مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى وليم بحليس
 
 
 
1941/11/3
 

رفيقي العزيز وليم بحليس،

 

تسلمت اليوم كتابك الأخير الـمؤرخ في 1 نوفمبر/تشرين الثاني الـجاري ففرّج عني كثيراً، لأنّ سكوتك طول الـمدة السابقة في هذه الظروف الـحرجة جعلني أحسب حسابات كثيرة، خصوصاً وأنّ الأخبار الأخيرة من مينس تشير إلى ما يوجب الـحذر. فقد كلّفت الرفيق نـجيب [العسراوي] بـمهمة، وفي أثناء وجوده في الـمدينة وقيامه بها دعي إلى مركز التحريات وسئل عن موعد قدومه والـمدة التي سيقضيها ومتى يعود وأعطي مهلة بضعة أيام ليعود إلى مقر أعماله وإلا فيتوجب عليه العودة إليهم ليحصل على فرصة يوميـن آخرين، وهذا يعني أنه قد يكون الـمركز الـمذكور ألقى أذناً للوشايات الـخبيثة من قِبل بعض الأعداء الذين يقصدون الأذية. وقد وردني من مينس كتاب جديد وليس فيه ما يدل على حدوث مفاجآت. لم يردني شيء من الرفيق إبراهيم [طنوس] وأنا لم أتـمكن من الكتابة إليه وقد تسنح فرصة قريبة فأفعل. إنـما أخبار نـجيب أقلقتني نوعاً عليكم، نظراً لـخبرتكم القليلة في هذه الشؤون وكيفية التصرف فيها، مع أنها ليست خطيرة أو خطرة كما يدل ظاهرها. وأكثر ما يخشى منها على روحية الضعفاء.

 

بناءً على حصول حادث الاستيضاح الـمشار إليه أرى وجوب وضع الطريقة التي ذكرتها في كتاب سابق موضع التنفيذ، وأن تتخذ أنت الاحتياطات اللازمة فلا تـحفظ شيئاً من الأوراق الرسمية والـمراسلات في منزلك، بل تـجعلها في صندوق صغير وتقفله وتضعه عند أحد الرفقاء الأمناء أو عند أحد الأصدقاء الـمخلصيـن الذين لا يشتبهون في شيء، أو تدفن الـمقضي من الأوراق تـحت الأرض في مكان يـمكنك الوصول إليه بلا عناء، أو ما يشبه ذلك، وتخبر الرفيق إدوار [مقدسـي] بـمحلها الذي قد يوافق أن يكون في بيت الرفيق غالب [صفـدي]، مثلاً. ويجب أن تفعل ذلك بكل هدوء ولا تدع هذه الأخبار تتسرب إلى الرفقاء، ولا لزوم لإطلاع فؤاد [لطـف اللـه] على شيء من ذلك. ولكن يحسن أن تطرح على الرفقاء في أحد الاجتماعات العمومية مسألة هل يجب التحفّظ أم لا يجب؟ ثم توصيهم بوجوب التنبّه وملاحظة كل أمر، ليس لأنه يوجد ما يخيف، بل لأنّ ذلك قاعدة عامة يسير عليها القوميون في كل مكان حفظاً لأعمالهم، ولأنّ هذه الظروف غريبة تقتضي زيادة الـحيطة من أجل القضية وليس من أجل سلامة أحد، لأننا كلنا هنا من أجل القضية والسهر عليها لا على أنفسنا. وتـحضر اجتماعاً خاصاً مع هيئة الـمديرية وتدرسون سراً الـموقف والأشخاص، وما يحسن اتخاذه من تدابير الوقاية، وماذا يجب على كل واحد أن يجيب فيما لو دعي إلى مكان وسئل، وهذا الأمر يجب تـمرين الأعضاء عليه كعمل عادي من تـمارين التدريب. ويـمكنك أن تتخذ في الـمراسلات إسماً مستعاراً «صالح» مثلاً، أو «صالح العمري»، وأنا أخاطبك بهذا الاسم وأضعه على غلافات الرسائل إليك، فتوصي الرفيق إدوار بأنه إذا ورد كتاب بهذا الاسم فيكون لك. وإذا سئل هو يقول إنه لا يعرف شيئاً. وهو أيضا يجب أن يضع ما عنده من الأوراق الهامّة في مكان أميـن.

 

ويجب عليك، في هذه الظروف، أن لا تؤخر اتصالك بي أكثر من مرة واحدة. فإذا لم يـمكنك إعطاء جواب كامل فلا أقل من إشعار بذلك، وبأنّ كل شيء هادىء وإنك ستكتب فيما بعد. وفي مثل هذه الظروف يجب أن لا يفتقر مكتبي إلى معلومات.

 

وقفت على ما قلته في أمرك الذي كنت أتصوره جيداً، وأقول لك إنّ أمري ليس أفضل. وأنا أيضاً قد أصبحت رب عائلة وزوجتي تشتغل في عملها لتعينني. وقد كان عملها مساعداً لي على اجتياز الأزمة الـماضية. وقد يكون لي ولد بعد وقت قصير. ومع ذلك فإني سأفعل كل ما في مقدوري لأدفع عن بلادي ظلمة الـمستقبل وعواقب هذه الـحرب. وسأرى كيف تتطور الـمسألة في شأنك. وبعد تبقى مسألة الزوبعة التي يجب ألا تقف، بل أن تضاعف عملها وتوسع انتشارها لتؤيد الأعمال الـمزمع أن أقوم بها، وتوضح للرأي العام ما يجب إيضاحه. وهذا أمر لا أقدر أن أعتمد على الرفيق [جبران] مسوح فيه، لأنّ الرفيق مسوح كاتب ذو أسلوب خصوصي ولكنه ليس صحافياً ولا سياسياً. وكم فضّلت أن تكون أنت وجدت بقربي هذه الـمدة إذ قد لا يكون هنا غيرك يقدر على القيام بـمثل هذا العمل نظراً لاختبارك واستعدادك الشخصي. ولو أنك حاولت تـمثيل بعض الـمعامل البرازيلية هنا، أو درس مسألة وجودك هنا مع السيد نديـم عبود، فقد تتمكن من تأميـن ربح أكثر مـما تربح الآن هناك. وفي هذه الـمدة سندرس الـحالة. وقد أتوفق إلى شخص هنا للاهتمام بالـجريدة وسنرى.

 

سرّني أنّ الرفيق فؤاد [لطف الله] قَبِلَ كتابي بروحية عالية تنمّ عن فهم. وإذا أمكنه مساعدة الـمشروع الـمقبل عملياً فإنه يكون أدى خدمة تذكر. وقد كان ما جاء في كتابه الأخير موضوعاً لي كتبت فيه مقالة افتتاحية للعدد 31 من الزوبعة([1]). وسأكتب إليه قريباً.

 

لم تعد تذكر لي شيئاً عن الزوبعة، وهل عاد وصلك ما كنت كتبت أنه لم يصل من العدد الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين، وهل وصل العدد 30 إلى الناس وكيف كان وقعه عندهم. إنّ العدد 31 تأخر قليلاً ويصدر غداً وفيه حلقة هامّة من «جنون الـخلود» تطيّر أوهام كثير من الناس، فمتى وصل أحب أن أعرف تأثيره.

 

إنّ السيد فيليب [لطف الله] أخا فؤاد كان قديـماً أحد الأفراد الذين انضموا إلى حزب جديد أسسته بعد خيبة جماعة «الرابطة» سنة 1925 أو 1926 باسم حزب الأحرار، وهو جدير بأن لا يترك هذه الرفقة القديـمة. ولكنه تأثر في الـمدة الأخيرة بـمعاشرة أمثال السيد فارس نـمر و«الرجال الكبار» الذين يقتلون كل شيء ليقولوا إنهم أذكياء يعلمون أنه لا حياة في شيء! وهذه هي الصعوبة. الزوبعة نشرت قصيدة([2]) لفيليب وهي حسنة.

 

قد وجدت التدابير التي اتخذتها في سنطس حسنة، وإني أثبت هذه التدابير ويـمكنك تبليغ ذلك لـمن يلزم وتوصي الـمسؤوليـن هناك أني أنتظر منهم عملاً ونتائج. أما الشخصان الـمقلقان فيجب اعتبارهما «في حكم الـمطرودين» فلا حقوق لهما في مـمارسة العضوية، إلا إذا طلبا العودة وقبول جميع شروط النظام، وحينئذٍ يـمكن النظر في أمرهما، وإفهامهما بأي شكل يـمكن قبولهما. ويصبحان في هذا الـحكم من غير ضجة بل بإيعاز إلى الـمسؤوليـن بإهمالهما.

 

أريد منك أن لا تتساهل في مثل ما يقوم به الرفيق سليم معلوف، فتفهمه أنّ أي عمل يتدخل فيه بطرق غير قانونية، وبغير تكليف من مرجع أعلى، يعدّ خروجاً على النظام، ومحاولة إفساد الروحية، وتوليد الشك، وإنك تضطر أن توقفه عن العمل وترفع تقريراً به إليّ لاتخاذ ما يناسب في صدده، إذ إني عيّنتك أنت مرجعاً للأمور لتراقب الآخرين وتديرهم وليس ليديروك. أما من كانت له شكوى فيمكنه أن يرفعها إلى الزعيم رأساً وينتظر جوابه. أما القيل والقال بين الأعضاء فشيء لا يـمكن السكوت عليه. هذا ما أقوله الآن بسرعة لقرب موعد البريد وأنتظر خبراً منك في البريد القادم في موعد كتابك الأسبوعي.

 

سلامي لك وللرفقاء ولتحيى سورية.

 

 


[1]()  مقالة «عيب الـحزب السوري القومي». أنظر ج 4،ص 290 .  

 

[2]()  قصيدة «جهنم الدرهم».الزوبعة، العدد 29، 1/10/1941 .

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro