مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
​مشاكل الإمبراطورية البريطانية تفاقم الثورة في قبرص
 
 
 
اليوم، دمشق، العدد 87/22،34/11/1931
 

تـجتاز الإمبراطورية البريطانية، في الوقت الـحاضر، أزمة عصيبة تهدد كيانها وتنذر بتفكك أوصالها. وقد تزاحمت على حكومة لندن الـمشاكل فلا تكاد تباشر حل مشكلة حتى تقوم غيرها أكثر منها خطراً.


ومـما يزيد موقف الإمبراطورية حرجاً أن يستمر الاضطراب والارتباك في الشؤون الداخلية، فإن حكومة العمال لم تكن حائزة على الأكثرية اللازمة في البرلـمان السابق ولذلك لم يكن في استطاعتها الإقدام على تدابير صارمة والتفكير في إصلاحات أساسية لـحل معضلة العطالة عن العمل، وتقرير التوازن في الـموازنة العامة.

وقد بقيت وزارة مكدونالد السنيـن الـماضية تـحت رحمة الأحرار تارة، والـمحافظيـن تارة أخرى، مرغمة على التساهل مع هذين الـحزبيـن الـمعارضيـن في سياستها الداخلية والـخارجية.


ظن مكدونالد بأن هذا الاضطراب لا يـمكن الـخلاص منه إلا بتأسيس وزارة وطنية تشترك فيها الأحزاب الثلاثة وتعمل يداً واحدة لإنقاذ الإمبراطورية من الأخطار الـمحدقة بها. ولكن رَفَضَ حزب العمال اتِّباع رئيسه في هذه التجربة فتخلّى عن مكدونالد أكثر رفاقه واضطر لإجراء الانتخابات الأخيرة التي انتهت بفوز الـمحافظيـن بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البرلـمان الإنكليزي.


إستلم مكدونالد زمام الـحكم على رأس وزارة وطنية من جميع الأحزاب - ولكن بعد أن هدم كيان حزب العمال الذي قضى الـحياة كلها في سبيل تنظيمه وخدمته، والذي كان حتى الآن يستمد منه قوّته ونفوذه.


من الـمشكوك فيه جداً أن يرضى الـمحافظون ببقاء مكدونالد طويلاً على رأس الوزارة بعد أن أصبحت لهم الأكثرية الساحقة في البرلـمان، ولم يبقَ هنالك ما يـمنعهم من استلام زمام الـحكم وتسيير سياسة الـحكومة حسب رغباتهم.


يتمتع مكدونالد اليوم بصلاحية دكتاتورية نستطيع أن نقول بأنها لن يقدَّر لها البقاء طويلاً لأنها لا تستند على أساس ثابت. وهكذا فإن الاضطراب في سياسة إنكلترة الداخلية سيظل سائداً في الأشهر التالية أيضاً كما كان من قبل.


وتداهم إنكلترة، وشؤونها الداخلية في هذه الـحالة الـحرجة، مشاكل خطيرة في مستملكاتها الفسيحة ما وراء البحار. إنّ الاضطرابات في الهند قد هدأت في هذه الأيام في انتظار نتيجة مؤتـمر الـمائدة الـمستديرة الذي ضعف الأمل كثيراً في إمكان نـجاحه.


ولكن الثورة في قبرص، التي ظن الكثيرون بأنها سوف تخمد سريعاً، قد ازدادت شدة وأخذ أمرها في التفاقم من يوم إلى آخر.


لقد أخطأت الـحكومة الإنكليزية الـجديدة في الرجوع إلى سياسة الإرهاب والتهديد عوضاً عن استعمال الـحكمة والدخول في الـمفاوضة للتفاهم بالطرق السلمية.


ما زالت إنكلترة تدّعي بأنها تـحترم حق الشعوب في إدارة شؤونها بنفسها، وبأنها لا تتأخر عن الاعتراف باستقلال البلاد التابعة لها - بشرط واحد وهو الـمحافظة على مصالح الإمبراطورية الـحيوية في تأميـن سلامة الطريق إلى الهند، فهل حاول الإنكليز التفاهم مع سكان قبرص على هذا الأساس؟ كانت إنكلترة في أثناء الـحرب العامة قطعت على نفسها عهداً بإعطاء جزيرة قبرص إلى اليونان، ومنذ ذلك الوقت وسكان الـجزيرة يطالبون في كل فرصة بتحقيق هذا الوعد متمسكيـن بالوسائل السلمية وحدها، إلى أن نفذ صبرهم أخيراً فانتهزوا فرصة الاضطراب الداخلي في إنكلترة وحراجة موقفها في الـخارج للقيام بالثورة الـمسلحة.


بدأت الثـورة بحـرق دار الـحاكـم وسيارتـه في نيقوسيـة، وكـان على رأس الثــوار بطـريـق [بطريـرك] الـروم في قبرص، الـذي مـا زال يقـود الـحركـة الوطنيـة منـذ بدايتها حتى ألقى الإنكليز القبض عليه، وأرسل في باخرة حربية إلى جزائر الأطلانتيك منفياً.


على أنه رغم وصول النجدات الإنكليزية من مصر وفلسطيـن لم تهدأ الـحال إلا في الـمدن الساحلية قليلاً، بينما أخذت الثورة تتفاقم بشدة في القرى النائية. ولا تزال البرقيات توافينا كل يوم بحوادث الهجوم على مراكز الشرطة ودوائر الـحكومة في القرى والـمدن الصغيرة في جميع أنحاء الـجزيرة.


وقد قامت الصحف اليونانية تدافع عن الثوار وترفع الاحتجاجات الشديدة على الـحكومة الإنكليزية، بل إنّ البعض أخذ يدعو لـمقاطعة إنكلترة وبضائعها.


أما الـحكومة اليونانية فإنها تريد التزام الـحياد التّام في هذه الـمسألة الـخطرة رغم هياج السكان في بلادها.


ولـمّا كان من الـمستبعد أن تتدخل عصبة الأمـم من تلقاء نفسها، بل حتى بعد مراجعة أحد أعضائها في سماع شكاوى القبرصييـن ومطاليبهم الـمشروعة، فإن الأمر لا بد أن ينتهي بتغلب القوات الإنكليزية البحرية والبرية على سكان الـجزيرة الصغيرة الذين حكم عليهم الدهر بالوقوع بيـن براثن الغول البريطاني.

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro