مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
نظرة المؤلف في القصتين
 
 
 
طبعة أولى - بيروت - دار صادر، 1932 | طبعة ثانية - بيروت - منشورات دار الفكر، 1948
 

قصتان

عيد سيدة صيدنايا
فاجعة حب

نظـرة الـمؤلـف في القصتـيـن
 
إنّ الغرض الذي وضعته نصب عيني والقصد الذي رميت إليه حيـن شعرت بدافع داخلي يدفعني إلى تأليف القصص كانا: تصوير حياتنا الشعبية واستخراج دروس قومية واجتماعية منها. بل إني شعرت بدافع يدفعني إلى هذا الغرض وهذا القصد كالدافع الفني الذي حدا بي إلى إنشاء قصتَيْ عيد سيدة صيدنايا وفاجعة حب، أي أنّ الغرض والقصد الـمذكورين لم يكونا هما الدافع الذي حملني على مكابدة الأدب القصصي، ولو كان الأمر كذلك لـما وجدت مبرراً للإقدام على هذا العمل الشاق واتخاذ هذه الـخطوة الـخطرة.
 
بنيت القصة الأولى على مشاهداتي الشخصية في عيد سيدة صيدنايا الـمشهور الذي حضرته للمرة الأولى سنة 1930، فجاءت قصة بسيطة الـموضوع الـحيوي إلا أنها دقيقة الـموضوع الفني، غنية بـمظاهر الـحياة الشعبية. ويرى القارىء أني قد انتخبت لبطولة هذه القصة شخصاً نادراً جهزته الطبيعة بـمزاج قوي وتركّبٍ فيه خلق خاص فهو رجل وحده، مستقل بذاته استقلالاً نفسيـاً يفرده عنـا حتى إننـا كثيـراً ما نسيء اختباره وفهمه، ولكني لم أجتهد أن أجعله رجلاً خارقاً خارجاً عن حدود الرجال الطبيعية أو شخصاً خيالياً يستحيل أن يوجد في عالـمنا هذا أو في محيطنا القومي، بل إني اجتهدت كثيراً في انتقائه من بيئتنا فهو شخص منا وحيّ من أحيائنا، وقد عنيت عناية خاصة بوصف الـمكان والزمان اللذين حدثت فيهما القصة وتصوير الـمظاهر الشعبية التي رافقت حوادثها، فالدروس التي تتضمنها قصة عيد سيدة صيدنايا هي دروس في شخصية أحد أفراد الشعب وفي مظاهر الشعب العادية لا في الـمواضيع النظرية والفلسفية.
 
أما القصة الثانية فهي ذات موضوع حيوي دقيق له علاقة كبيرة بحياتنا الاجتماعية وآدابنا القومية. ويتناول موضوعها كبرى قضايا حياتنا الاجتماعية والقومية العصرية: الصراع بيـن عهد الـخمول وعهد التنبه والنهوض، العراك بيـن الأنانية والـخير العام، بيـن الـمادية الـحقيرة والنفسية السامية، بيـن الـحيوانية والإنسانية، بيـن الرذيلة والفضيلة، وبطلها «سليم» شخص ذو نفس فنية شعرية حساسة إلى الدرجة القصوى، كما بيّنت ذلك في بداءة القصة.
 
ضمَّنْت فاجعة حب انتقاد بعض عاداتنا وتقاليدنا القديـمة ونظرة في بعض نواحي حياتنا الاجتماعية العصرية وبعض الـمسائل النفسية والـمثالية. وقد تناولت فيها، عدا البطل، أشخاصاً آخرين كالسيدة «ك» والسيدة «و» والسيد «ج» وزوجه والشاب ميخائيل والآنسة دعد، واعتنيت كثيراً في انتقاء هؤلاء الأشخاص من مجتمعنا حتى ظهروا بصفات طبيعية لا تكلّف ولا خيال فيها. أما الـحديث الـموسيقي الذي أثبتّه في صدر القصة فهو درس خاص قصدت أن أشرح فيه خلاصة النظرية العصرية الراقية في الـموسيقى وأغراضها. وعسى أن أكون توفقت في ذلك. وأعتقد أنّ نفسية سليم ودعد تـمثّل ظاهرة نفسية جديدة في حياتنا الاجتماعية مختلفة كل الاختلاف عن النفسية البادية في جميع الأشخاص الـمحيطيـن بهما.
 
وقصدي الأول من هذه القصة أن أوضح الـحالة الـمادية الـمسيطرة على عقولنا ونفوسنا حتى أننا نـجبـن عن مواجهة الـحياة الفنّية ونفضل الـخمول على الـمجازفة ببعض راحتنا، ونخاف كثيراً من الوقوع في صعوبات الـحياة ومجابهتها، ولا نشعر أنّ للإنسان قيمة غير قيمته الـمادية. بل إننا دائماً مستعدون لقتل العواطف الـحية من أجل تأمين راحة الـجسد. ورأيت أن أبيـن فيها إغراق مجموعنا في إهمال فضائل كثيرة ضرورية لارتقاء نفسيتنا وعقليتنا ولو أدى إهمالها إلى القضاء على كل أمل لنا بحياة حرة راقية وكل مطلب أعلى تتجه نحوه بصائرنا.
 
ولا أكتم القارىء خشيتي من أن ينحى بعض الكتّاب الانتقادييـن باللائمة عليَّ لـجعلي القصة فاجعة انتصرت فيها الـحيوانية على الإنسانية والرذيلة على الفضيلة، فعاكست بذلك الـمبدأ الذي اتبعه شكسبير في قصته الشعرية التي صدَّرْت فاجعة حب ببيت منها وهو: الـمبدأ القائل بضرورة تأييد الفضيلة وجعلها دائماً وأبداً منتصرة.
والـحقيقة أني أنا نفسي ترددت كثيراً في بادىء الأمر حتى كدت أتبع الـمبدأ الـمشار إليه ولكنني عدت فرجحت النظرية التي عملت بها وهي: أنّ انتصار الفضيلة الدائم في الأدب قد يقلل من أهمية الدعوة إلى نصرتها في الـحياة. ولـما أنعمت النظر في ظروف القصة وجدت الأسباب الروائية الـخاصة بها والأمانة للواقع توجب جعل الـختام على الوجه الذي وضعته، خصوصاً بعد أن درست حالة البطل سليم ووجدت أنه سابق زمانه بعقد أو عقدين من السنيـن على الأقل، فضلاً عن أنّ ظروف الـمحيط والبيئة تـجعل النتيجة التي اخترتها أكثر انطباقاً على الواقع.
 
أرجو أن أكون قد أحسنت انتقاء الغاية وأصبت اختيار السبيل إليها.
الـمؤلف
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro