مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى إبراهيم طنوس
 
 
 
1940/8/2
 

رفيقي العزيز إبراهيم حبيب طنوس،


لم أتـمكن من الإجابة على كتابك الأخير الـمؤرخ في 17 يونيو/حزيران الـماضي قبل الآن، لأنّ إكمال الدورة الكتابية يتمّ عندي ببطء، نظراً لاتساع نطاق الأعمال وعدم وجود معاون يـمكن الاعتماد عليه في الشؤون الكتابية. فمنذ سفر الرفيق أسد الأشقر لم يبقَ معي من أتكل عليه في الأمور الكتابية، إذ إنّ خالد أديب، الذي انكشف أمره مؤخراً وطرد، لم يكن صالـحاً للقيام بأي عبء كتابي حتى ولا عمل مكتبي كترتيب سجلات وقيد الـمراسلات، بل هو لم يكن صالـحاً حتى ولا لـجمع قصاصات الـجرائد الـمحتوية على وثائق أو أخبار هامّة وترتيبها وتبويبها. فأنا أعمل وحيداً، وهذا ما دعا إلى تأخير جوابي على كتاب الرفيق نـجيب العسراوي حتى بضعة أيام خلت، إذ كتبت إليه في صدد قَسَمه الـحزبي وأبلغته أني قبلته رفيقاً قومياً بالروح وأنه يتوجب عليه، ليصير سوريّاً قومياً نظامياً، أن يؤدي القَسَم الـحزبي ويـملأ بطاقة العضوية، فإذا تعذر عليه تأدية القَسَم بحضور أحد الرفقاء هناك فيرسل إليّ صورة القَسَم مـمهورة بتوقيعه. وأرسلت إليه بطاقتيـن لإملائهما. ومتى وصل إليّ جوابه الإيجابي كلفته رسمياً بـمسؤولية الإدارة في منطقة ميناس بعد أن تصل إليّ لائحة بالـمعاونيـن الذين يقع الاختيار عليهم لإكمال الـجهاز الإداري، وسماع رأيك ورأي وليم [بحليس] في هذا الصدد، أي في كيفية تشكيل الإدارة في ميناس.


إنّ مسألة الإدارة في سان باولو قد سببت لي مقداراً كبيراً من وجع الرأس ومراسلات طويلة على غير طائل. ذلك لأنّ الهيئة الإدارية تشكلت بسرعة وميض البرق في آخر ساعة قبيل سفري، ولأنّ عناصر كثيرة صالـحة للعمل لم تكن داخلة، بسبب تقصير أسد وخالد وسياسة الكبرياء والعجرفة التي تـمشّيا عليها بدون أي فهم دبلوماسي للوضعية السياسية. ولم أكن في ذلك الوقت قادراً على الإشراف بنفسي على العمل لأعطيهما الدروس التي يحتاجان إليها في مهمتهما. أخيراً أهملت أمر إدارة سان باولو بالـمرّة إلى أن أرى ظروفاً مؤاتية للعودة إليه. وكنت أتوقع حصول نشاط بعد دخول غالب صفدي وفؤاد لطف الله اللذين هما من خيرة شبان سان باولو. ولغالب [صفدي] حميّة تعجبني جداً يساعده على إبرازها عدم وجود الـمصالح والأشغال التي لفؤاد [لطف الله]. وأعتقد أنّ الاحتكاك معهما يجب أن يولّد نتيجة محسوسة في ظرف مؤات. ومتى تشكلت إدارة في ميناس فقد أربط بها ريو دي جانيرو أيضاً، وأحصر إدارة سان باولو بسان باولو إلى أن تنجلي الأمور وحينئذٍ يكون لكل قضية حلها.


أما خطأ الرفيق أسد الأشقر وخالد أديب في حادث التوقيف في سان باولو فمن الأخطاء التاريخية الـخطيرة الشأن، إذ كاد الأمر يقضي عليّ نهائياً إما بانحلال القوى ضمن السجن، وإما بتسليمي إلى السلطة في سورية، فتكون الرحلة قد انتهت بأعظم نكبة في تاريخ الـحركة، وهي، حتى الآن، أعظم صدمة حصلت لها. وقد تـحوّل أمر خطأ خالد أديب فيما بعد إلى مسألة خيانة صريحة وإجرام ضد الـحركة القومية لم يكن يخطر في بال. وقد شهد الرفيق كامل حسيـن الشيخ، في اجتماع عام لـمديرية بوينُس آيرس، منذ بضعة أيام، أنّ خالد أديب اجتمع به منذ نحو أربعة أشهر وحادثه طويلاً في شأن الـحزب وقال له - «يجب علينا أن نفهم أنّ سورية هي لنا لا لهم» محاولاً إيقاظ النعرة الدينية في الرفيق الـمذكور الذي صرّح أنه اشمأز كل الاشمئزاز من خالد أديب ولم يعد يحب الاجتماع به. واضح أنّ التجاء خالد أديب إلى هذه الـخطة ليس لتعصبه الديني الذي قتلته مبادىء النهضة القومية، بل لغروره وجهله وظنه أنه يتمكن من تزعّم جماعة تكسبه شأناً خطيراً بالضرب على وتر التعصب الديني من غير الاحتياج إلى شيء آخر غير ترديد ما سمعه وتعلّمه واكتسبه من الزعيم وإدعائه لنفسه. وهو قد سار على هذه الـخطة كل الـمدة التي كنت فيها لا أتصل بالناس ولا أعرف ما هو جار.


إنّ تصرف خالد أديب وظهور مآربه كانا يوجبان طرده بالـمرّة من زمان، ولكني فضلت التساهل وبذل كل ما يـمكن لإنقاذه هو. فاكتفيت بتجريده من رتبة الأمانة بعد إظهار تآمره وذنبه وسوء تصرفه أمام جمهور من القومييـن يبلغ نحو خمسيـن شخصاً في اجتماع عام للمديرية. وفي تبيان كل ذلك استندت إلى وثائق في مكتبي، ولـمّا سألت خالداً في الاجتماع اعترف أمام الـجمهور بصحة ما سألته فيه، ولم ينكر حرفاً واحداً مـما رويت. فلما وجد أنّ أمره قد انفضح بصورة لا تـمكّنه من متابعة خطته، ساقه غروره وتـحريض حسني عبدالـمالك له إلى إعلان «خروجه» على الزعيم. ولكنه «خرج» وحده وقد أسقطه «خروجه» في عيـن الرأي العام إلى الـحضيض لأنه تبيّـن أنّ كلامه ليس سوى كلام غرٍّ جاهل.


وردني كتاب من الرفيق وليم وهو مسهب. وفيه شيء كثير بخصوص سان باولو. وفيه يظهر خشيته على بعض القومييـن من أخبار حسني عبدالـمالك وجبران سابا وخالد أديب. صحيح أنّ هذه الأخبار يكون لها تأثير سيىء على الـجمهور وعلى عزيـمة بعض القومييـن، ولكنه تأثير وقتي، لأنه ليست له فاعلية مستمرة. وبـما أنّ الـحركة القومية تعمل في وسط سوري، لا ألـماني أو إنكليزي أو ما شابه، فمن الـمنتظر أن يدخل ضمن الـحركة مقدار من جراثيم النفسية العتيقة ومثالبها. وتنقية الـحركة من هذه الـجراثيم والـمثالب، منذ البدء، يجب أن يكون مدعاة لتقوية العزائم لا لتثبيط الهمم، لأنّ أساس كل قوة مجموعية هو وحدة الروحية ووحدة الصفوف، وبدون حصول هذه الوحدة تعظم الـخشية من الفشل. ومداواة الفساد بستره عن العيون، بدلاً من استئصاله وتطهير الأوساط منه، طب قديـم قد أهمله الإنسان لعدم فائدته.
إني أكتب إليك هذا الكتاب وأنا في السرير منذ يوميـن بسبب زكام ووعكة وتـجنباً لـحصول نزلة صدرية، أو ما شاكل من الاختلاطات ولكن صحتي العمومية ليست سيئة.


عسى أن تكون بخير وموفقاً في أعمالك، وأن تكون امرأتك قد شفيت مـما ألمّ بها، وعاد إليك ارتياح البال من هذا القبيل.
تتبعت بكل سرور أخبار نشاط الرفيق العسراوي وكتبت إليه في هذا الـمعنى وأحب أن أعلم إذا كان كتابي إليه، وقد أرسلته مسجلاً، قد وصل.


قد خرج رشيد الـخوري من الطعن في الـحركة سراً إلى التهجم عليها علناً فيحمل هو مسؤولية تعرّضه لـما ليس أهلاً ولا كُفْءاً له.
سلامي لك ولأهلك والرفقاء ولتحيى سورية.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro