مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
ملحق رقم 7 دراسة علمية معمّقة للفكر الليبرالي والماركسي والقومي الاجتماعي
 
 
 
حاماتي، هنري، أفكار الـجزء الثاني/ قواعد أولى، طبعة ثانية منقّحة، بيروت 1989
 

 

نبدأ مع الـمعرفة، أي معرفة الـمجتمع نفسه، فموضوع التفكير القومي الاجتماعي، من حيث هو مذهب، هو هذا الموضوع الـمجتمع، وعوامل تطوره، وحالاته، وظواهره، وعلاقاته الداخلية، ومقومات شخصيته ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية، وعلاقاته الـخارجية. والغرض هو إحداث نهضة مجتمع.

 

هنا، مثلاً، نلتقي أحد أبرز قواعد التفكير القومي الاجتماعي، وأحد مـميزاته الرئيسية عن أنـماط التفكير الأخرى: لا مبدأ دعه يعمل دعه يـمر، كما في النظام الليبرالي، وهو الـمبدأ الذي يحمي فيه نظام النهب الـحر نفسه، مع كل ما يصاحبه ويتعلق به وينتج عنه من مبادئ حقوقية وسياسية مـماثلة مضموناً وغرضاً، ولا مبدأ توعية الطبقة الصاعدة إلى دورها ضد الطبقة الـمسيطرة، وهو مبدأ اعتبره الفكر الطبقي قانوناً اجتماعياً ثابتاً، يقودنا إلى تـمثل سقوط كل العلاقات والظواهر الاجتماعية والسياسية الـماثلة في النظام الليبرالي، بدءاً من حق التملك وانتهاءً بالدولة.. بل مبدأ التنظيم، وهو الـمبدأ الذي يسمح لنا بالكلام عن خطة، وعن حزب – دولة تـحقق الـخطة، وعن أغراض ومقاصد تؤلف مطالبنا النفسية الـمادية، وعن إرادة الفعل في اتـجاه هذه الأغراض والـمقاصد، وعن حالات مَرَضية نريد تـجاوزها، وعن حالة صحيحة سليمة نريد بلوغها. ففيما يرفض الـمبدآن، الليبرالي الفردي والـماركسي الطبقي، مبدأ التنظيم، فيعتبره الأول منافياً لـمبدأ الـحرية بـمفهومها الليبرالي ويعتبره الثاني محاولة عقيمة لتعطيل قانون لا إرادة للبشر في وجوده، ولا قبل لهم بتغييره... يرى التفكير القومي الاجتماعي، أن «تنظيم الانسان مجتمعه» مـمكن، بل واجب، لا برؤية منبعثة من موقف، ولا بـموقف مستبد. بل انطلاقاً من معرفة الـمجتمع معرفة حقيقية، انتهت من تـحليلها لتركيبه، وعوامل تطوره، والقوى الـمحركة له، إلى القول بتفكير يهدف إلى إحداث نهضة، وإلى خطة علمية تـحققها في نظام جديد للحياة: إلى مبدأ التنظيم.

 

ومن مبدأ التنظيم نصل إلى التطور ثم التطوير إذ أن التطوير لا يكون مـمكناً إلا إذا كانت شروط التطور مـمكنة، أو حيث تكون كذلك. إن هذه الشروط هي حكماً قوى منظمة في مصالح اجتماعية. وضمن تعبير الـمصالح الاجتماعية نفهم الـمصالح السياسية: الـمنظمات الشعبية ومؤسسات الدولة، أيضاً.

 

لقد جاء تطور مجتمعات أوروبة الغربية مخالفاً للتطور الـماركسي، فالتطور الـماركسي ربط الثورة في أوروبة الغربية بحتمية سقوط الـملكية الـخاصة كلياً من مجموع الشعب، وتراكم الثروة كلياً في أيدي الرأسماليين الفرديين: بشيوع البطالة والفقر في الـجانب الأول، مقابل تصاعد السلطة والثروة في الـجانب الثاني، تلقائياً.

 

لم يقل ماركس بإلغاء الـملكية الـخاصة بل قال بسقوطها تلقائياً من أيدي كل أفراد الـمجتمع. وانحصارها تلقائياً في أيدي عدد قليل ومتناقص أبداً، من الرأسماليين الفرديين. فالإلغاء قرار يرفضه منطق الـحتمية التاريخية. غير أن ما حصل في الـمجتمعات الأوروبية أن الصراع الطبقي الذي حفز عليه نظام الرأسمالية الفردية قد انتهى إلى نتائج مختلفة: لقد انتهى هذا الصراع، خلال الـمئة عام الأخيرة – في فرنسة مثلاً – إلى :

 

- ضمانات اجتماعية واسعة ضد البطالة والـمرض والـجهل والـجوع، والـمساومة (الـحد الأدنى للأجور).

 

- اتساع الـملكية الـخاصة في الـمستوى الشعبي، تصاعدياً.

 

- تـميز الدولة نسبياً،  بوصفها مظهراً حقوقياً وسياسياً للمجتمع كله، عن مفهومها الـماركسي الذي اعتبرها السلطة الـمجسدة لـمصلحة الرأسمال الفردي دائماً وحصراً.

 

إن حالة فرنسة الـحاضرة هي غير الـحالة الـمتصورة والـمنتظرة في أدب ماركس والـماركسيين. فالتطور قد جرى في اتـجاه مخالف في القرنين الـماضيين للتحليل الـماركسي. ولذلك نرى الـماركسيين الفرنسيين، وأكثر منهم ماركسي دول أوروبة الغربية الأخرى، يتخلون عن قواعد الثورة الـماركسية أو ما يـمكن تسميته خطة الثورة الـماركسية ومبادئها، فيسقطون من وعيهم كلياً هدف دكتاتورية البروليتارية – وهو الهدف الذي يقود إليه منطقياً تصور سقوط الـملكية الـخاصة وتعاظم تسلط الطبقة الرأسمالية اجتماعياً وسياسياً - ويرفعون شعار النضال الديـمقراطي للوصول إلى الـحكم، ثم شعار الـمشاركة الديـمقراطية في الـحكم، على أساس التعايش الطبقي والتعايش الايديولوجي.

 

بالطبع ما زالت فرنسة نظاماً ليبرالياً، كألـمانية وإنكلترة وإيطالية... وما زال هذا النظام الليبرالي الأوروبي نظام طبقات، من الوجهة الاجتماعية، ونظام أزمات من الوجهة الاقتصادية، ولكنه نظام يشعر الآن، في قمة وعيه السياسي، أنه يحتاج إلى اتـجاه جديد يختلف عن الاتـجاهين التقليديين العتيقين الـمتعايشين فيه منذ أكثر من قرن كامل من الزمن. ولقد عبر الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان في كتابه «ديـمقراطية فرنسة» عن هذه الـحاجة تعبيراً واضحاً. وإن لم يتمكن هو من تعيين هذا الاتـجاه الذي اكتفى منه بـملامس اجتماعية ونفسية وسياسية محدودة.

 

«مـما لا شك فيه أن النظريات الاجتماعية الاقتصادية من كارل ماركس وأنغلز إلى الاجتماعيين الاقتصاديين الـجدد، قد ألقت نوراً قوياً على مشاكل الـمجتمع الانساني الاقتصادية. ولكن الاشتراكية، لم تتمكن من حل القضايا الانسانية الاجتماعية الـمعقدة. وعند هذه النقطة، يبتدئ عمل الدماغ السوري، الغني بالـخصائص النفسية. ومن هذه النقطة، تبتدئ الفلسفة السورية القومية الاجتماعية، التي تقدم نظرات جديدة في الاجتماع، بأشكاله النفسية والاقتصادية والسياسية جميعها» سعاده.

 

أخيراً لعل كتاب «أفكار - قواعد أولى» من أهم ما كتب حول الليبرالية والـماركسية والقومية الاجتماعية، في الـمكتبة القومية التي لا تزال بحاجة كبيرة لأبحاث ودراسات علمية وفلسفية للحلول والـمخارج التي تطرحها القومية الاجتماعية لـمشاكل الـمجتمعات عامة والـمجتمع السوري خاصة.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro