مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
محاضرة الزعيم الأولى في الندوة الثقافية
 
 
 
السبت 7 يناير/ كانون الثاني 1948 كما سجلها الأميـن جورج عبدالـمسيح النظام الـجديد، بـيـروت، الـمجلد 1، العدد 1، 1/3/1948.
 

 

وإذا كنـا نريـد، فعلاً، تـحقيق النهضة القومية الاجتماعيـة وتأسيـس الـمجتمع الـجديد بتعاليمها ودعائمها، كان الواجب الأول على كل قومي اجتماعي في الأوساط الثقـافيـة، الاطـلاع علـى الأمـور الأسـاسيـة، وفي صـدر وسـائـل الاطـلاع والـمعرفة الصحيحة الندوة الثقافية. فيجب أن نطبّق نظامنا على اجتماعات الندوة الثقافية. وإذا كنا لا نقدر أن نطبّق النظام في الأوساط الـمثقفة، اعترفنا بأن هذه الأوساط غير صالـحة لـحمل أعباء حركة فكرية ذات نظرة واضحة إلى الـحياة، وليست أهلاً للاضطلاع بعمل عظيم كالذي وضعناه نصب أعيننا، وهو إيجاد مجتمع جديد نيّر في هذه البلاد وإيصال هذه النظرة إلى كل مكان. يجب علينا أن نفهم هدفنا فهماً صحيحاً لنكون قوة فاعلة محققة ولكي نتمكن من العمل الـمنتج.

 

بعـد الاطـلاع يـمكن تكويـن رأي. وحينئذٍ لا يبقى مجـال لـحدوث بلبلة كما حدث في الـماضي في غيابي، وعلى أثر مجيئي ونظري إلى الأمور بالنقد والتحليل، وأخذي التدابير للقضاء على الفوضى والانحرافات التي كانت آخذة في التفشي وتهديد مستقبل هذه النهضة العظيمة القائمة بالـمعرفة، وآلام ألوف العاملين بإيـمان وإخلاص. فلا بدّ من الاعتـراف أنـه كـان في الدوائـر العليا تفسخ في الأفكار والروحية وفي النظر إلى الـحركة ومراميها.

 

ولكي لا نعود القهقرى يجب أن نكون مجتمعاً واعياً، مدركاً، وهذا لا يتم إلا بالدرس الـمنظم والوعي الصحيح. إنّ محاضرة تشتمل على كل الأسس في الـحركة القومية الاجتماعية لا تعطي النتيجة الثقافية الـمطلوبة، لأن الثقافة عمل طويل لا يـمكن أن يتم برسالة واحدة أو كتاب واحد، لأن الأمور تـحتاج إلى تفصيل وتوضيح بالنسبة إلى الـمسائل التي نواجهها. علينا أن نفهم فلسفة الـحركة لندرك كيف يـمكن أن نعالج الأمـور. في الاجتمـاع الأول للطلبة قلت شيئـاً أريـد أن أذكّـر الطـلاب به وهو: عندما نقول نهضة نعني شيئاً واضحاً لا التباس فيه ولا مجال لتضارب التأويلات في صدده. النهضة لا تعني الاطلاع في مختلف نواح ثقافية متعددة وعلى التيارات الفكرية الـموزعة في هذه البلاد، والتي جاءت مع بعض الـمدارس من أنكلوسكسونية ولاتينية وغيرها، وإنها لا تعني مجرّد الاطلاع والتكلم في الـمواضيع الـمتعددة أو الـمتضاربة بدون غاية وقصد ووضوح.

 

التكلم في مـا نعرفـه عن بعض الفلاسفـة الغربييـن أو الـمفكـرين السياسييـن الغربييـن أو الذين اكتشفوا اكتشافات علمية لا يكفي ليكون نهضة منا نحن.

 

إنّ النهضـة لها مدلول واضح عندنا وهو: خروجنا من التخبط والبلبلة والتفسخ الروحي بين مختلف العقائد، إلى عقيدة جلية صحيحة واضحة نشعر أنها تعبّر عن جوهر نفسيتنا وشخصيتنا القومية الاجتماعية ـ إلى نظرة جلية، قوية، إلى الـحياة والعالم.

 

إذا وصلنا إلى الاقتنـاع بأننا أصبحنـا ننظر إلى الـحياة وإلى الكـون الـماثـل أمامنا وإلى الـخلق الذي ينبثق منا بالنسبة إلى الإمكانيات كلها في العالم ونستعرض مظاهرها ونفهم كل ذلك فهماً داخلياً، بنظر أصلي ينبثق منا نحن بالنظر إلى حقيقتنا، فحينئذٍ يـمكننا القول إنّ لنا نهضة، إنّ لنا أهدافاً.

 

أما التكلم الـمبعثر على فولتير وموليير ولنكلن وهيغل ووليم جايـمس وكانط وشوبنهور... إلخ. وعلى مختلف الـمدارس الفكرية بدون أن يكون لنا رأي وموقف واضح من تلك الأفكار وأولئك الـمفكرين، فلا يعني أنّ لنا نهضة. إنّ ذلك لا يعني إلا بلبلة وزيادة تخبط. إنّ الفكر البعيد عن هذه القضايا هو أفضل من الفكر الـمضطرب الـمتراوح الذي لا يقدر أن ينحاز أو أن يتجه، لأنه متخبط وليس له نظرة أصلية، ولا يدرك ماذا يريد.

 

الفكـر الـمضطرب يبتدىء بالتأثر بأحد الـمفكرين ثم ينتقل إلى آخر، ثم يحصر نفسه ضمن نطاق بعض الأفكار ولا يعود يخرج. ويبدأ بـمناقضة كل من له رأي آخر فتنشأ حالة الفسيفساء التي تتقارب قطعها ولكنها لا تتحد.

 

إنّ مثل هذا الفكر لا يـمكنه أن يحقق شيئاً. الإنسان الذي لا يزال على سذاجة الفطرة له شخصية واستقلال نفسي وجوهر أعظم من شخص وضع نفسه أداة تسير بأفكار بعيدة عن حقيقته. وإنّ الأفكار الـمعتنقة اقتباساً من الـخارج لا تـحرك عوامل النفسية الصحيحة.

 

النهضة، إذاً، هي الـخروج من التفسخ والتضارب والشك إلى الوضوح والـجلاء والثقة واليقين والإيـمان والعمل بإرادة واضحة وعزيـمة صادقة.هذا هو معنى النهضة لنا.

 

ظهر هذا الـمعنى في بـداءة العمل السـوري القومي الاجتماعي في حركتنا ضمن وثائق متعددة أهمها وأولها خطـاب الزعيم في أول يونيو/ حزيران 1935 وقد عبّر فيه عن قواعد أساسية مهمّة وعن أهداف عملية يتوخى الـحزب إصابتها والتمكن منها.

 

وقـد فهـم النـاظـرون من خـارج الـحزب قيمـة ذلك الـخطـاب،قيمته العقديـة والتوجيهية وتعبيره عن نظرة الـحزب ونهجه، وعدّوه الوثيقة الأساسية لدرس حقيقة الـحزب السوري القومي الاجتماعي ومراميه وكتبوا في ذلك، كما فعل الـخوراسقف لويس خـلـيـل الذي أصـدر سنـة 1936 كراسـاً لـمحاربـة النهضة القومية الاجتماعية وتعاليمها التحريرية الواضعة قواعد مجتمع جديد جعـل عنوانه  الـحزب السوري القومي، مؤامرة على الدين والوطن. وفي اجتماع مقبل سنحلل ذلك الـخطاب، ثم ندرس من جديد الـمبادىء التي ندين بها دراسة كاملة.

 

إنّ الـمبادىء هي مكتنزات الفكر والقوى، وهي قواعد انطلاق الفكر، وليست الـمبادىء إلا مراكز انطلاق في اتـجاه واضح إذا لم نفهمها صعب علينا أخيراً أن نفهم حقيقة ما تعني لنا وكيف نؤسس بها حياة جديدة أفضل من الـحياة التي لا تزال قائمة خارج نطاق نهضتنا.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro