مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى جورج بندقي
 
 
 
1939/7/23
 

 

الرفيق العزيز جورج بندقي،

 

قرأت منذ يوميـن خبر قرار الـحكومة البرازيلية إجبار الصحف الأجنبية على نشر ترجمة موادها، ولم أفهم تـماماً إذا كان يجب ترجمة الـمقالات فقط أو جميع الأخبار. ومهما يكن من الأمر فإنّ هذا القرار يحملني، لأول وهلة، على التفاؤل وسأنتظر تفاصيل منك قبل البتّ النهائي في هذه الـمسألة. وقبل كل شيء أريد أن تتقيد بالتعليمات الـمرسلة إليك بطريقة خاصة وفيها أن تُظهر لـجميل صفدي أنك لا تقبل من الآن وصاعداً أي تدخّل في شؤون الـجريدة، التي تريد أن تستقل بها وبرأيك فيها، وتـمنع تدخّله أو اتصاله بإدارة الـجريدة وشؤونها، ويجب التحفظ جداً تـجاهه في كل أمر.

 

الـجريدة: إنّ قرار الـحكومة البرازيلية سيقلب حالة الصحافة السورية ويفسح الـمجال لتقدم سورية الـجديدة وسيطرتها إذا أُحسِن درس الـحالة الـجديدة واتخذت تدابير فعالة لـجعل إدارة الـجريدة قوة كبيرة دقيقة.

 

الإدارة: إنّ إدارة سورية الـجديدة هي حتى الآن إدارة أولية، أي إنها إدارة هيّأَت بداءة الـمشروع وطريقة استمراره الأوليّ، فعملها في حياة الـجريدة لا يزال ثنويّاً، فعدا عن تهيئة الوجهة السلبية من سير الـجريدة، وهي وجهة الطباعة ولوازمها، لـمّا يظهر للإدارة أي أثر في الوجهة الإيجابية التي هي وجهة الإذاعة عن الـجريدة وإيصالها بشتى الطرق إلى الأوساط وتدبير الوكلاء الذين يذيعون عنها ويدبّرون مشتركيـن ويقبضون اشتراكات ومراسلة الـمشتركيـن ودرس مسألة الإعلانات، وغير ذلك من الأمور التي تـحتاج وقتاً ودرساً وعناية، وقد كتبت لك في كتاب سابق شيئاً في أهمية إدارة شؤون الـجريدة ووجوب الاهتمام الـجدي بهذه الناحية، والآن يجيء قرار الـحكومة البرازيلية فيوجب إعادة النظر والتفكير في إدارة سورية الـجديدة ورفعها إلى مرتبة من القوة والدقة تؤهلها للاضطلاع بالأعباء العظيمة التي ستضعها عليها الـحالة الـجديدة. وإني أفكر في أن يكون للجريدة مجلس إدارة قوي، ينظر في احتياجاتها ووسائل تقدمها ضمن خطتها ومنهاجها، ويدرس ظروفها السياسية ويضع تقارير مفصلة عن سيرها واقتراحات للتحسيـن. فيجب أن يكون هنالك عدد من الرفقاء القديرين الـخبيرين يسهرون على مصلحة هذه الـمؤسسة الـحيوية وإلا تعرضت لأخطار ليست في الـحسبان، خصوصاً وأنها مؤسسة تتناول جبهة من جبهات الصراع الفكري فتُستهدف من جراء ذلك لهجمات ومفاجآت الأعداء والـخصوم. فهي ليست مجرّد عمل فردي تـجاري بل مؤسسة تفعل في حياة شعب من حيث خدمتها التجديد الروحي في أمة ولذلك فإنّ أهميتها العامة تستوجب السهر الدائم على أمورها جميعها. وأرى أن يتألف الـمجلس من ابن عمك فؤاد [بندقي] وتوما [توما] وإدوار [سعاده] أو نديـم [شحفي] في محل توما، وقبل أن يحدث ذلك نهائياً أحب أن تكتب لي في هذه الـمسألة، أو أن يكتب توما بعد تبادل الآراء. وطبعاً يكون مدير الشؤون ومدير الكتابة والتحرير عضوين بطبيعة وظيفتيهما مكمليـن لهيئة الـمجلس. فيجتمع هذا الـمجلس كل أسبوع، أو كل خمسة عشر يوماً، لدرس سير الـجريدة واتخاذ التدابير التي يراها موافقة، ويجتمع أولاً لوضع خطته الأساسية وعرضها عليّ لأعطي التوجيهات الـمفيدة. وبهذه الطريقة يصبح للجريدة جهاز قوي متين يؤمن سيرها. وإنشاء هذا الـمجلس ضروري جداً لـمعالـجة الشؤون الـخطيرة التي تعرض للجريدة. وتأليفه بسرعة يسمح بدرس التطورات التي يجب أن تدخل على كتابة الـجريدة، وإيجاد التراجمة القديرين واحتكار عملهم، حتى تأمن الـجريدة من عدم الـمزاحمة ومن صحة الترجمة التي يجب أن يقوم بها قوميون أو محبذون غزيرو العلم خبيرون بأسرار اللغتيـن وتعابيرهما. وإنّ صدور القانون الـجديد بوجوب ترجمة مواد الصحف الأجنبية سيكون مفيداً جداً لـخطة الـجريدة، فتصل إلى أبناء السورييـن الذين يريدون أن يعرفوا ويجب أن يعرفوا الـحقائق الثابتة عن أصلهم وتاريخه، وقضية الأمة التي تـحدروا منها، فيصيرون صلة جيدة بين التفكير السوري القومي والشعب البرازيلي، ويؤثرون على أوساطهم بين السورييـن والبرازيلييـن، وهم فئة هامّة يجب العناية الشديدة بأمرها، وإني أثق أنّ ترجمة ما نشر وينشر في سورية الـجديدة، ترجمة راقية أمينة، تُكسِب الـجريدة والقضية القومية عناصر جديدة قوية مفكرة، فيها الـمحامي والطبيب والـمهندس والأديب والعالِم، وهؤلاء أقرب بثقافتهم إلى فهم عناصر التفكير السوري الـجديد وقوة روحية النهضة السورية القومية من العناصر الـجاهلة الـمدعية. وهذه الناحية خطيرة جداً وتنفيذ مقتضياتها، من حيث إيجاد ترجمة راقية دقيقة لـمواد الـجريدة، سيكسبها نفوذاً ويجعلها الـجريدة الـمسيطرة في الـجالية في البرازيل سيطرة مطلقة. وهذا ما يجب أن يبحثه الرفقاء بكل دقة.

 

سير الـجريدة حتى الآن: في كتاب أرسله إليّ توما يقول إنّ عدد مشتركي الـجريدة في سان باولو كان يتناقص. فأريد أن أشير إلى أني أرى في ذلك دليل الـمقاومة السياسية الـخفية التي يقوم بها خصوم الـجريدة وأعداء القضية القومية سراً، فهذه الـمسألة لا تتعلق بعقلية الـمشتركيـن ورغباتهم هم بقدر ما تتعلق بالدسائس والدعاوات الـخفية في أوساط الـجالية، ووجود جواسيس قرب الإدارة يجب إقصاؤهم في الـحال حسب التعليمات الـمرسلة بطريقة أخرى. ومقاومة هذه الـحالة يكون بإقصاء الـمشكوك بهم عن العمل وبتوزيع أعداد من الـجريدة مجاناً كل مدة، وتوزيع نشرات توضح للسوريين الفوائد العملية التي يجنونها من الاشتراك، وبالاتصال بالعناصر السورية الغيورة على القضية القومية وتنبيهها إلى الـخطر وإلى واجباتها في هذه الظروف، وإيجاد جبهة مقاومة لتحركات الأعداء. ومسألة الـمقالات القصيرة والطويلة ليست سوى حيلة لإخفاء الدعاوة العاملة في الـخفاء. فالـجريدة قد أوجدت اتـجاهاً جديداً في عالم الصحافة بدليل أنّ الـجرائد الأخرى أخذت تقلّدها في أخبارها، وهذه فتى لبنان أليست أخبارها الـجديدة «مقالات طويلة»؟ وأريد بهذه الـمناسبة أن ألفت نظرك إلى ما نشرته جريدة البريد عن صدور سورية الـجديدة، وتهديدها بإقفالها، وما صرّح به صاحب أبجد هوز، وعمل الوشاة ووجود الـجبهة الانتدابية الاستعبادية، فمسألة تقدم الـجريدة يجب أن تدرس من ناحيتها السياسية في الدرجة الأولى.

 

عمل مدير الكتابة والتحرير: إنّ معظم الـمقالات الرئيسية التي كتبها رشيد [شكور] تخالف في تفاصيل علمية ونظرية، وفي نظريات بكاملها، اتـجاه التفكير القومي للنهضة السورية، كما بيّنت له ذلك في كتب أرسلتها إليه رأساً. وواحد منها كان قاسياً بقدر ما هو صريح، لأني أكره الـمواربة والرياء والـخفاء، وفي الكتاب الأخير الذي أرسلته إليه على أثر ورود العدد الـمزدوج، بواسطة السيد جميل [صفدي]، قبل تقرير مصيره الأخير قلت له إني لا أتبنى مقالاته إلا بعد عرضها على لـجنة تـمحصها وتنفي منها ما هو مخالف للتفكير القومي. والأفضل أن يرسل هذه الـمقالات إلى الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود الرفيق أسد الأشقر، وهي كلها مقالات لا يـمكن أن يـمضي عليها الوقت لأنها مقالات غير متعلقة بالأخبار الـجارية كمقالة «نهضة سورية الأدبية»، ومقالاته في الدين، ومقالته الأخيرة في «التشريع والبيئة». وإنّ نشر هذه الـمقالات كما هي يولد بلبلة روحية وميعاناً في التفكير السوري القومي. ويجب أن يكون معلوماً جيداً أنّ «رأي سورية الـجديدة» يعني الرأي الـمنبثق من التعاليم القومية، لا الرأي الـخاص لأحد الـمنضميـن جديداً إلى الـحركة القومية. ولـمّا كانت صفة سورية الـجديدة تـجاه الرأي العام ليست صفة فردية تتعلق برأي رشيد شكور فليس لرشيد أو لغيره أن يفرض رأيه الـخاص عليها وتعاليمه هو. ولكن هذا ما فعله رشيد حتى الآن ومنذ البدء. فهو بعد أن أخذ مسودات العدد الأول معه أرسل مقالته الأولى التي أعادها إليه ناموسي الأول ليدخل عليها التعديلات التي لا بد منها لنشرها. فهو قد أخذ فكرة سعاده التي أعلنها للمرة الثانية في تصريحه رداً على تصريح الـمفوض الفرنسي، وهي أنّ العقلية السورية شيء غير العقلية الشرقية، دون أن يشير إلى أنها فكرة سعاده، فوضع نفسه على مستوى واحد مع سعاده، وبحث الـموضوع بحثاً مستقلاً كأنه من عند نفسه. وقد انتهز رشيد فرصة وجودنا في التوقيف فنشر مقالته كما هي غير متقيد بتوجيهات الناموس، وهي الآن مثبتة في أول العدد الرابع بشكل «افتتاحية» بعنوان «العقليتان الشرقية والسورية». ثم إنّ الـمقالات التي نشرها فيما بعد أوجدت لنا مشاكل فكرية واسعة. فمحيط النهضة السورية القومية محيط راق دقيق يـمعن النظر في كل قول، خصوصاً متى قصد منه أن يكون قولاً توجيهياً تـحت «رأي سورية الـجديدة» من ذلك ما نشره بشكل «افتتاحية» في العدد الـحادي عشر بعنوان «على حساب سورية فلتحيى الديـموقراطية»، ففي هذه الـمقالة قام بدعاوة للديـموقراطية الرومانية والإنكليزية وحبّب السورييـن بالعهود «السعيدة الديـموقراطية» الـماضية لهاتيـن الإمبراطوريتيـن، وهو يشكّل دعاوة ضد النهضة السورية القومية. وفي مقالته في العدد «14» تحـت «رأي سورية الـجديدة» بعنوان «نهضة سورية الأدبية» أنّ النهضة السورية القومية ليست نهضة إبداع سوري، بل «نتيجة منطقية» لـما يسميه «النهضة الأدبية السابقة»، وهذا مخالف للحقيقة والواقع ويحرم النهضة السورية القومية من صفة إبداعها الفني الفلسفي الذي لا يـمكننا أن نـجد له أصلاً في تلك الأخلاط الأدبية الـمتنافرة، الـمتضاربة بين مختلف الأذواق والاتـجاهات الأجنبية، التي يسميها الكاتب «نهضة أدبية». فالآن ينشأ أدب قومي جديد بفضل الـحركة السورية القومية الـمستقلة. فهذه النهضة ولدت نهضة أدبية جديدة، لا أنّ الأخلاط الأدبية الـماضية ولدت هذه النهضة. وفي مقالته الأخيرة بعنوان «التشريع والبيئة» يسمي البيئة السورية «بيئة مدترانية رومانية» فطعن النهضة السورية القومية والشخصية السورية طعنة نـجلاء. ونفى وجود الـمسيح، وعزا التعاليم إلى جماعة مغفلة، فأوقع النهضة القومية في مشكل خطير بتحويلها إلى حركة غرضها إفساد الأديان وعقائد الناس في أديانهم والشخصيات الـمقدسة عندهم، وهذا خروج على التعاليم القومية، ووضع القضية القومية في مركز حرج. فتجاه هذه الأمور أطلب منك ألا ينشر شيء تـحت »رأي سورية الـجديدة« من «تعاليم» رشيد، فإني لا أستطيع تبنّيها أو الدفاع عنها، وهي ضارة بالقضية والـجريدة على السواء، وحيـن لا يكون هنالك مقالات مني أو من الرفيق أسد أو من أدباء النهضة الـمعترف بهم، يـمكن نشر ما يرد من التعاليق في أخبار الوطن بشكل مقالات واردة من الوطن تـحت «رأي سورية الـجديدة»، ويـمكن رشيد أن ينشر مقالاته بإمضائه أو بإمضاء مستعار في مكان آخر.

 

الهدية: يـمكن إبقاء الهدية التي وردتني من الوطن عندك، وإذا كان هنالك قادم إلى الأرجنتيـن قريباً فيمكن إرسالها. وإلا فانتظر إشارتي بهذا الصدد.

 

شرح الـمبادىء: هنالك حاجة إلى عدد كبير من شرح الـمبادىء هنا. هذا ما رأيت أن أكتبه إليك اليوم وهو كاف الآن. فسلامي لك ولفؤاد وتوفيق [بندقي] والرفقاء والأصدقاء. ولتحيى سورية.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro