مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى وليم بحليس
 
 
 
1940/4/12
 

 

رفيقي العزيز وليم بحليس،

 

وردت كتبك الـمؤرخة في 1 مارس/آذار و13 و18 مارس/آذار. وكنت في تلول كوردبة 15 يوماً ترويحاً للنفس. فلما عدت وجدت كتبك وكتباً أخرى ومسائل مستعجلة تنتظرني. وهكذا تأخر كتابي الآن إليك.

 

إنّ كلمتك الـمعبّرة عن شعورك في أول مارس/آذار تـمثّل نفسيتك الـمثالية العالية وقد تقبلتها بسرور داخلي عميق، لأنها شعور حي لا أدب جميل.

 

نـجيب العسراوي: إني واقف على لـمحة من ماضي هذا الأديب السوري. وأعلم أنّ تأثيرات دينية - سياسية كانت توجه فاعليته الأدبية. وأعلم أيضاً أنه كان خاضعاً لنظام الـمؤسسات القديـمة، فيعدّ كلام رجل كالـمير شكيب أرسلان[1] شبه منزل أو واجب التأييد تـحت كل الظروف، لأنّ الـمير شكيب، في نظر الـجمهور الدرزي، أبرز شخصية سياسية - أدبية ظهرت من الـمجموع الدرزي. ولا يؤثر على هذا الاعتقاد كون الـمير شكيب مسلماً سنياً، طامعاً بالـخلافة، كما بلغني من مصدر وثيق. وكانت للعسراوي مواقف دفاع عن الـمير شكيب. وأعلم أنه كانت بينه وبيـن الـمير شكيب مراسلة، لا أدري الآن إذا كانت لا تزال مستمرة، وإذا كانت تؤثر على موقف العسراوي.

 

ولا شكّ في أنّ العسراوي كان «عروبي» النزعة، وعقليته متأثرة ببعض الدراسات الدينية. ولكن هذا لا يـمنع أن يكون له التهيؤ الذاتي للتحرر من عوامل الأفكار اللاقومية وإدراك فكرة البعث القومي والإيـمان بالـمبادىء الـجديدة.

 

للعسراوي أخ في الوطن إسمه يوسف وهو غير مثقف ثقافة عالية ولكنه جيد الروحية ومن القومييـن الـمصمميـن على تـحقيق غاية الـحركة السورية القومية بدون تـحفظ. وكان الرفيق يوسف أخبرني أنه يتصل بأخيه نـجيب.

 

مهمـا يكـن مـن شـيء فـإنّ خطتـي في مثـل هـذه الـحـالات إعطـاء كـل سـوري تهمّـه قضيـة شعبـه فرصـة ليبرهـن عن صـدق عزيـمتـه وصلاحـه للعمـل النظـامي، وتـجـرّده عن تسخيـر الـمصلحـة العامـة لـمصلحتـه الـخصوصيـة، أو تعريـض الـحركـة القوميـة لـخطـر الـمـآرب الـخصوصيــة الفرديــة أو التكتليــة.

 

وكان قد وردني من السيد العسراوي كتاب يعلن لي فيه قطعه كل أمل من رجال النفسية اللاقومية وكل السياسييـن الذين تقدموا الـحركة القومية، وعزمه على الانخراط في الـحزب، ولكنه وضع هذا العزم بصورة شرط قائلاً: «إذا كانت هذه هي غاية الـحزب السوري القومي، الخ. فأنا سوري قومي من هذه الساعة، الخ.» وأرسل إليّ مع كتابه نسخة من مقالة كان نشرها في مجلة الشرق، فأجبته على كتابه ورحبت به إلى صفوف القومييـن، وعلقت على مقالته مبيناً ما رأيته من مواطن الضعف فيها، وقابلتها على مقالة قديـمة له في «الوحدة العربية»، وأبديت ملخص انتقادي للاثنتيـن، وفي هذا الانتقاد إشارة إلى ما يجب أن نفهمه منهما. ثم حملت في كتابي إليه على وضعه قبوله الـمبادىء القومية بصورة شرطية. وقلت له إنّ الشك والتساؤل جائز قبل الاقتناع والرغبة في الانخراط، ولكن بعد الاقتناع لا يعود ذلك جائزاً. فقبول الرسالة القومية يجب أن يجري بناءً على اقتناع كلي لا تـحفّظ فيه. وبناءً عليه أشرت عليه بوجوب الاتصال بالرفيق إبراهيم [طنوس] لتتميم الـمعاملات. وكان قد سألني إذا كنت أفوض إليه العمل في حاضرة الولاية، فأبديت له سروري بإمكاني الاعتماد عليه. وهذه الـمراسلة معي جعلته يكتب إلى الرفيق طنوس كتابه الذي يذكر لي إبراهيم [طنوس] بعض مضمونه.

 

يحسن إدخال العسراوي والتعاون معه مع عدم إهمال الـمعلومات السابقة بشأنه. وإني أكون مسروراً أن يجتاز السيد العسراوي أطوار الاختبار الأولى، وينجح في الامتحانات الروحية والفكرية والإدارية والنظامية والعملية، فيصبح عاملاً مفيداً يعطي نتائج حسنة.

 

الـخوري جورج قصاص: إنّ مبدأنا القائل بـمنع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القومييـن يجعل هذه الـمسألة دقيقة. ومع أنّ هذا الـمبدأ لا يـمنع قبول رجال الدين في الـحركة القومية باعتبار أنهم يريدون أن يدينوا بالـمبادىء القومية، ويطبّقوا فكرة الـحركة على أنفسهم والـمجتمع، فالـمسألة يجب أن تكون موضوع درس: ما هو نوع الفائدة أو العمل الـمحسوس الذي يـمكن الـخوري قصاص القيام به لـمصلحة الـحركة القومية باعتباره عضواً سرياً. فهل تكون له أعمال إذاعية أو سرية، وهل هو مستعد لقبول الضبط لأعماله والتوجيهات الـمرسلة والعمل بها. أوليس من الأفضل البدء منذ الآن بإقامة الدليل على اقتناعه بالفكرة القومية والتعاون مع القومييـن والتفاهم معهم على بعض الأعمال التي يـمكنه القيام بها؟

 

زيارتك وإبراهيم لبلّو أورزنتي: إنّ هذه حركة جيدة تدل على أنّ لكما الـحيوية اللازمة وقوة الابتكار والإقدام. وليس شيئاً غريباً أن تسمعا من أصحاب العقلية اللاقومية مثل ما سمعتماه من البعض الذين تكلموا عنكما من حيث أنكما عكاريان، لا من حيث أنكما سوريان قوميان. فهذا من جملة صعوبات العمل القومي التي يجب أن نتغلب عليها في كل مكان.

 

شؤون أخرى: إنّ مثل عملك والرفيق طنوس هو ما يـمكن التعويل عليه، ويكون له شأن في تطوير القضية، ففاعليتكما تتميز عن الـجمود والـخمول الـمستوليان على أوساط واسعة من شعبنا. وإني أشعر أنكما تدركان وتشعران بالـموقف وضرورات الـحالة. أما «سان باولو» فإنها نائمة أو غارقة في حالتها التجارية، ولولا اهتمامي من هنا لـما كان يـمكن توقّع شيء من جهتها. ولكن قد أصبح الآن في سان باولو شيء من الانتعاش بسبب سفر الرفيق إلياس فاخوري من هنا إليها. وكنت قبل سفره قد زودته بتعليمات وتوصيات وقد تـمكن من الوصول إلى نتائج حسنة. ومؤخراً كتبت إليه ليتصل بكما. وأريد أن تتصلا به وتتعاونوا لتوجيه الـمساعي وتنظيم العمل، إنه ليس للرفيق فاخوري قوة الابتكار اللازمة للقيام بعمل كبير، ولكنه ذو مناقب قومية جيدة وله إمكانيات، لاتصاله بالأوساط الأدبية والتجارية، وهو صاحب همة وإخلاص ومن أهل السعي.

 

الـمؤتـمر السوري القومي: لا بدّ أنك قرأت وقرأ الرفيق إبراهيم الـخبر الذي نشر في عدد سابق من سورية الـجديدة من أنه ورد مكتب الزعيم كتب من قومييـن مسؤوليـن وغير مسؤوليـن، ومن سورييـن غير قومييـن، تبدي رغبة في عقد مؤتـمر سوري قومي برئاسة الزعيم، اغتناماً لوجوده في أميركة. وهذا الـخبر هام جداً ويجب إعارته الاهتمام اللازم.

 

إنّ العمل لتحقيق فكرة الـمؤتـمر يكون في محله وكنت أريد أن أكتب لإبراهيم في هذا الشأن ولكي يثير، في كتاباته، فكرة عقد الـمؤتـمر. وقد أتـمكن من الكتابة إليه قريباً جداً. ومـما لا شك فيه أنّ الـمؤتـمر يفتح أمامنا إمكانيات واسعة جداً. ولكي تصبح الـمسائل عملية أطلب منك ومن الرفيق إبراهيم الاتصال بالأميـن فخري معلوف على العنوان أدناه. فالأميـن معلوف هو من أركان الـحركة الأساسييـن ومن أدمغتها القوية، وهو الآن يدرس الفلسفة وينتظر أن ينال شهادة دكتوراه في الفلسفة قريباً. وسابقاً كان أستاذاً للرياضيات والفيزياء في الـجامعة الأميركانية في بيروت.

 

والأميـن معلوف خابرني بوجود أشخاص يرغبون في عقد مؤتـمر، ويرغبون في الاجتماع بي، وينتظرون قدومي إلى الولايات الـمتحدة لبحث قضية الوطن، فيمكن توحيد العمل معه من هذه الناحية. عسى أن تكون موفقاً في حياتك الـخاصة وعملك القومي.

 

سلام قومي لك وللرفيق إبراهيم والرفقاء العامليـن. ولتحيى سورية.

 

عنوان الأميـن معلوف

Mr. Fakhri Maluf

 617 Packard St.

Ann Arbor. Mich. U.S.A

 


[1] شكيب إرسلان: (1869-1946) كاتب وأديب ومفكر من لبنان. إشتهر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديباً وشاعراً بالإضافة إلى كونه سياسياً.

وأدبه بالـحقيقة يصنّف بالطراز العتيق الذي لم يرَ الشعر غير أوزان متناسقة وألفاظ جزلة وقوافٍ سهلة وغزل مـمتع وهجو شديد وغير ذلك من الأدب اللفظي الذي لا علاقة له بقوة التصور وابتداع الفكرة.

من كتبه: لـماذا تأخر الـمسلمون وتقدم غيرهم، حاضر العالم الإسلامي، تاريخ غزواة العرب. وهو من دعاة الوحدة الإسلامية.      

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro