مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
​إلى سليمـان يوسـف عـزام
 
 
 
سان باولو، 1927/1/6
 

حضرة السيد الفاضل سليمان يوسف عزام الـمحترم،


تـحية وإكرام. أما بعد، فإني أتشرف بالكتابة إليكم الآن، بناءً على مراسلاتكم الوطنية لوالدي الدكتور خليل سعاده. والذي أعرفه أنّ والدي عرّفكم بي في كتابه الأخير إليكم. ولقد أطلعني هو على كتبكم الوطنية وحادثني ملياً بشأن ما كتبتموه إليه في الـحادي والعشرين من [...] 1925، وكنت أنا حينئذٍ ساعياً بتأليف جمعية سياسية، وبعد الـجهد الـجهيد تـمكنت من أن أجمع حولي نفراً من الوطنيين الذين قبلوا بتأليف جمعية من هذا النوع، ولكنكم يا سيدي تعلمون فوق ما أعلم كم هي محبة الظهور قوية في هيئتنا. وبناءً عليه أبى رفقائي في الـجمعية إلا أن يسرعوا في إعلان أنفسهم والقيام بأعمال ظاهرية على صورة لم أرها لائقة أو مفيدة، وكانت أكثريتهم من الذين لا يصغون لصوت الـمنطق وليسوا على علم من تقلبات السياسة ومجراها.

 

فاضطرني تصرّفهم الـمشار إليه إلى الاستقالة وتابعني في ذلك أكثر الذين كان الاعتماد عليهم في الإدارة، وبقيت الـجماعة غير الـمحنكة فتصرّفوا بشؤون الـجمعية ما شاءت حكمتهم، فبدلوا إسم الـجمعية باسم «الرابطة الوطنية السورية» ووضعوا لها قانوناً أخلطت فيه السياسة بعلوم الفلسفة واللغة واللاهوت. وبعد سنتين تقريباً تكلموا أثناءهما شيئاً كثيراً عن «الأعمال الوطنية» و«الـجهاد الوطني» مـما لم يظهر له أثر ولا يدري ماهيته إلا الله، عزّت قدرته، والراسخون في العلم، وجدوا أنهم لا يزالون في نفس الـموقف الذي تركتهم فيه، فعادوا إلى مخابرتي ومخابرة والدي بشأن العمل معهم.

ولـمّا كانت أعمالهم كل هذه الـمدة لم تتعدَّ حد القيام بتظاهرات صغيرة، وهو ما أزال الثقة بهم بتاتاً، لم نرَ من الـموافق أن نكون معهم مفضلين انتظار الفرصة السانحة لإنشاء شيء جديد قويـم. على أنهم عادوا في الـمدة الأخيرة فألـحوا عليّ بأن أعود إليهم قابلين بالشروط الاحتياطية التي كنت قد عرضتها عليهم، فلم أقبل أولاً ولكني اضطررت إلى إجابتهم إلى طلبهم لشدة إلـحاحهم وكثرة التوسط.


بناءً عليه ذكر لكم والدي في كتابه الأخير أني موجود في «الرابطة الوطنية السورية» وأشار عليكم بـمخابرتها، ولكن حدث بعد ذلك أنه بعد أن ألقيت خطاب الـجمعية الـمشار إليها الرسمي في حفلة أقامتها في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من السنة الـمنصرمة وحضرت اجتماع الـجمعية الأول أني اكتشفت أنّ الذين قبلوا بشروطي الاحتياطية فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم وأنّ الأعضاء الباقين لا يعرفون شيئاً مـما تـمّ، فلم أشأ أن أفتح هذه الـمسألة أمامهم لأني قدّرت أنّ عاقبتها لا تكون حميدة وأدّاني اكتشافي الـمشار إليه إلى الانسحاب من الـجمعية الـمذكورة انسحاباً نهائياً.


وكان هنالك فريق كبير من الوطنييـن الذين سمعوا خطابي في الـحفلة التي ذكرتها لكم وأثّر فيهم كلامي، ولم يكونوا من أعضاء الـجمعية، فهؤلاء عرضوا عليّ استعدادهم للعمل معي في السبيل الذي أراه موافقاً.

فطرحت مسألة «الرابطة الوطنية السورية» أمامهم وأبديت لهم وجهة نظري، وبعد تـحليل الـمسألة تـحليلاً دقيقاً - أقول تـحليلاً دقيقاً عانياً هذا الـمعنى بالـحرف، لأنه يوجد بيـن الذين خابروني متعلمون ووطنيون غيورون ومن الذين سبق لهم الاشتغال بالقضية الوطنية - وجدوا أنّ أفضل وجهة للعمل هي أن أكلَّف أنا بوضع قواعد حزب سياسي جديد وميثاق سياسي نعمل بـموجبه، فسألتهم إذا كانوا يريدون فعلاً القيام بعمل جدي فكان جوابهم إيجاباً، وبناءً عليه أسّسنا حزباً جديداً أطلقنا عليه إسم «حزب الأحرار السورييـن»، وقد وجد هذا الـحزب الـجديد في فترة قليلة إقبالاً فائقاً حتى أنه في بضعة أيام بلغ عدد أعضائه العامليـن ما يزيد على عدد أعضاء الرابطة الذين أتوا في خلال سنتيـن تقريباً، والفضل في ذلك يعود إلى غيرة ومركز الذين أقبلوا إلى تأسيسه. ولقد ذكرت لهم شيئاً كثيراً عن «سورية الـجديدة» في الولايات الـمتحدة وبيّنت لهم فوائد العمل الـمتحد الـموحد وكم تكون النتيجة كبيرة متى كنا ورفقاؤنا في الـجهاد في الولايات الـمتحدة حزباً واحداً ويداً واحدة، فكان لكلامي وقعٌ حسن عندهم.


بيد أنه مهما يكن من شيء فإني بصفتي رئيس «حزب الأحرار السورييـن» وزعيمه، أتـمكن من التصريح لكم بأننا على استعداد تام لقبول مخابرتكم بشأن توحيد قوانا، وبذل الـجهد لإزالة كل الـمسائل العرضية والأمور الثانوية التي قد تعترض هذا التوحيد. ويلوح لي أنه من الـمناسب جداً أن أذكر لكم شيئاً من وجهة النظر الـمعتبرة عندنا بهذا الصدد، وهو أنّ تفاهمنا التام يـمكن أن يقوم على وجهتيـن مجتمعتيـن، الواحدة نظرية والأخرى عملية، فالوجهة النظرية هي النقاط الأساسية التي يقوم عليها الـحزب، والوجهة العملية تتناول:

أ - ميثاق الـحزب السياسي العام.

ب - أقسام الـحزب الإدارية. فرأينا في قسم الألف من الوجهة الثانية له اعتباراً خاصاً وهو الآن تـحت الدرس، وفي قسم الباء أنّ تفاهمنا يـمكن أن يقوم على أساس أن نتولى نحن أميركة الـجنوبية كلها، كما أنكم تتولون أميركة الشمالية، وما بقي من مسائل هذا التنظيم فنعتبره بديهياً كعقد الـمؤتـمرات وإنشاء هيئة مرجعية لسائر أقسام الـحزب وفروعه وما شاكل، ولكنه لـمّا كانت هذه الـمسائل دقيقة جداً وحيوية أيضاً فمن الـحكمة أن نتبصر بها ونضعها تـحت الفحص الدقيق، ومتى جاء دور البحث الـجدي بيّنا لكم وجهة نظرنا بكاملها.


بقي أننا طالعنا مؤخراً عن عزم تأليف وفد وإرساله من قبلكم إلى البرازيل والأرجنتيـن وغيرهما، فإذا صح ذلك وقصدنا الوفد وجدنا على أتـم الاستعداد لتسهيل مهمته والعمل معه إذا أمكن.


على كل حال ما نحن إلا خدام الوطن. هدانا الله وإياكم إلى طريق إنقاذه من شرك الأعـداء وسبيـل تعزيـزه وإحلالـه محلـه مـن الـحريـة تـحـت الشمـس. وتفضلــوا بقبـول مزيــد احترامي.

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro