مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى غسان تويني
 
 
 
صدر عن مكتب الزعيم، 1946/12/13
 

إلى الرفيق العامل غسان تويني،
مفوض مكتب عبر الـحدود في أميركانية - بوسطن - أميركانية

أيها الرفيق العزيز،


يوم السبت الواقع في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الـماضي أقام الرفقاء وفريق من السورييـن الـمغتربيـن في التوكومان عشاءً وداعياً للزعيم، وقد خاطبت الـمواطنيـن في تلك الـمدينة، بـمناسبة وداعي لهم، بـما يجب أن يسمعوه في ما يتعلق بأخلاقهم وعاداتهم وسلوكهم الاجتماعي والقومي وختمته بنصائح لهم لـمستقبل حياتهم. ويوم الإثنيـن الواقع في الثاني من كانون الأول/ديسمبر الـحاضر ركبت وعائلتي القطار عائدين إلى بوينُس آيرس ومغادرين التوكومان نهائياً.


كان الأسبوع الأخير في التوكومان مضنياً بكثرة الأعمال والاستعدادات وبالـحادث الذي تخلله وكاد يكون مصيبة كبيرة لنا عائلياً ولم ينقذنا من ذلك غير حسن التقادير.

وخلاصة الـحادث أنه بينما كنا منهمكيـن أنا وزوجتي والـخادمة وبعض الرفقاء الذين جاؤوا للمساعدة في جمع الأشياء الـمنتقلة وتعبئتها، أتى أولاد صغار للجيران في الـجهة الأخرى من الشارع فخرجت ابنتاي إلى الباب للاجتماع بهم ونحن غافلون عنهم. ثم إنهم اجتازوا الشارع في هذه الغفلة إلى الـجانب الآخر ومعهم ابنتي الصغيرة وعمرها سنتان فقط لم تكن سريعة مثلهم فكانت تسعى في مؤخرتهم فداهمتها سيارة يسوقها رجل يحادث ابنة له تصحبه فيها فصدمتها وألقتها إلى الأرض خابطة رأسها بها ومرت فوقها، ولكن الطفلة وقعت عند متوسط السيارة فلم تطأها العجلات. لم يرَ أحد منا الـحادث ولـمّا سمعنا صراخ أختها وخرجنا إلى الشارع كانت الطفلة منبطحة في الشارع صريعة فأسرعنا إليها ورفعناها وهي في غيبوبة وأسرعنا إلى الأطباء وأقمنا كل الليل ننتظر تطور حالتها، فنامت هادئة والـجليد على رأسها احتياطاً لأي اختلال داخلي عنيف.

 

وفي الصباح استيقظت وتكلمت رغم ورم خدها، وبعد الظهر نهضت ومشت في الـمستشفى وأعلن الأطباء أن لا خطر عليها وأنها لم تصب بغير رضوض سليمة في خدها وجانب رأسها.


وجدت في بوينُس آيرس رسالتك الـمؤرخة في 23 نوفمبر/تشرين الثاني وضمنها سند باسمي من مصرف شوسوط بوسطن إلى الـمصرف الكيمي والترصط في نيويورك. ولم أتـمكن من الاهتمام بالسند في الأيام الأولى بداعي الانتقال وزيارات الرفقاء والأصدقاء للسلام ولوعكة خفيفة ألـمّت بي لـما تعرضت له من تغيّر الإقليم.

وقد ذهبت اليوم إلى مصرف بوسطن القومي في بوينُس آيرس، لأرى هل يـمكن قبض السند هنا فقالوا لي إنّ الطريقة الوحيدة هي أن أودعه عندهم برسم القبض وأنتظر ريثما يرسلون ويقبضون الـمبلغ من الـمصرف الـمعيّـن في أميركانية ويأتيهم الـجواب، هذا بشرط أن يكون لي حساب جارٍ في مصرفهم أو بواسطة شخص آخر يكون له حساب جارٍ عندهم.

 

ولـمّا لم يكن لي حساب جارٍ في مصرف بوسطن الـمذكور ولا في مصرف أميركاني آخر، إذ إنّ حسابي في بوينُس آيرس لم يكن مع غير مصرف الأمة الأرجنتينية، ولـمّا لم أحظَ في الـحال بصديق له حساب جارٍ مع الـمصرف الـمشار إليه رأيت أقصر الطرق أن أعيد إليك السند لتبدّل به تـحويلاً على مصرف في بوينُس آيرس. الصك الذي أرسلته هو لأمري في مصرف موجود في أميركانية وليس على مصرف في الأرجنتيـن، وأي مصرف هنا سيحتاج إلى إرساله إلى أميركانية أولاً لإجراء معاملة تـحويله إلى حسابه، ثم يدفع مبلغه تـحويلاً إما على The First National Bank of Boston في بوينُس آيرس، وإما على The National City Bank of New York في بوينُس آيرس، بدلاً من البنك الكيموي والترصط في نيويورك، وعلى البنك الـمصدّر أن يرسل في الـحال بالبريد الـجوي إلى البنك الـمحوّل إليه في بوينُس آيرس العلم بإرصاد الـمبلغ الـمذكور للبنك الـمحوّل إليه فحينئذٍ يـمكنني قبضه في الـحال بواسطة الـمصرف الذي أتعامل معه أو مباشرة حالـما يصل العلم إلى الـمصرف الـمصدّر هناك.


أول أمس أبرقت إلى الرئيس نعمة ثابت أخبره أنّ القنصلية الفرنسية ستبرق حالاً إلى بيروت في طلب الإذن بإصدار جواز سفر جديد باسمي بدلاً من جواز السفر السابق، وأمس وضعت بنفسي برقية القنصلية في إدارة البرق وأتـمنى أن لا يتأخر الـجواب بسبب استقالة وزارة [سعدي] الـمنلا وانتظار تأليف وزارة جديدة.


غداً مساءً موعد الاحتفال الذي تقيمه بوينُس آيرس و«الـجمعية السورية الثقافية» بـما اصطلحت الإدارة في الوطن على تسميته «يوم الواجب» وأعلنت أنا منذ سنوات أنه يعدّ أيضاً يوم نشوء أو تأسيس الـحزب نظراً لـمغزاه الكبير ولعدم وجود يوم معيّـن تأسيسي للحزب الذي نشأ بالاعتناق التتابعي للعقيدة من قِبل الأفراد وليس باجتماع معيّـن في يوم معيّـن، ولأنّ 16 نوفمبر/تشرين الثاني لا يبعد كثيراً عن تولّد الـحركة في أول السنة الـمدرسية في الـجامعة سنة 1932، وكان قد تقرر تأجيل الاحتفال عن يوم الذكرى عينه إلى 30 الشهر الـماضي لأنه كان يحتمل انتقالي إلى بوينُس آيرس في 28 منه، ثم تأجل إلى الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الـحاضر ليجري بحضوري، وسيحضره عدا القومييـن الاجتماعييـن والـمحبذين عدد من الـمواطنيـن غير قليل وعدد من القومييـن الأرجنتينييـن من دوائر الـحكومة الفدرالية ومن بلدية مدينة بوينُس آيرس.


بعد هذا الاحتفال ببضعة أيام سأنتقل إلى مدينة كوردبة بدعوة من الـمديرية هناك ومن «الـمعهد الثقافي الأرجنتيني - العربي» حيث تقام مأدبة وداعية للزعيم. وسيكون وجودي في كوردبة فرصة لأخذ شيء من الراحة قبل السفر، فالـمدينة هي حاضرة ولاية كوردبة الـجبلية ذات الـمصايف، وبـما أنّ الفصل الآن هو فصل الصيف في الـمناطق الواقعة جنوبي الاستواء فالإقليم موافق لقضاء نحو 15 يوماً في الولاية الـمذكورة يـمكن تخصيص 10 منها للراحة. وعلى هذا لا يكون سفري قبل أواسط الشهر القادم وبالطيارة. وآخر ما يجري في الأرجنتيـن يكون حفلة وداعية في بوينُس آيرس.


من بضعة أيام ورد الـمنفذية هنا كتاب من مكتب عبر الـحدود وفيه أنّ الـحزب يقيم مأدبة على شرف والدك بـمناسبة تعيينه وزيراً مفوضاً في الأرجنتيـن واقتراب موعد سفره، ولكن لا ذكر فيه لـموعد السفر بالذات. ولـمّا كان الـمركز يلحّ بوجوب عودتي حتى أواسط يناير/كانون الثاني على الكثير فقد رأيت محاولة إتـمام الـمعاملة بواسطة القنصلية الفرنسية التي لا تزال قائمة بـمعاملات اللبنانييـن وحدهم الآن إلى أن يأتي مـمثلون رسميون من الوطن، حتى إذا تأخر سفر والدك بسبب تغيير الوزارة أو بسبب آخر لا يذهب الوقت سدى.


سأحاول التعريج على سان باولو، البرازيل، لـمدة 15 يوماً إذا أمكن، أو لأسبوع على الأقل، فإذا لم يحصل مانع كان ذلك مفيداً لهزّ الفرع في البرازيل وتـحريكه وتقوية تنظيمه ولهزّ النزالة السورية هناك. والنتائج التي تنتظر من مغتربينا في البرازيل تفوق كثيراً ما ينتظر من غيرها، نظراً لوجود عدد غير قليل من الذين جاؤوا من الوطن بعد أن تلقّوا دروساً جامعية أو ثنوية على الأقل، ولعل نزالتنا في البرازيل أكثر أهلية للعمل القومي من نزالتنا في أميركانية لأسباب من خصائص وضعها ووضع البرازيل، ولو أنّ أباك عيّن للبرازيل بدلاً من الأرجنتيـن لكان أفضل له ولنا من حيث اعتبار النزالة وتفاوت الدرجة الـمعنوية والـمادية بيـن نزالتنا في الأرجنتيـن والبرازيل، أما من حيث الإقليم والعمران فالأرجنتيـن ترجّح، لأنّ شعبها أبيض والـمزيج من الهنود في الداخل ليس كالـمزيج مع السودان الإفريقييـن في البرازيل الذين جلبهم البرتغاليون عبيداً معهم حين جاؤوا البرازيل مستعمرين واختلط كثير منهم بهم وتراهم منتشرين في مراكز العمران هناك بكثرة.


معلوماتك وملاحظاتك الشخصية في صدد والدك وتعيينه وزيراً مفوضاً في الأرجنتيـن هي من الـمعلومات والـملاحظات الـمفيدة الـحاملة صفة الإخلاص للعمل والغاية الظاهرة في معلوماتك وملاحظاتك السابقة. وإذا عجّل والدك بالـمجيء فقد أجتمع به قبل سفري ومقدار اتصالي به سيكون بقدر ما يرغب، إذا كانت له رغبة، أما أنا فعندي كل الرغبة وكان والدك يبدو لي واحداً من قليل من الشخصيات العاملة في العهد السابق للنهضة القومية الاجتماعية التي يرجى أو يـمكن أن يكون بيننا وبينها اقتراب ما، ولعل إمكانية الاقتراب الآن أقوى من الـماضي.

 

وأما مسألة الوحدة السورية السياسية فموقفي القديـم الصريح منها هو أنّ حدوثها يجب أن يكون على أساس نـتجاح مبادئنا وحركتنا، وليس على أساس أية حركة من الـحركات الرجعية أو الاعتباطية من أية جهة كانت، ويـمكن أن يطمئن والدك إلى أنّ «سياسة الرئيس [نعمة] ثابت» متأثرة كثيراً بسياسة الزعيم وعاملة بالاستمرار بها في خططها العامة الرئيسية، بصرف النظر عما يـمكن أن يكون حصل أثناء التطبيق من النهج الـخاص في الـجزئيات وخطط التنفيذ وأساليبه.

 

ولا يلاحظ في إدارة الأميـن ثابت ونهجه السياسي أي عمل يـمكن أن يعدّ نقضاً لسياسة الزعيم أو ثورة عليها أو خروجاً عنها أو عليها. وكل ما في الأمر أنّ ظروفاً جديدة أوجبت أن يقوم الرئيس ثابت بـمعاونة من حوله وبالاعتماد على رأيه وتـحليله الـخاصيـن بـما رآه موافقاً لـمصلحة الـحزب من غير تغيير للخطط التي رسمها الزعيم، وهذا طبيعي جداً.

وإذا ساعدت الظروف على الاجتماع بوالدك هنا رأى أنّ التفاهم معي والاتفاق ليس أصعب مـما هما مع الأميـن الـجزيل الاحترام نعمة ثابت، وإذا عرّج والدك على أميركانية واجتمعت به قبل قدومه فيحسن، إذا عرضتما لشؤون الـحزب، أن تؤكد له موقفي هذا سواء أكنت باقياً في الأرجنتيـن إلى حيـن قدومه أم لم أكن.


سررت كثيراً بابتداء الـمدرسة السورية وبـمنهاجها الـجيد، وأتأسف للميعان العام في مغتربينا، ولأنّ التقادير اختارت لي هذا الـمغترب الذي أكثر مهاجرينا فيه أميّون وفي حالة انحطاط أخلاقي واجتماعي شديد، فضاعت سنين كثيرة بينهم، إلا قليلاً جداً، فيما هو شبيه بالباطل. ولكن الـحقيقة لا بد غالبة في الأخير، فاعمل ورفقاءك ومعاونيك بالصلابة والـمثابرة اللتين هما صفات بارزة وتقليد نبيل في الـحزب السوري القومي الاجتماعي.


سلامي القومي لك وللعامليـن بإخلاص لنهضة أمتهم ووحدتها ورقيّها.
ملاحظة: جميع الـمسائل الإدارية تـحال إلى مكتب عبر الـحدود ولتحيى سورية.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro