مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
حق الصراع هو حق التقدم
 
 
 
كل شيء، بيروت،العدد 107، 15/4/1949
 

 

الإنترناسيونية الشيوعية الروسية والعالـمية الأميركانية ومنظمة الأمـم الـمتحدة ومؤسـستهـا الثقـافيـة (الأونسـكـو) والـمؤتـمـر الثقـافـي العالـمي والـجمعيات الدينية بأشكـال عـديـدة - جميع هذه مؤسسـات تريد، في الظاهر، وحـدة إنسانية وسلاماً عالـمياً دائماً.

 

أقـول في الظـاهـر وأكتـب الكلمـة بالـحبر الأسـود كي لا تفوت القارىء أهمية الـمغزى الـمقصود منها.

 

إنّ جميع الأمور السياسية لها ظاهر ولها باطن، وفن الظاهر والباطن هو فن الدبلوماسية. فلا دبلوماسية بلا ظاهر وباطن. ولا بدّ لنا، في معالـجتنا هذا الـموضوع الدبلوماسي الدقيق، من محاولة اكتشاف الباطن بالاستدلال من الظاهر ومن معرفة الأسباب والـحاجات والـمقاصد.

 

ماذا تعني «الوحدة الإنسانية والسلام العالـمي الدائم»؟

 

إنهما يعنيان الاستسلام للأمر الـمفعول والقناعة بالـحالة الراهنة وعدم محاولة الانتقاض على شيء مـما لم يكن إلا بإرادة أوصلت ما لم يكن إلى ما هو كائن في حالته الـحاضرة وعدم تطلّب ما هو في حالته الـحاضرة تغيير هذه الـحالة. أما هذه الـحالة فتعني تقدماً وغنى وسطوة لأمـم معينة كانت صغيرة في البدء ثم نـمت وكبرت بفاعلية النمو وعزيـمة الصراع، وهي تعني تقهقراً لأمـم معينة، كالأمة السورية، كانت عظيمة في البدء بفاعلية النمو وعزيـمة الصراع إلى أن كان ذات يوم غُلبت على أمرها وفقدت سيادتها وتـحكمت بـمصيرها الإرادات الغريبة واستولت على مواردها وإمكانياتها.

 

لا تعني الوحـدة الإنسـانيـة وحـدة حقيقيـة لـجميع الناس وتساوياً تامّاً في التمتع بـموارد الـخـير وفي توزيـع الـموارد الأولية الـموجـودة في الأرض على جميع الناس بالتساوي، ولا تعني صيرورة الناس أمة واحدة في وحـدة الـحيـاة والشعـور والنظـر إلى الـحياة.

 

لا تعني وحدة الـحركة العمالية الطبقية الشيوعية في العالم، أنّ العمال السوريين ستكون لهم حالة مساواة في الـحياة والـمعاشرة والـمنزلة والنتائج مع العمال الروسيين والفرنسيين والإنكليز وغيرهم، فخصائص الشعوب ونفسياتها لا تزول بـمجرّد فكرة سياسية أو اقتصادية.

 

ولا تعني العالـمية الأميركانية أنّ الأميركان مستعدون لـمقاسمة جميع الشعوب الفقيرة خيرات بلادهم.

 

ولا تعني «الأونسكو» و«الـمؤتـمر الثقافي العالـمي» غير دعوة كل فئة إلى سلام تسيطـر عليه الأمـة الأقـوى فيها وتضبط بواسطتـه حـالـة جميـع الأمـم وتـحافظ على سيطرتها وما تعنيه سيطرتها من امتيازات لشعبها ومن خير يـمكنه أن يُلقي بفُتاته إلى بقية الشعوب.

 

إنّ الأمـم التي هي اليوم أمـم قويـة كبيـرة لم تكـن كذلك من أول وجودها بل صـارت بجهادهـا وتغلبها على الصعوبات وبالظروف الـمؤاتية والفرص السانحة وبسعادة الـحظ أحياناً وبالـحروب الاستعماريـة، وبالثورة الصناعية والاقتصاد القومي. فهل يجب أن يقف التطور عن فعله وأن يجمد العالم عند الـحد الذي تريده الأمـم والدول العظمى؟ وهل يجب أن تـُحرَم الأمـم الثقافية التي كانت عظيمة في الـماضي كالأمة السورية من العودة إلى عظمتها من أجل الـمحافظة على السلام الذي ينعم بخيراته غيرها وتشقى بحرمانها هي من الـخيرات التي هي حقها وجزاء انتصارها؟

 

إنّ الاستسلام لفكرة الوحدة العالـمية والسلام العالـمي الدائم يعني التنازل عن الصراع والـحرية وعن الانتصار والـحق. والأمة التي تتنازل عن الصراع تتنازل عن الـحرية، لأنّ الـحرية صراع!

 

إنّ النهضة القومية الاجتماعية لا ترفض السلام العالـمي الدائم بعد أن تكون حققت انتصاراتها العظمى التي تـجعل للأمة السورية مرتبة مـمتازة في السلام وفي حقوق السلام. أما السلام العالـمي بعد تـجريد الأمة السورية من حقوقها القومية في كيليكية والإسكندرونة وفلسطين وسيناء وقبرص وبعد تـجريدها من مواردها الطبيعية، فماذا يعني لها غير الذل والفقر والفناء؟

 

في سنة 1937 كتبت مقالاً عنوانه «شق الطريق لتحيا سورية»، قلت فيه: «ليس أفضل من تنازل بعض الأمـم عن حقوقها في الـحياة من أجل إقامة سلام دائم وسورية القومية الاجتماعية ترفض أن تكون من هذا البعض»! .

 

تنتشر في بلادنا فئات أجنبية عديدة تُنشىء الـمؤسسات العلمية والتبشيرية، ولا همّ لها إلا أن تعلّمنا محبة السلام وكره قوميتنا وخوف الـحرب، كأننا نحن نهدد السلام بـمعداتنا الـحربية وجيوشنا الضخمة واختراعاتنا التدميرية.

 

إنّ هذه الأمة تكاد تختنق من خمول السلام وسلام الـخمول وتكاد تتلاشى!

 

إننا لا نريد الاعتداء على أحد، ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمـم أخرى. إننا نريد حقوقنا كاملة، ونريد مساواتنا مع الـمصارعيـن، لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به.

 

إنّ الـحركـة القوميـة الاجتماعيـة هي حركة صراع وتقدم لا حركة استسلام وقناعة. إنها ليست مستعدة للتنازل، بل للانتصار.

 

حـق الصـراع هو حـق التقـدم، فلسنـا بـمتنازليـن عن هذا الـحق للذين يبشروننا بالسلام ويهيئون الـحرب!

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro