مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى هشام شرابي
 
 
 
1948/8/23
 

 

إلى الرفيق هشام شرابي

 

جامعة شيكاغو

 

رفيقي العزيز،

 

تسلمت كتابك الـمؤرخ في 3 يوليو/تـموز الـماضي وفرحت بوصوله وبـمضمونه. وكان سروري كبيراً بالنتائج الفكرية والروحية التي حصلت من اختباراتك في البيئة الـجديدة الغريبة التي قضيت فيها ما يقارب السنة. وقد ساعدك الاغتراب والابتعاد عن الـمشاكل اليومية الـمتنوعة الـملحّة في الـحركة القومية الاجتماعية، مع الاتصال بالنتاج الفكري الثقافي، على التأمل في هدوء في الأساس العَقَدي للنهضة القومية الاجتماعية العظيمة التي نقوم بها، ومقابلته بغيره مـما عرض لك في دراستك وفي احتكاكك بأنواع العقائد والـمذاهب التي عرضتها أمامك البيئة الإنترناسيونية التي قضيت فيها الـمدة الأخيرة، وإدراك عظم الرسالة الإنشائية التعميرية التي نحملها ونعمل لتحقيقها.

 

إنّ نظرتك الواضحة إلى ما وصلت إليه واقتناعك باكتفائك من الدروس الفلسفية وبحاجتك إلى العودة إلى الوطن - إلى مدرستنا الفلسفية الإبداعية، لـمعالـجة أسسها العقدية وإكمال بناء نفسك في تعاليمها وتثقيف الأفكار بها - إنّ هذه النظرة تتفق كل الاتفاق مع حديثي الأخير إليك وإلى الرفيق فؤاد نـجار في وجوب البناء النفسي - الفلسفي في تعاليمنا ومذهبنا الأصيل، وإني أرحّب كثيراً بعزمك على العودة إلى الوطن في أواخر هذه السنة. فالعمل العقدي الثقافي يحتاج إلى هذا الإحساس الـحي الفاعل الـمتجلي فيك. ونحن في معركة فكرية سلاح أعدائنا فيها ليس من أفكارهم وتعابيرهم، بل من أفكارنا وتعابيرنا! فهم يقتبسون كل نظراتنا الفلسفية والسياسية ومبادئنا الاجتماعية ويـمسخونها ويصبغونها بـمعتقداتهم ودعواتهم العوجاء فيظنهم الناس منشئيـن ومفكرين! ولـمّا كانت وسائلهم للنشر أكثر كثيراً من وسائلنا، وكان الوقت اللازم لعملهم باطمئنان واستمرار مستتباً لهم، فإنّ الكثير من أفكارنا أصبح يُعرف عنهم أكثر مـما يُعرف عنا في أوساط لـمّا تصل إليها إذاعتنا.

 

من جهة أخرى نحن في حاجة كبيرة إلى زيادة إنتاجنا الأدبي وإلى بث روح النهضة الأولى والإيـمان بالنصر والـحرب من أجله. إنّ الـميعان السابق الذي تولد أثناء غيابي بعامل الاتـجاهات الفردية غير الـمسؤولة كاد يفقدنا معنى القضية والإيـمان بالتعاليم والعمل في وحدة الاتـجاه، وكدنا نعود إلى الفوضى التي من أهم أهداف الـحركة القومية الاجتماعية القضاء عليها. لذلك أسرّ كثيراً بتنبّهك إلى هذه الناحية الهامّة من العمل القومي الاجتماعي الظاهر في العبارة الواردة في كتابك: «إنّ مراجعتك التعاليم وأدب العقيدة قد أدت إلى شعورك بالنقص الشديد في الاهتمام بهذه القواعد والـحاجة الـملحّة لـمعالجة هذه الأسس العقدية ودرسها وتـمحيصها وبناء الصرح العقدي الهائل الـموجود فيها ضمناً، عليها» وإني أرحّب كثيراً برأيك في تقسيم العمل بيـن اختصاصييـن وهو ما كان من جملة قواعد التنظيم الـحزبي التي وضعت تشاريعها. بـمثل هذا الفهم يـمكننا أن نواجه الـمستقبل، بصفتنا حركة، بثقة عظيمة تذلل كل صعب.

 

إنّ عودتك في أواخر هذه السنة تأتي مناسبة لاحتياجات النهضة العظيمة التي نقوم بها. ومع أني كنت أود أن تكمل درس الدكترة من أجل قيمة الـمركز العلمي والرتبة بالنظر لـمفهوم البيئة ونظر الـمؤسسات التهذيبية، فإني أفضّل اكتفاءك من التخصص في العموميات بـما وصلت إليه لتنصرف إلى التخصص في فلسفتنا وقيمنا والعمل في ثقافتنا. فمجموعنا القومي الاجتماعي في أشد الـحاجة إلى الـمتخصصيـن في عقيدته الذين ينصرفون إلى توطيد أسس نهضته وتقوية ثقته بنفسه وبـمصيره. وإنّ وجودك بقربي سيعينني على تصريف أمور كثيرة تزدحم وتتراكم حولي وليسوا كثراً الذين أستطيع تكليفهم النظر في بعضها. ولكن الـمشكلة التي يجب حلّها هي عملك الكسبي في الـمكان الذي يقوم فيه مركز الـحزب. فإذا لم نوفق بـمركز لك في الـجامعة الأميركانية وجب أن نبحث كل الـمشاريع والإمكانيات التي تـمكّن من إبقائك في الـمركز. ولعل حالة الـحزب الـمالية تتحسن بحيث نتمكن من توفير بعض الأسباب، ولكن وجودك هنا سيساعد كثيراً على حلّ هذه الـمشكلة.

 

لا مانع عندي أو في الـمركز من زيارتك للأميـن السابق فخري معلوف مع أني أرجّح، بالنسبة إلى الـمعلومات، عدم الفائدة من زيارته إلا فائدة الوقوف على حالته.

 

وردتني بصورة متتابعة قصاصات الـجرائد الأميركانية في صدد الـمسألة الفلسطينية وهي مفيدة لـمعالـجتنا الأمور، وآخر ما ورد هو قصاصة مجلة تايـم في 16 أغسطس/آب الـحاضر الـمحتوية على مقال «إسرائيل».

 

أتـمنى لك النجاح التّام في أطروحتك وآمل أن تعود سريعاً معافى فنعود إلى الاجتماع والتحدث والعمل معاً. إقبل سلامي القومي. ولتحيى سورية.

 

 

بعد: إذا توفقت في العمل مع السيد منير سعاده فيمكنك تكليفه الاهتمام بـمراسلتنا ومواصلتنا بكل ما يهمّ قضيتنا مـما ينشر في أميركانية.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro