميركة الشمالية وهي أقوى مما كانت عليه قبلها.»


وعبارة الطان تؤيد كل التأييد ما ذهبنا إليه من فشل مهمة لافال وهوفر فيما يتعلق بالقضايا الأساسية التي تتوقف عليها حياة أمم كثيرة بينها أمم جبارة لا تسكت على مضض طويلاً.


نعتقد أنه لا يوجد سوى طريقتين لحل القضايا المذكورة: أولاهما طريقة السلم، والثانية طريقة الحرب. والأولى يمكن ابتداؤها بدعوة مؤتمر عام تكون مهمته تسوية جميع الشؤون التي خلّفتها الحرب العظمى وراءها على أساس العدل والمساواة بين الأمم، فيقضي على الفرق بين الغالب والمغلوب، وتزول الحقوق التي اكتسبها الغالب من انتصاره، وتتلاشى الاعتبارات السياسية البحتة المتشبثة بتقديم مصالح الأمم الخاصة على المصلحة المشتركة العامة. وكنا رجونا، في مقال سابق (ص 258 أعلاه)، استعرضنا فيه موقف أوروبة المتراوح بين السلم والحرب، أن تكون زيارة لافال عاصمة الولايات المتحدة بعد زيارة وزير خارجية بريطانية العاصمة الفرنسية، تمهيداً لمؤتمر من هذا النوع، ولا نبالغ إذا قلنا إنّ رجاءنا المتقدم لم يكن إلا مشاركة حقيقية لرجاء الملايين من العالم الرازحين تحت أعباء اقتصادية عظيمة متأتية عن تضارب المصالح السياسية الخاصة الذي يثمّره السياسيون تثميراً مضراً بالمصلحة العامة.


ولكن الفشل الباهر الذي انتهت به مهمة السيد لافال خيبت رجاء العالم بعهد جديد يأتيه بأسباب السلام. وإذا لم تتمكن أمة أخرى من افتتاح هذا العهد الذي أبت فرنسة أن تكون البادئة به فلا يبقى أمام أوروبة إلا الالتجاء إلى الطريقة الثانية، أي طريقة الحرب. وهي الطريقة التي لم تشأ حكومة السيد لافال أن تزيل ضرورة الالتجاء إليها.

فقد أنهت فرنسة استعداداتها للحرب، فجهّزت جيشاً لجباً يفوق جميع جيوش العالم عدة وعدداً، وأقامت على طول حدودها من جهة ألمانية وإيطالية حاجزاً من قلاع الشمنتو والحديد هو أشبه شيء بالسور الصيني الذي كان يحيط قديماً ببكين. وسوّت مصالحها الخاصة التي تدور عليها مطامعها بواسطة السلم، وتركت الأمم الأخرى تتخبط في قيود عظيمة قيّدتها بها معاهدة الصلح وفي معضلات لا سبيل إلى حلها إلا بالحرب.


لم تكتفِ فرنسة بالتحصينات الحربية المشار إليها، بل حاولت القيام بتحصينات سياسية وأدبية أيضاً. فهي تريد ضماناً سياسياً كافياً ترتاح معه إلى تحديد سلاحها، وترمي إلى اتخاذ المعاهدات التي في مصلحتها قوة أدبية تستعملها ضد أعدائها. وتبشرنا الصحف الفرنسية بأن نظرية فرنسة فيما يتعلق بتحديد السلاح والضمان قد فازت لدى السيد هوفر رئيس الولايات المتحدة.


هذه هي النتيجة الباهرة لمهمة السيد لافال في الولايات المتحدة!
فالمهمة المذكورة قد فازت بتعزيز مركز فرنسة وفشلت في إعداد طريقة السلام.

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro