مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى المنفذ العام لمنفذية شاطئ الذهب
 
 
 
صدر عن مكتب الزعيم، 1947/12/8
 

إلى حضرة منفذ شاطئ الذهب العام

الرفيق إبراهيم دانيال

حضرة الـمنفّذ العام الـمحترم،

 

كنت قد وعدت، في كتاب سابق إلى الرفيق رفيق الـحلبي، أن أوجّه رسالة إلى منفذية شاطىء الذهب أظهر لها فيها تقديري العميق لروحية أعضائها القومية الاجتماعية الـممتازة، وللإيـمان الـحي بالعقيدة القومية الاجتماعية والـحركة الفكرية الروحية الـمتولدة عنها، الذي جعل منفذية شاطىء الذهب من دعائم القوة العملية في جهادنا لتحقيق أهدافنا العظمى وقضيتنا القومية الاجتماعية الـمقدسة.

 

لم تـمكنـّي الظـروف بُعيـد عودتـي إلى الوطـن من تـحقيـق تلـك الرغبـة. فقـد داهمنـي، حـال وصولـي، عـراك سيـاسي - حربـي عنيـف استغـرق كـل مجهـودي. وكانت حالة الـحزب الداخلية متفسخة في الدوائر العليا، إذ كانت قد دخلت فيها عوامل شخصية أنانية قوية غير مكترثة بتراث الـحزب وتقاليده وفلسفته التي وضع قواعدها الزعيم وغير مهتمة بالواجب العقائدي والأمانة الفكرية الروحية. فكنت، في الـحقيقة، في معركتيـن: خارجية وداخلية.

 

إنتصرت في الـمعركة الداخلية الأولى أولاً ثم انتصرت، بعد سبعة أشهر نضال، في الـمعركة الـخارجية. وتراجعت الـحكومة اللبنانية واستردت مذكرة التوقيف التي كانت قد أصدرتها ضدي. وقبل تـمام الانتصار الثاني عرض عميد الإذاعة السابق، الـمطرود الآن، فايز صايغ فكرة التوجه إلى منفذية شاطىء الذهب لـجمع مبلغ مالي لـخزينة الـحزب لا يقلّ عن خمس عشرة ألف ليرة استرلينية، كما صرّح في جلسة مجلس العمد بحضوري. فأشرت عليه أن يخابر الـمنفذية في هذا الأمر ويسألها هل ترتأي إرسال رفيقيـن من طائفتيـن معينتيـن، نظراً لـحالة النزالة، وهل الوقت مناسب لغرض الرحلة؟ فكتب ولم أقف على ما كتب وبعد أيام ورد جواب برقي من الـمنفذية يقول إنكم تطلبون وفود العميد نفسه وحده. تـجاه هذه البرقية ترجّح عندي أنّ الـمشروع واضح مهيأ وأنّ الاستعداد لتحقيق غاية الوفد تام، فأذنت للعميد السابق بالسفر مع أني كنت أستشعر في إذاعته الفكرية بثّ أفكار غريبة عن أساس العقيدة القومية الاجتماعية، ولم تكن قد سنحت لي فرصة لدرس مبلغ خطورة الانحراف العقائدي الروحي في الأفكار التي يبثّها، إذ كانت الـمعركة السياسية - الـحربية تشغلني عن كل شيء آخر. ثم فهمت بعد ذهابه أنه كان يسعى لتحقيق تلك الرحلة ليس من أجل الأغراض الـحزبية فقط وليس من أجلها في الدرجة الأولى، بل من أجل مشروع مجلة أو سلسلة منشورات خصوصية يريد نشرها، ومن أجل الدعاوة لـمقالاته والأفكار الغريبة التي يترجمها إلى اللغة العربية عن صاحب مذهب ديني - فردي يدعى كركيغارد وكاتب روسي من الـمذهب عينه يدعى برديايف الذي أضاف إلى الـمذهب عنصر الفوضوية الـمتفلتة من الـمجتمع وحقيقته. وقد عاد الرفيق الـموقوف فايز صايغ يحمل نتيجة مالية قليلة جداً ما كنت أظن أنّ القومييـن الاجتماعييـن عندكم يتأخرون عن أدائها لو كنت أرسلت إليهم نداء إلى ذلك كان يوفر عليهم نفقة رحلة العميد بالطيارة.

 

أما نتائج الرحلة الإذاعية فلم نقف إلا على وصف شفوي مقتضب أدلى به العميد السابق في جلسة مجلس العمد التي عقدت في 4 ديسمبر/كانون الأول الـحاضر لسماع تقرير العميد، وقد اقتصر الوصف على ذكر الـمشاكل الإدارية النظامية كيف حلّت، وعلى ذكر أنه جرت دعاوة لقضية فلسطيـن وأنه شرح للقومييـن الاجتماعييـن خيانة نعمة ثابت ومأمون أياس وأسباب طردهما. ولكننا لم نسمع شيئاً عن النقاط التي جعلها محور كلامه ولا عن تعاليم الزعيم وفلسفتها التي تدفع هذه الـحركة الـمباركة نحو أهدافها العليا. ولعله لم يذكر منها شيئاً، كما هي عادته في كتاباته، حتى ولا حين يقتبس منها.

 

بعد سفر العميد السابق صايغ بأيام قليلة تراجعت الـحكومة اللبنانية أمام ضغط الـحزب وأمكنني العودة إلى النظر في مسائل التوجيه الفكري في الـحزب، فاكتشفت انحرافاً عظيماً عن الغاية الـحزبية ظاهراً في كتابات فايز صايغ وفي صدرها «الهدف» و«القومية الإيجابية». فلما عاد من أفريقية وجّهت إليه كتاباً أستوضحه عن عمله لـمبادىء غير مبادىء الـحزب القومي الاجتماعي فما كان منه إلا ما تصفه النشرة الرسمية في عددها الأخير الـمرفق بهذا الكتاب فأقيل من العمدة وطرد من الـحزب.

 

كان فايز صايغ قد سلّم إليّ في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الـحاضر، ثاني يوم وصوله إلى بيروت، اللوحة العاجية الرمزية الـحاملة زوبعة ذهبية جميلة، التي هي هدية الرفقاء القومييـن الاجتماعييـن في شاطىء الذهب. إنّ هذه الهدية وقعت في نفسي موقعاً عظيماً لأنها أظهرت لي أنّ إيـمان الرفقاء بالزوبعة القومية الاجتماعية وموجدها وموجهها لعظمة سورية وخيرها وخير الـمجتمع الإنساني هو إيـمان حي عظيم، إيـمان يحمل تباشير الانتصار القريب للقضية القومية الاجتماعية الـمقدسة. إنّ تقديري الكبير لهذه الهدية الرمزية يجب أن يصل إلى جميع الرفقاء في شاطىء الذهب الذين تعبّر الهدية عن ثباتهم في إيـمانهم وعهدهم.

 

وقد أخبرنا السيد صايغ عن اعتماد الـمنفذية تقديـم هدية أخرى ضرورية وكبيرة الفائدة، أي سيارة للزعيم فللذين فكروا وساهموا في هذه الهدية شكري وتقديري الكبيرين.

 

وأخبرنا الـمذكور أيضاً أنّ بعض الرفقاء تقدّموا بـمشروع مخزن يستعدّون لوضع رأسمال له يبلغ بيـن ثمانية وعشرة آلاف استرلينية، وأنّ أحد الرفقاء يرغب في فتح مطعم هنا يقدّم رأسماله بنفسه، وأنّ الرفقاء في الـمنفذية يستعدون لتقديـم أي مبلغ مالي كقرض بضمانة الزعيم.

 

إنّ هذه الاستعدادات الروحية العظيمة ذات الإمكانيات العملية الواسعة تشرح صدر الإدارة الـحزبية وتبعث الأمل بحلّ بعض الأزمة الـمالية الـحزبية. وقد أحيل الـمشروعان الأولان إلى عمدة الـمالية وأحالتهما بدورها إلى لـجنة الـمشاريع الاقتصادية للدرس وإعطاء البيان، ولكن العمدة تفتقر إلى معرفة أسماء أصحاب مشروع الـمخزن وصاحب مشروع الـمطعم لتخابرهم أو إلى معلومات من الـمنفذية في هذا الصدد، لأنّ السيد صايغ لم يُدلِ بأكثر من الـمعلومات الشفوية الناقصة ولم يقدّم البيان الـخطي الذي طلب منه. أما القرض فسيدرس على حدة حتى إذا وَََجَدَ أنه يـمكن عقده بنجاح يفكر في عقده وإلا فإنه يترك كإمكانية.

 

إنّ حادث السيد صايغ هو آخر حوادث تنظيف الدوائر العليا في الـحزب من الانحرافات، والالتواءات العقائدية والـمسلكية التي حدثت في غياب الزعيم. إنّ السيد صايغ كان يـمانع في عودتي السريعة إلى الوطن في جلسات الـمجلس الأعلى غير الدستوري الذي تشكّل في غيابي برئاسة الـمطرود نعمة ثابت. وكان من الـمتآمرين سراً على الزعيم وسلطته بعد عودة الزعيم. وسترون من قراءة الكتاب الذي وجّهته إليه أنّ الزعيم لم يتعرض لتآمره ولا لدسائسه الشخصية ولا للدعاوة الطويلة العريضة لنفسه التي سخّر لها أجهزة الـحزب مدة ثلاث سنوات تقريباً، بل اكتفي بـمعالجة الشذوذ عن العقيدة. مع ذلك فإنّ فايز صايغ أبى إلا أن ينضم إلى شركائه السابقيـن في الانحراف والدسائس.

 

إنّ جهادكم، يا حضرة الـمنفّذ العام، وتضحيتكم في سبيل النهضة القومية الاجتماعية ووحدة صفوفها، يجعلكم من الـمشتركيـن في إنشاء هذا التاريخ العظيم، فأوصيكم بالـمثابرة وبجمع كلمة الرفقاء.

 

بلّغوا سلامي القومي وتقديري العميق إلى جميع الرفقاء العامليـن في منفذيتكم بالإيـمان القومي الاجتماعي، واقبلوه أنتم أنفسكم وثقوا بالنصر. ولتحيى سورية.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro