مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رأي النهضة عودة المهاجرين
 
 
 
النهضة،بيروت،العدد 1937/10/19،5
 

 

مُدِّدت الفرصة التي يجوز فيها للبنانيين والشاميين اختيار جنسيتهم التي تضع معاهدة لوزان[1] حداً يفقدون عنده حق هذا الاختيار ويُعتبرون أتراكاً.

 

وعلى أثر هذا التمديد أخذت الـحكومتان اللبنانية والشامية تبذلان الـمساعي لـحمل الـمهاجرين على قيد أسمائهم في القنصليات الفرنسية واختيار جنسيتهم الأصلية.

 

وليس هذا فقط كل ما فُعل في هذا السبيل، بل قد وُجِّهت إلى الـمهاجرين نداءات لـحملهم على العودة إلى الوطن. وتبذل في هذا السبيل جهود عظيمة، حتى أنّ الـمجلس الإسلامي القومي خشي فعلاً من نـجاح هذه الـجهود وأذاع بياناً أعلن فيه عدم رغبته في عودة الـمهاجرين، والدوافع التي دفعت الـمجلس الإسلامي القومي إلى اتخاذ هذا الـموقف هي دينية.

 

أما الأسباب التي تدعو الـحكومتين الشامية واللبنانية إلى الاهتمام بأمر الـمهاجرين والعمل على إعادتهم إلى الوطن، فما هي؟

 

هنا يبدو لهذه الـمسألة وجهان: زيادة معدودي الدولة وزيادة ثروتها.

 

أما زيادة معدودي الدولة وما يتبع ذلك من زيادة النسل، فمسألة تقتضي شروطاً اقتصادية أساسية. فالعلاقة بين زيادة كثافة السكان والنجاح الاقتصادي علاقة وثيقة جداً، فالبلاد التي تـمحل زراعتها وتتقوض صناعتها وتقف تـجارتها بلاد لا أمل لها بكثرة النسل ونـمو العمران.

 

 

ولا مشاحة في أن ليس هذا وجه الـمسألة، إذ لو كان القصد عدد السكان وزيادة النسل، لكان أول ما يقضي به الواجب على الـحكومتين النظر في الـمهاجرة من الوطن وإزالة أسبابها، فوضع سد لسيل الـمهاجرة هو أول عمل مطلوب القيام به. ولكن الأمر، ولا شك، عسير. فالـمهاجرة نتيجة تعذّر أسباب الرزق والعمران فـي الوطن، ولا شيء آخر يدفع الـمرء إلى هجرة وطنه وأهله.

 

إذن بقي الوجه الثاني وهو زيادة الثروة، ومن الثابت أنّ ثروة الـمهاجرين لا يستهان بها، فإذا عاد الـمهاجرون وجلبوا معهم أموالهم أحدثوا انتعاشاً مالياً واقتصادياً، شبيهاً بالانتعاش الذي يوجده مجيء اليهود إلى فلسطين. ومن هذه الـجهة تكون عودة الـمهاجرين مرغوباً فيها كثيراً، لأنها تساعد على وضع حد لذهاب شؤون البلاد الـمالية والاقتصادية إلى اليهود.

 

ولكن الانتعاش الذي يجلبه الـمهاجرون معهم سيكون ولا شك موقتاً. فتَحْتَ الظروف التشريعية الـحاضرة والسياسة الاقتصادية الـمتبعة، لا مجال لرأسمال وطني وللحركات الاقتصادية القومية.

 

إذا أردنا أن يعود مهاجرونا إلينا وجب علينا أن لا نغرر بهم. وما دمنا لا نفعل شيئاً في سبيل إيجاد سياسة اقتصادية قومية تُطمْئِن الـمهاجرين إلى مصيرهم ومصير أموالهم، فمحاولتنا إعادتهم إلينا هي محاولة خائبة.

 

إنّ قوة الـمهاجرين الـمادية والـمعنوية هي قوة تستطيع أن تفعل في سبيل الوطن والأمة ما يأتي بنتائج كبيرة، فيجب علينا ألا نقضي على هذه القوة بأنفسنا.

 

والطريقة الوحيدة التي يـمكن أن ترغِّب الـمهاجرين بالعودة هي: فسح الـمجال لأساليب جديدة تـحل محل الأساليب العتيقة، واتباع سياسة اقتصادية قومية تـحمي الإنتاج القومي وتسهل الـحركات الاقتصادية الواسعة.

 

وليس الفصل الاقتصادي بين لبنان والشام وما سيجرّه من العراقيل الاقتصادية مـما يرغّب الـمهاجرين في العودة.

 


[1] عقد مؤتـمر لوزان (1922-1923)، انتهى بتوقيع معاهدة، من بنودها تنازل تركية عن مـمتلكات الإمبراطورية العثمانية في سورية والـمناطق العربية، وتضمنت هذه البنود قوانين الـجنسية لتنظيم أوضاع سكان الـمناطق الـمستقلة عن الدولة التركية.         

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro