مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
أبطال وأبطال «كيف أنقذ الحزب السوري القومي شرف سورية السوريون القوميون يعنون ما يقولون ولا يتخلون عن مراكزهم التحقيق العسكري يبرّئ ساحة الحزب»
 
 
 
جريدة سورية الجديدة،سان باولو،العدد 71، 1940/6/22
 

 

بيروت في 17 أبريل/نيسان 1940 - لرئيس شعبة سورية الـجديدة

 

الواجب يتغلب على الـخطر

 

منذ شهر سبتمبر/أيلول الـماضي، وحالة الـحرب والـمراقبة والـملاحقة التي تقوم بها السلطة ضد السوريين القوميين تـحول دون متابعة رسائلي إلى سورية الـجديدة وكان توقف رسائلي أمراً مؤسفاً جداً لي، وليس أدعى إلى الأسف في رأي السوري القومي، من عدم تـمكنه من تأدية واجبه. وواجبي كان أن أطلع السوريين الـمهاجرين،بواسطة رسائلي إلى سورية الـجديدة، على حقيقة الـحالة الـحاضرة في الوطن، فحالت بيني وبين القيام به موانع عملية لم يكن من الـممكن إزالتها. وقد كان سروري عظيماً لتمكني من «تهريب» هذه الرسالة التي تـحمل إلى السوريين عبر الـحدود معلومات يجهلها قسم كبير من الشعب في الوطن، لشدة الـمراقبة وسهر الـجاسوسية ولطلب غير القوميين السلامة في الـخوف!

 

أبطال الـخوف

 

ومنذ وقعت حالة الـحرب في أوروبة أقام أبطال الـخوف في بلادنا ميداناً، يتبارون فيه بالـمبالغة في التصريحات الـمخزية لهم وللشعب. وهم يفاخرون بأنهم يفعلون ما «تقضي به ضرورة الـحال» ويخدعون الأجنبي بتصريحاتهم. وما يخدعون إلا أنفسهم والشعب الذي كان قد تعوّد الإصغاء إلى كلامهم. فهم قد تخلّوا عن قضية الأمة ساعة الـخطر وكانوا من قبل يدّعون أنهم هم أبطالها وأنهم يحاربون فرنسة «حتى ولو لم تـمنعهم سوى عقال»! واستسلامهم لعوامل الـخوف كاد يطلق في الشعب تياراً من الرعب يقتل فيه كل عزة نفس فاعلة أو كامنة وكل حرمة للشرف والكرامة لولا رجال الزوبعة الـحمراء الذين وقف كل منهم طوداً راسخاً في الـمكان الذي عيّن له، محتقراً الـخطر ومعيداً لـمن حوله الثقة بالنفس وبـمصير القضية القومية.

 

النتيجة الـحسنة لهذا الـموقف هي أنّ أبطال الـخوف الذين كانوا مستأسدين، حين كان الـخطر بعيداً، قد انفضحوا أمام الشعب الذي أدرك كم كان منخدعاً ببطولتهم الهينة، فأشاح بوجهه عنهم إلا بعض أوساط لا تزال تـحت تأثير أخلاق عهد الانحطاط. فهذه الأوساط لا يهمّها غير إشباع شهواتها وجشعها، ولا قيمة عندها لأي شرط من شروط الـحياة الشريفة.

 

 

قوة الـحزب السوري القومي

 

خبرت السلطة الأجنبية أبطال الـخوف في عدة مواقف، فهي تعرف «مراجلهم» جيداً ولا يـمكن بطولتهم أن تخدعها في كثير أو قليل، وكان آخر ما خبرت منهم موقفهم في أثناء الاضطرابات التي أثاروها على أثر ظهور الـحزب السوري القومي في سنة 1935، فلما تـحرّج الـموقف وعُهد إلى قيادة الـجيش الفرنسي أمر قمع الاضطرابات، أسرع أولئك الأبطال إلى دعوة الشعب إلى الكف عن الاضطرابات والإخلاد إلى السكينة.

 

وكما خبرت السلطة الأجنبية أبطال الـخوف من «كتليين» وغير «كتليين»، خبرت أبطال الشجاعة والإقدام من الـحركة السورية القومية وصلابة عزمهم. خبرتهم في السجون وفي ملاقاة الـجند الـمسلح، وفي الـملاحقات والاضطهادات من ألف نوع ونوع. وكانت نتيجة هذا الاختبار أنه رسخ في روع السلطة أنه لا قوة في سورية يحسب حسابها، لـمتانة عقيدة رجالها ونسائها وشجاعتهم وإقدامهم وازدرائهم الـخطر وبُعد نظر قيادتها، غير قوة الـحزب السوري القومي، وأنّ هذه القوة هي القوة الوحيدة التي تقدر على القيام بإجراءات يـمكنها أن تغيّر الـحالة في ظرف مناسب.

 

 

تدابير الـحزب السوري القومي

 

في ربيع سنة 1938 ضاعف الـحزب السوري القومي مجهوداته لإعطاء السوريين القوميين التدريب العسكري الأولي، وإنشاء صف ضباط إضافي، وهذا يعني إنشاء الـجيش الاحتياطي. وقد أقدم الـحزب على هذا الأمر الـخطير، على الرغم من قلة موارده الـمادية، وصمم على تنفيذ هذا البرنامج الذي وضعه الزعيم لسنة 1938 مهما كلّفه ذلك من جهود وتضحيات.

 

وقد أرسل الزعيم بين يونيو/حزيران ويوليو/تـموز 1939 تعليمات مشددة، بوجوب اتخاذ جميع التدابير الواقية لـحماية الـمسؤولين الـمركزيين والتأهب لـمواجهة الـحوادث الـمقبلة. فاتخذ الـحزب تدابير واسعة تؤمّن سير برنامج التدريب الاحتياطي وصيانة رجال الإدارة الـمركزيين. وعلى الرغم من تشديد السلطة الـمراقبة على حركات الـحزب السوري القومي فقد نُفِّذت تعليمات الزعيم بدقة بقدر ما سمحت الظروف وضرورة الـحالة.

 

تدابير السلطة

 

مـما لا شك فيه أنّ الـمفوضية الفرنسية في بيروت وقيادة «جيش الشرق» كانتا تتوقعان الـحوادث التي كان يتوقعها الـحزب السوري القومي، إذ لا بد أن تكون الـحكومة الفرنسية قد أمدّتهما من باريس بالتعليمات والـمعلومات اللازمة لهما عن الوضع الإنترناسيوني. وقد لاحظت دوائر الـحزب السوري القومي الـمختصة نشاط الـحركة في دوائر الـمفوضية الفرنسية وقيادة الـجيش الفرنسي، وأخذت علماً بالتدابير التي قررتها وباشرت تنفيذها. وتوقعت دوائر الـحزب أن يكون قد أُعِدَّ له شيء في الـخفاء.

 

كان الـحزب السوري القومي يعلم أنه إذا وقعت الـحرب في أوروبة، وامتدت إلى البحر الـمتوسط، فكل أمر يجري في سورية يتوقف على موقفه، وكانت الـحكومة الفرنسية تعلم هذه الـحقيقة، بدليل ما نشرته جريدة الطان الفرنسية شبه الرسمية، وترجمته إلى عددها الصادر في 7 مارس/آذار الـماضي جريدة الأيام الدمشقية، وإليك ما جاء في فقرته الأولى:

 

«يرتكز السلم في شرق البحر الـمتوسط على القوات الفرنسية الـمؤلفة من وحدات حربية من الطراز الأول، يتولى أمرها قائد عظيم، كما يعتمد هذا السلم في الوقت نفسه على إخلاص الشاميين واللبنانيين، الذي أعرب عنه رؤساؤهم الدينيون وزعماء أحزابهم (!) في صدق وصراحة.»

 

وهذا يعني أنّ موقف السوريين في هذه الـحرب له وزن كبير لم يقدّره غير الـحزب السوري القومي. ولـمّا كانت فرنسة أمينة على الـحالة من جهة الرؤساء الدينيين والذين سمّتهم جريدة الطان «زعماء الأحزاب السورية»، وكانت مسألة السلم تتوقف، من الـجهة السورية، على موقف الـحزب السوري القومي، باعتباره الـحزب الوحيد في البلاد العامل باستقلال كلي عن كل إرادة أجنبية، الـمحتفظ بحرّية تصرّفه، لا تثنيه عن عزمه رغبة أو رهبة، فقد كان من البديهي أن تضع السلطة الأجنبية في سورية التدابير التي عولت على اتخاذها في صدد الـحزب السوري القومي في صدر تدابيرها العامة.

 

الظاهر أنّ السلطة جعلت في مقدمة تدابيرها الـمتعلقة بالـحزب السوري القومي أن تباشر، حال تـحرّج الـحالة الإنترناسيونية، باعتقال رجال السلطة السورية القومية حتى درجة منفذ عام الذي تشمل صلاحيته منطقة قضاء.

 

مباشرة الاعتقالات

 

والظاهـر أنّ استعـدادات السلطة للاعتقالات كانت واسعة، فلما أدت مسألة دانتـزغ والـممر البـولـوني إلى الأزمـة البـولـونيـة، وأبـدت الـحرب نواجذها في أواخر أغسطس/آب، وبعد أن كانت التدابير الاحتياطية الأخرى آخذة مجراها، عمدت السلطة الفرنسية إلى تنفيذ تدبير اعتقال رجال الإدارة السورية القومية. ففي 31 أغسطس/آب الـماضي انبثّ أفراد دائرة الأمن العام في بيروت ودمشق وطرابلس وحمص وحماه وحلب، وفي أقضية لبنان خصوصاً، يبحثون عن رجال الـحزب السوري القومي الـمسؤولين أو ذوي الشأن العمومي أو الـمحلي ليعتقلوهم. فتمكنوا بين آخر أغسطس/آب وأول سبتمبر/أيلول من القبض على عدد من الـمسؤولين الثانويين. وتابع رجال التحري سعيهم حتى بلغ عدد الذين اعتقلوهم في جميع الأنحاء 35 عضواً.

 

وكان واضحاً أنّ دوائر الأمن العام لم تتمكن من إلقاء القبض على عضو واحد من أعضاء الهيئة التنفيذية الـمركزية، الأمر الذي رفع معنويات الـحزب السوري القومي إلى درجة عالية بينما حملة الأراجيف والتهويل تشتد عليه.

 

أخيراً تـمكنت دوائر الأمن العام من القبض على ثلاثة من أعضاء الهيئة التنفيذية الـمركزية هم: الأمين نعمة ثابت، الأمين جورج عبدالـمسيح، ومنير ملاذي. وكيفية القبض على الاثنين الأخيرين كما يلي: ألقي القبض على الأمين جورج عبدالـمسيح قبيل الـمفاجأة بالاعتقالات العامة وهو يـمضي في بيته، في بيت مري، إجازة. وكانت الغاية من القبض عليه، في الظاهر، غير مسألة الـحزب ولكنه أضيف إلى موقوفي الـحزب حال إلقاء القبض عليهم. وألقي القبض على الرفيق منير ملاذي حين ذهب إلى بلدته وهو يقوم بجولة في الداخلية، وكان ذهابه إلى بلدته مخالفاً للخطة الـمرسومة وللتدابير الاحتياطية التي وضعها الـحزب موضع التنفيذ.

 

أما القبض على الأمين نعمة ثابت، رئيس مجلس العمد، فحادث لا مثيل له في تاريخ الـمعاملات السياسية والدبلوماسية في القرن العشرين. وقد وصفه أحد كبار موظفي الـحزب السوري القومي بأنه «أقبح ما عُرف من حوادث الغدر والـمكر في التاريخ السياسي.» وكيفية حصول هذا الغدر هو: أنه عندما وجدت السلطة الأجنبية أنّ تدابيرها لاعتقال رجال الـحركة السورية القومية الـمسؤولين لم تـمكنها من اعتقال غير عضو واحد من أعضاء الهيئة التنفيذية الـمركزية، هو الأمين جورج عبدالـمسيح الذي قُبض عليه بحجة أخرى قبل 31 أغسطس/آب وهو في إجازة في بيته، وهو الوحيد من رجال الـمراجع الـحزبية العليا الذي تـمكنت السلطة من وضع يدها عليه، وكان ذلك قبل إعلان حملتها على الـحزب السوري القومي، رأت أن تعمد إلى حيلة شائنة لا تليق بالـمعاملات بين الـمتمدنين. فأعلنت رغبتها في مفاوضة الـحزب السوري القومي وطلبت مقابلة بعض رجال السلطة الـمركزية للمفاوضة ومحاولة الوصول إلى تفاهم. ولـمّا كان الـحزب السوري القومي أظهر لرجال السلطة الفرنسيين في الـمحادثات العديدة السابقة، أنه مستعد للوصول إلى تفاهم مع فرنسة على أساس اعتراف هذه الدولة بسيادة سورية وحقها في الـحياة، كان طلب الفرنسيين الـمفاوضة أمراً معقولاً في هذه الظروف. فنظر رجال الإدارة الـمركزية في طلب الفرنسيين فتح مفاوضة ولم يغب عنهم احتمال كون هذه الدعوة حيلة للقبض على بعضهم. ولكن رئيس مجلس العمد قرر أن يقبل الدعوة وأن يعرّض نفسه هو وحده لسهام الغدر. ولـمّا أراد بعض أعضاء الإدارة حمله على عدم الـمخاطرة بنفسه قال عبارته الـمشهورة: «إذا كان في هذه الـمسألة احتيال كان دليلاً على فساد الدولة التي تأتيه وضعف دعائم سلطتها، وعلى أنّ نـجاح قضيتنا السريع أمر مؤكد. إني أذهب وحدي فإذا حدث الغدر الذي تتوقعونه فثقوا بأن انتصارنا أكيد وليقم كل منكم بواجبه.»

 

ذهب الأمين نعمة ثابت، رئيس مجلس العمد، بنفسه، وحده لـمقابلة الذين سيقومون بالـمفاوضة من قبل الـجانب الفرنسي. وكان هادئاً، رافع الرأس، فواجه الـمكيدة برباطة جأش نادرة. وبهذه الصورة التي تصفع التمدن صفعاً ألقي القبض على الأمين الرئيس نعمة ثابت.

 

 

أسماء جميع الذين أوقفوا

 

إني أثبت هنا أسماء جميع الذين تـمكنت دوائر الأمن العام من اعتقالهم وتوقيفهم، وهم كما يأتي، حسب أسبقية اعتقالهم:

 

في بيروت: الأمين عبدالله قبرصي، الأمين بشير فاخوري، وليم سابا، إلياس سمعان، إميل ترك، جورج حنكش، فلاديـمير ثابت؛ في طرابلس: أمين مجذوب، هارون الصالح، إبراهيم الشامي، أكرم صوفي؛ في طرطوس: إلياس جرجي، عبدالكريـم سيروان؛ في دمشق: خالد موره لي، يوسف يازجي، رشيد فرعون.

 

ومن الأنحاء الأخرى: نعمة غزال، إلياس قدسيه، إحسان مسوح، إسبيريدون ديب، محمد القاضي، رفيق أبو كامل، نـمر عبدالباقي، عزيز الأرناؤوط، إميل فتوي، أنطون الرامي، نايف قعوار (عمان)، فكتور أسعد.

 

أسماء الذين لا يزالون رهن التوقيف والـمحاكمة في الـمحكمة العسكرية: الأمين نعمة ثابت، الأمين جورج عبدالـمسيح، منير ملاذي، حسن الطويل حماده، أنيس فاخوري، منصور اللحام، صلاح شيشكلي.

 

مذكرات توقيف غير مُنفَّذة

 

وقد تأكد لي أنّ السلطة أصدرت مذكرات توقيف بحق الزعيم، الأمين مأمون أياس، الأمين فخري معلوف، جبران جريج، سروري بارودي، مصون عابدين.

 

 

التهمة والتحقيق

 

بعد اعتقال القوميين الـمذكورة أسماؤهم فوق باشرت السلطة العسكرية التحقيق معهم بهذه التهمة الـخطيرة:

 

«التآمر على سلامة الدولة في الداخل والـخارج.»

 

وكانت أخبار «الوكالة العربية» الـمأجورة عن وجود الزعيم في برلين، وقيامه على عمل الإذاعة العربيـة في راديـو برلين، وغير ذلك من الأخبار والـمطاعن الـمختلفة، تذاع وتروج في كل مكان. وكان ظاهراً أنّ الـمقصود من ترويج هذه الإشاعات الـمختلقة توليد جو من الشبهات والأضاليل يسهّل للسلطة العسكرية إطلاق يدها في تعقّب رجال الـحركة السورية القومية بدون حساب، وبدون أن يُحدث ذلك رد فعل سريع في أوساط الشعب.

 

الرجعية والنفعية والزمنية قامت على بكرة أبيها تنتهز هذه الفرصة الثمينة للطعن في الـحركة السورية القومية، بينما عدد كبير من رجالها الـمسؤولين يقاد إلى الـمحكمة العسكرية بتهمة الأمانة لقضية الأمة السورية العادلة، والعمل لاسترجاع حقوق الشعب السوري الـمسلوبة.

 

أشبه هذا الزمن زمن الوشايات الكاذبة والسعايات في زمن العهد التركي الـمظلم. فكل مأمور تـحرٍّ طامع بترقية أو إنعام، وكل طالب وظيفة أو حظوة في عين السلطة الأجنبية تقدم جهاراً أو سراً بسعاية أو وشاية ملفقة. ولكن ثبات جنان الأبطال القوميين الـموقوفين والذين لم تتمكن يد السلطة من الامتداد إليهم جعل هذه الـحملة تتكسروتتلاشى.

 

تولى التحقيق الـجوّاس العسكري الكومندان فيتو، فأخذ إفادات الـموقوفين واستقدم عدداً من القوميين وغير القوميين للشهادة. واستقدم لأداء الشهادة عدداً من كبـار رجـال الإدارة السابقـة والقضاء اللبنانيين بينهم الوزير السابق جورج ثابت والنـائب السـابق إبراهيم الـمنـذر، والـمحققون اللبنـانيون الذين حققوا في قضايـا الـحزب السابقـة كالقاضي حسن قبـلان والـمستنطق جـورج مراد وغيرهما. وقد كـانت شهادات جميع هؤلاء مصاقبة لـما كان قد أدلى به الـموقوفون، الأمر الذي ساعد على جلاء الـحقيقـة.

 

في نهاية التحقيق صرّح الـجوّاس الكومندان فيتو أنه لم يجد صحة لشيء من التّهم والوشايات والسعايات التي تضمنتها تقارير رجال الأمن العام، وتناولتها الصحف ولغطت بها الألسن وروجت ترويجاً واسعاً.

 

وقد نال الـجوّاس الكومندان فيتو، بعد فراغه من التحقيق، إجازة لـمدة شهر واحد فسافر إلى وطنه على أن يعود في آخر أبريل/نيسان الـجاري.

 

وفي أوائل هذا الشهر، وبعد ختام التحقيق،صرّح الـمدعي العام لدى الـمحكمة العسكرية أنه مقتنع تـمام الاقتناع بنزاهة [الـحزب] من جميع التّهم الشائنة التي حاولت عناصر الانحطاط إلصاقها به. وقد ألغيت التهمة الأولى وأبدلت بها تهمة العمل لـحزب غير معترف به. وهذه التهمة يعدّلها انتصار الزعيم السياسي على الـحكومة اللبنانية سنة 1937 حين حملها على السماح للحزب بـمتابعة أعماله، وإن يكن بصورة محدودة. وقد عرف الـمحقق هذه الـحقيقة وسجّلها في الدعوى وأيدتها الشهادات الـمثبتة.

 

وقد تناول التحقيق أمر صدور سورية الـجديدة في البرازيل، الذي حاول الاتهام أن يستدل منه على تسلّم الـحزب أموالاً أجنبية لـخدمة أغراض بعض الدول. فتقدم الرفيق أسد الأشقر للشهادة في هذه الـمسألة، فأثبت أنّ الـجريدة نشأت برأسمال سوري بحت وأنّ أصحابها يديرونها على مسؤوليتهم.

 

وامتد التحقيق إلى درس رحلة الزعيم ونفقاتها، فأثبت الرفيق أسد الأشقر أنّ القسم الأول من رحلة الزعيم قام به السوريون القوميون في أفريقية الغربية، وأنه هو شخصياً قدم مبلغاً غير قليل لعضد الرحلة.

 

بناءً على جميع هذه الأسباب لم يكتفِ الـجوّاس العسكري بنفي التّهم الشنعاء الـمختلقة عن الـحزب، بل زاد أنه لن يطلب لرجال الـحزب السوري القومي الـموقوفين تشديد الـحكم عليهم.

 

مصير دعاوى الـمأجورين

 

كنت قد ذكرت في أولى رسائلي إلى سورية الـجديدة أنّ الـمأجور لليهود السيد جبرائيل منسى الذي فضحت مناوراته جريدة النهضة شبه الرسمية للحزب السوري القومي، بـمناسبة ترشيحه نفسه للانتخابات سنة 1937،كان قد أقام دعوى زور على الزعيم ورئيس مجلس العمد. فنظر التحقيق في هذه الدعوى فاستدعى الـمحقق صاحب الدعوى والأستاذين وديع نعيم وإميل لـحود، فاعترف الـجميع بأنه لا صحة للدعوى وأنها لفقت لأسباب سياسية فقط.

 

والناس ينتظرون عودة الـمحقق الكومندان فيتو في آخر هذا الشهر لتقديـم مطالعته وإحالة الـموقوفين إلى الـمحكمة لتلفظ حكمها.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro