مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
خطاب عميد الإذاعة
 
 
 
 

 

أيها الـمسؤولون في الـحزب!

 

لا أعتقد أنكم دعيتم إلى هذا الـمؤتـمر لـمجرد التداول في مسائل إدارية ومعالـجة قضايا تنظيمية وبحث شؤون اصلاحية واتخاذ التدابير اللازمة والنافعة لتأمين سير الـماكنة الـحزبية وتقوية فعاليتها ومضاعفة انتاجها. لأن جميع هذه الأمور، وإن كانت على جانب عظيم من الأهمية، كما سيتبين لكم خلال هذا الإجتماع، فهي لا تشكل، نهائياً، إلا الناحية الـمادية من العمل الـحزبي. ومهما بالغنا في الاعتناء بهذه الناحية فإننا لن نبلغ الهدف الـمنشود إلا إذا ارتكزت الناحية الـمادية من عملنا على أساس روحي متين.

 

ومما لا ريب فيه أن الـمدماك الأول في هذا الأساس الروحي هو إدراك الـمسؤولية والإحساس بها إحساساً قوياً عميقاً فعالاً. ولهذا كان من أهم الدوافع التي اقتضت عقد هذا الـمؤتـمر ودعوتكم إليه الرغبة والأمل في تقوية شعوركم بالـمسؤوليات الـملقاة على عاتقكم، أنتم الـمسمون بحق الـمسؤولين في الـحزب.

 

تعالوا إذن نستفهم لـماذا دعيتم مسؤولين، وتـجاه من أنتم مسؤولون وعما أنتم مسؤولون؟

لقد دعيتم مسؤولين لأنكم حقيقة مسؤولون تـجاه أنفسكم كأشخاص تـحترم ذاتها وتقدر مواهبها وتدرك امكانياتها، مسؤولون عن كمال العمل الذي تقومون به واتقان الوظيفة التي تشغلونها. إن الشخص الذي يحترم نفسه ويقدر مواهبه ويدرك إمكانياته يأبى أن يستولي عليه، عند قيامه بعمله أو بعد انـجازه إياه، الشعور بالفشل والعجز والتقصير، ولا يطيق سماع صوت ضميره يرتفع في داخله ويقول، موبخاً مؤنباً: أنت فاشل، أنت عاجز، أنت مقصر، لا نفع منك.

 

وقد دعيتم مسؤولين، لأنكم حقيقة مسؤولون تـجاه مؤسس الـحزب عن الوديعة التي أودعكم إياها والأمانة التي أئتمنكم عليها، عن القضية التي وضعها بين أيديكم والتي من أجلها ولد ولأجلها يعيش ومن أجلها سيموت إذا اقتضى الأمر. ولا أخال واحداً منكم يرضى أن يسمع صوت مؤسس الـحزب يخترق صوت ضميره ويرتفع في داخله، تارة غاضباً وطوراً منكسراً، ويقول موبخاً مؤنباً: لقد ضاع جهدي وفشل مسعاي وذهبت تضحياتي سدى وانقضت حياتي عبثاً بسببك أنت الـمسؤول الفاشل العاجز الـمقصر.

 

وقد دعيتم مسؤولين، لأنكم، حقيقة مسؤولون تـجاه الـمركز عن الثقة التي أولاكم إياها فنصبكم مـمثلين له ومنحكم السلطات التي يقتضيها ذلك التمثيل. ولا أخال أحداً منكم يقبل على نفسه أن يسمع في داخله صوت الـمركز يدوي خلال صوت ضميره ويقول، موبخاً مؤنباً: يا خيبة الأمل منك وضيعان الثقة منك! إن سواك كان أجدر بتمثيلي منك، أنت الـمسؤول الفاشل العاجز الـمقصر.

 

وقد دعيتم مسؤولين لأنكم حقيقة مسؤولون تـجاه الأعضاء عن ثمن طاعتهم لكم وتنفيذهم أوامركم وتلبيتهم نداءاتكم، وهم ما وضعوا أنفسهم تـحت قيادتكم وما قبلوا بسلطتكم عليهم إلا لقاء تـحملكم أعباء مهام أثقل من مهامهم وقيامكم بأعمال أخطر من أعمالهم. فإذا لم تـحمل، أيها الـمسؤول، تلك الـمهام، كما يجب عليك أن تـحملها، ولم تقم بتلك الأعمال كما ينبغي لك أن تقوم، حق لصوتهم أن يخالط صوت ضميرك فيرتفع في داخلك ويقول، موبخاً مؤنباً: كيف تدفع ثمن طاعتنا لك وتنفيذنا لأوامرك وتلبيتنا لنداءاتك وقد كنت مسؤولاً فاشلاً، عاجزاً، مقصراً؟

 

وقد دعيتم أخيراً مسؤولين، لأنكم حقيقة، أولاً وآخراً، مسؤولون تـجاه الأمة وهذه هي ولا شك مسؤوليتكم الكبرى على الإطلاق. فأنتم مسؤولون تـجاهها عن مصيرها ومستقبلها الذي أصبح في أيديكم بعد أن اهتديتم إلى الـحقيقة القادرة على شفاء الأمة من أمراضها وانقاذها من عثراتها ونشلها من حالتها اليائسة، وبعد أن ركب لكم الـجهاز الـمادي الذي تـجسدت فيه تلك الـحقيقة، وبعد أن رسمت لكم الـخطة العملية لبث تلك الرسالة وغرسها في النفوس ودعوة جميع أبناء الأمة إليها، وبعد أن سلمتم أنتم مقاليد ذلك الـجهاز وكلفتم بتنفيذ تلك الـخطة. لقد أصبحتم مسؤولين تـجاه الأمة عن شفائها وتقدمها وازدهارها وتفتق مواهبها، وبكلمة واحدة، عن خلاصها الذي تنزع إليه بألم وحرقة منذ مئات السنين، بعد أن ظهر أخيراً في هذه الأمة الـمخلص الـمنتظر، واهتديتم إليه ومشيتم وراءه.

 

ولهذا أصبح كل تقصير أو فشل أو عجز في إتـمام الواجبات الـمترتبة عليكم سبباً لتأخير ذلك الـخلاص وتأجيله، أو، ما هو شر من ذلك، بل أكبر الشرور على الإطلاق وأفظع الـجرائم التي يـمكن اقترافها تـجاه الأمة، باعثاً لعدم تـحقيق ذلك الـخلاص ومنعه إلى الأبد.

 

ولا تظنوا أيها الرفقاء، أنني أبالغ أو أقصد التهويل والتخويف إذ أقول أن التقصير والفشل والعجز في إتـمام الواجبات الـحزبية قد يؤدي إلى منع تـحقيق خلاص الأمة، وحرمانها منه إلى الأبد. لا، يجب أن تتيقنوا أن حركتنا القومية ستنقذ الأمة، ولا شك، من جميع آفاتها وأمراضها ومفاسدها وآلامها، وستسبغ عليها النعم والـخيرات وسترفعها إلى الـمركز اللائق بها بين الأمـم، هذا على شرط أن تنجح وتنتصر وتسود، وإلا كانت ويلاً على الأمة وخراباً، وكان عدم وجودها خيراً للأمة من وجودها.

 

ذلك لأن هذه الـحركة التي أخذت تـحرك بعنف قوى الـخير الـمكنونة في أعماق الأمة وتستجمعها وتبرزها وتنميها، قد حركت أيضاً، برد فعل طبيعي منتظر، قوى الشر الـجاثمة بالقرب منها، وحفزتها للدفاع عن كيانها، فنظمت صفوفها للدفاع عن نفسها، وأعدت خططها وأخذت، بعد أن استفادت منا ونقلت عنا، تسابقنا إلى السيطرة على الـمجتمع كي تزداد تـحكماً فيه وسيطرة عليه. وهكذا تكون حركتنا التقدمية التي ما نشأت إلا لـخير الأمة، قد ولدت، بنشوئها، حركات رجعية مقاومة ما وجدت إلا لشرها. ويجب أن تعلموا، أيها الـمسؤولون، أنه إذا قدر لهذه الـحركات الرجعية، بسبب تقصيركم وعجزكم وفشلكم في إتـمام واجباتكم الـحزبية، أن تنتصر وتتغلب، وقعت الأمة في حالة أسوأ وأفسد وأشر مـما كانت عليه من قبل، وكانت حركتنا التي ما توخت إلا الـخير لم تنتج سوى الشر، وكنتم أنتم الـمسؤولين عن وقوع هذه الكارثة الـمفجعة. وهذه أفظع جريـمة ترتكب ضد الأمة وأكبر خيانة تقترف تـجاه الـمركز والأعضاء.

 

هذه هي الـمسؤوليات التي تـحملون أعباءها أيها الرفقاء. وهذا هو الغرض الرئيسي من هذا الـمؤتـمر: أن تعودوا إلى مناطقكم وقد أدركتم معناها ووعيتم خطورتها وقدرتـم أهميتها وأحسستم بها الإحساس العميق الفعال الذي منه تستمدون القوة والنشاط والاندفاع لتنفيذ التدابير الإصلاحية الـمتخذة في هذا الـمؤتـمر وبعث الـحياة في هياكل فروعكم وإشعال النار الـمقدسة في قلوب جميع القوميين ليشع نورها على الـجالسين في الظلمة فيهتدون. وهذا هو أملنا ورجاؤنا ويقيننا.

 

عميد الإذاعة

 

الدكتور كريم عزقول

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro