مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى فؤاد وتوفيق بندقي
 
 
 
1941/1/9
 

 

الرفيقين العزيزين فؤاد وتوفيق بندقي،

 

تسلمت أمس كتاباً مؤرخاً في 4 يناير/كانون الثاني الـحاضر وعليه توقيعكما وتوقيع الرفيق جورج، إبن عمكما. ولهجة الكتاب توضح أنّ هذه التواقيع الثلاثة تؤلف فريقاً واحداً. وهذا غير جائز لأنّ الرفيق جورج عُيـّن «مدير شؤون» للجريدة باقتراحكما، ولذلك فهو لا يدخل كصاحب حق أساسي، وكونه هو صاحب الامتياز عائد إلى أني كلفته، وجرى التفاهم على تكليفه أخذ الامتياز كحلّ عملي لعقدة قانونية الامتياز. فيكون هو صاحب الامتياز إسمياً لتكليف الزعيم، لا بتقريره الـمستقل. ومحافظة على الأصول القانونية أجعل جوابي موجهاً إليكما. أما الرفيق جورج فكنت قد كتبت إليه منذ مدة، وأنا بعد في جبال كوردبة، فيمكنه أن يجاوبني على حدة ويبدي لي رأيه وموقفه الـخاصين به.

 

حالـما تسلمت كتاب الرفيق جورج الـمعلن رغبتكما الانسحاب من الشراكة الأساسية التي نشأت بنتيجتها سورية الـجديدة لتصبح الـجريدة راجعة بجميع شؤونها الـمادية إلى إدارة الـحزب فضلاً عن الشؤون الـمعنوية التي كان مقرراً أن تكون بكلّيتها من خصائص الإدارة الـحزبية، بادرت إلى تعييـن لـجنة مخابرة. وبعد تعيينها وردتني أخبار بـمباشرتها العمل، ثم وردني من بعض أعضائها أنّ الاتفاق الـمبدئي تـمّ على أن تتخليا عن شراكتكما غير مطالبيـن بتعويض للعجز الـمالي إلا ما يعود من الاشتراكات الـمتأخرة حتى ختام سنة 1940. ووردني أنّ تقريراً وضع بهذه النتيجة سيرفع إليّ. ثم وردني أنه قد جرى العدول عن التقرير، وأنّ مطاليب جديدة ستوضح من قبلكما. ثم وردني كتاب شبه بيان عليه تواقيع أربعة - توقيعكما وتوقيع الرفيق جورج وتوقيع واضع البيان الرفيق إلياس فاخوري. وفي هذا الكتاب الـمطاليب الـجديدة. وتاريخ الكتاب في الـخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الـماضي. ولكني لم أتسلمه إلا في أواسط ديسمبر/كانون الأول أو ما بعدها. فإرسلت جوابي في الـحال بأنّ الشروط الأولى مقبولة، وأنه ليس بالإمكان قبول الشروط الأخيرة.

 

والآن تعلماني مباشرة، في الكتاب الأخير المؤرخ في الرابع من يناير/كانون الثاني الـجاري، أنكما قبلتما الـحل الذي قررته بعد أن راجعتكما اللجنة في 27 ديسمبر/كانون الأول الـماضي. وتعلماني أيضاً أنه بـما أنّ اللجنة الـمكلفة بالـمخابرة لم تتمكن في هذه الـمهلة القصيرة من إيجاد من يتحمل مسؤوليتها الإنشائية «فضلاً عن الـمسؤوليات الأخرى، فقد توقفت سورية الـجديدة عن الصدور ابتداءً من أول السنة الـجديدة، كما سبق وعرفناكم سابقاً.»

 

فيما يختص بعدم عودة اللجنة إلى مراجعتكما قبل 27 من ديسمبر/كانون الأول الـماضي فقد أصبح واضحاً. فهي لم تتلقَّ مني تعليمات قبل ذلك التاريخ، بناءً على أني أنا أيضاً لم أتلقَّ أية مخابرة اقتراحية قبل أواسط ديسمبر/كانون الأول والسبب هو عدولكما عن الأساس السابق.

 

أما توقيفكما الـجريدة من غير إعطاء مهلة كافية فعائد إلى مجرّد رغبتكما. واللجنة غير مسؤولة عنه بسبب خروج الـمفاوضة عن الأساس الذي أرسلتما تعرضانه عليّ وهو: ترككما علاقتكما بالـجريدة في آخر السنة، «متحمليـن مسؤوليتها الـمالية لغاية آخر السنة، أي سنة 1940.» فأثناء الـمخابرة تبيّـن أنكما لا تتحملان كل النفقات، بل القسم الباقي من تسديد الاشتراكات حتى آخر سنة 1940. ثم صار العدول من قبلكما عن هذا الـموقف إلى موقف الـمطالبة بـمبلغ أربعيـن كنط تدفع مرتّبة في أقساط. فعدم انتظام أمر الـمفاوضة على أساس واحد بيّـِن، جعلني أنا هنا لا أدري ما هي التعليمات التي يـمكن إرسالها إلى اللجنة وإلى بعض القومييـن. وبـما أنّ هذه اللجنة ألّفتها لتكون لـجنة مفاوضة محدودة الصلاحية فقد أدت مهمتها، وكان قصدي، حال فراغ مهمتها، تعييـن لـجنة جديدة لتدبير شؤون سير الـجريدة وتأمينها. ولم يكن يخطر في بالي أنّ الـمخابرة ستصطدم بهذه الرجرجة، وأنكما، بعد التغلب على الصعوبات لا تريان ضرورة تقرير مهلة لتأليف اللجنة التي تتولى الإشراف على سير الـجريدة، وأنكما توقفانها بالفعل بدون تقدير وجوب مخابرتي في هذا الأمر لعل لي ما أقوله. فهذا التدبير الذي قمتما به يضعني تـجاه «أمر واقع».

 

كنت أنتظر ألا أفاجأ بهذه النتيجة، وأن يتغلب النظام القومي على النظرات الفردية، وأن نوصل مسألة سورية الـجديدة إلى الـموقف الذي يؤمّن مصلحة الـحركة القومية، فيمكنّي ذلك من كتابة غير هذا الكتاب إليكما ومن إعطاء الـجهود الـمبذولة قيمتها الصحيحة في نتيجة حسنة. وأي تقدير أحاول إبداءه الآن يكون ناقصاً بحكم النتيجة السلبية الـحاضرة، وما يـمكن أن يكون لها من التأثير في المستقبل.

 

إني كنت أنظر إليكما كقوة قومية لا تفشل، وأعتقد أنكما ستريان أنّ العمل بالنظام القومي الذي يعيد الأمور إلى مراجعها الـمرتّبة من قبل هو أفضل الطرق للحياة القومية الصحيحة. وفي الـمدة التي مرت وجدت أنّ مسائل كثيرة لم تكن ترجع إلى مراجعها فكان من وراء ذلك اختلال الأعمال النظامية الذي لا نتيجة له غير الـخذلان.

 

إني سأتخذ التدابير اللازمة لـمواجهة الأمر الواقع الناتـج عن انسحابكما الفعلي. وبما أنكما قد انسحبتما من سورية الـجديدة نهائياً بـمطلق رغبتكما وإرادتكما ولم تعد لكما أية علاقة بإدارة الـجريدة الـمالية أو بإدارتها الطباعية أو أي شأن من شؤونها، فإني سأهتم من هنا بأمر إصدارها. وفي كل ما سأتخذه من التدابير سأعتمد على أنكما ستتخذان الـموقف الـمؤيد لـجميع تدابيري وتعليماتي، عملاً بالنظام القومي الذي يتناولكما، وحرصاً على سلامة القضية القومية التي يـمثّلها ويعبّر عنها الـحزب السوري القومي وحده، ولكي لا يكون في الـمستقبل مجال للقول بأنّ الرفيقيـن فؤاد وتوفيق بندقي الشريكيـن، استبدا بأمر الـجريدة في غياب الزعيم وتصرّفا في شؤونها بإرادتهما الـمطلقة تحت ظل الـحركة القومية من غير رجوع إلى حكم الزعيم، وبعد أن انسحبا من شراكتهما في الـجريدة امتنعا عن معاضدة الـمشروع وتسهيل تنفيذ أوامر الزعيم كما يقضي عليهما القَسَم الذي أقسماه والنظام الذي يخضعان له.

 

وبهذه الـمناسبة أذكّركما أنه مع أنكما دخلتما في مشروع الـجريدة كشريكيـن للحزب السوري القومي في تأسيسها، وذلك قبل انضمامكما إليه، فإنّ دخولكما في الـحزب فيما بعد يدمج في صفتكما الأولى صفة جديدة هي صفة الـجندي القومي العامل بنظام حزبه وأوامره. فشراكتكما الـمالية في سورية الـجديدة لم تعد لها صفتها الأولى، إلا في الشؤون الـمالية البحتة. وموقفكما، فيما سوى ذلك، يجب أن يكون موقفاً قومياً نظامياً بالروح وبالفعل. وهذا يعني أني سأنتظر منكما بصفتكما سورييـن قومييـن الـمعونة والـمساعدة الضروريتيـن في هذه الظروف وتنفيذ ما تكلَّفانه ضمن نطاق مقدرتكما الـمعروفة عندي. وأول ما أطلبه منكما هو عدم الضغط على الرفيق جورج إبن عمكما لاتخاذ موقف تريدانه أنتما له. أما مصلحتكما في هذا الأمر فيمكنكما أن تعرضاها عليّ، وأن أبحث معكما بكل سرور كل أمر تعرضانه بـمقتضى الرابطة القومية النظامية التي بيننا، والتي تعيّـن مرجعاً واحداً لأعمالنا ومجهوداتنا.

 

وإني أنتظر ورود جوابكما الذي يعيّـن موقفكما النهائي، وهكذا تتم عندي الأسباب التي تـمكنّي من إرسال تقديري الكامل للمجهودات الـماضية وللموقف الأخير. وكل ظني أنّ جوابكما سيكون مطابقاً لاعتقادي ولـما تقتضي به الروحية القومية وظروف الـجهاد القومي الـحاضر. وبما أنكما قد أظهرتـما استعدادكما للقيام بالواجب أولاً، ثم بالتضحية الـممكنة ثانياً، فلا بد لي من لفت نظركما إلى أنّ الواجب والتضحية لا معنى لهما خارج النظام الذي اجتمعنا عليه وعلى إقامته وتأييده.

 

وقد تقبلت تهانئكما بالسنة الـجديدة بكل سرور، وسرّني تـجديدكما عهد إخلاصكما، وأود أن يكون من وراء تـجديدكما العهد ميل إلى درس عمق فلسفة النظام السوري القومي، وعزم على جعل هذا النظام نافذاً تـحت كل الظروف.

 

وأنا أتـمنى أن تكون السنة الـجديدة سنة خير لكما في حياتكما الـخصوصية، وتوفيق في الـخدمة القومية ضمن النظام الذي أصبح يـمثّل شخصيتنا الـمجموعية. ولتحيى سورية.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro