مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
ملحق رقم 15 بيان عمدة الإذاعة إلى الرأي العام بصد قضية فلسطين والكارثة القومية التي تجتاحها
 
 
 
النشرة الرسمية للحركة القومية الاجتماعية، المجلد الأول، العدد التاسع، أيار 1948
 

 

لقد حلت الكارثة الفظيعة الدامية بفلسطين وقد كانت متوقعة في قيادة الـحركة القومية الاجتماعية. فقد حملت بذورها الـحزبيات الـخصوصية وغذتها القواعد الاعتباطية والأساليب الارتـجالية والعقليات الرجعية في فلسطين وخارج فلسطين، وكانت نتائجها في الأمـم الـمتحدة قرار تقسيم فلسطين، وفي فلسطين، في حيفا وطبريا وسواهما، أرواحاً تزهق ودماء تهرق ومواطنين عزلاً من السلاح مروعين مشردين!

 

إن الأساليب الارتـجالية والقواعد الاعتباطية والعقليات الرجعية، إذا ما احتكرت سياسة انقاذ أمة وحماية وطن، أو جزء منه،كما في جنوب سوريا، لا يـمكن أن تنتهي إلى غير الكارثة! وهكذا كان أمر الأمة في جزئيها، كيليكية والاسكندرون على أيدي الشركات السياسية في الوطن السوري.

 

أيها الـمواطنون

 

لو لم تـحل كارثة حيفا في هذا الوقت، في حيفا، لـحدثت بعد حين وفي غير حيفا. ولكن فيها فضيلة واحدة، إلى جانب مأساتها الدامية: فضيلة كشفها النقاب عن سياسات التطمين والتأميل والتخدير والتلاعب بعواطف الشعب والعبث بها.

 

ولئن كانت الكارثة مؤلـمة في نفوس الـمواطنين الـمخلصين، فقد كانت مفيدة لهم، موقظة للذين ناموا غافلين متكلين، مطمئنين إلى وعود محتكري حق الأمة في الدفاع عن مصير جزئها الـجنوبي، فلسطين، ومنبهة للذين انـجرفوا وراء العاطفة الـمستشارة ووراء أضاليل الـمضللين وداعية الـجميع لتحكيم العقل والروية في الأمور.

 

فلا يعجبن الـمواطنون أن تـحل الكوارث بفلسطين فهي نتائج تـحتمها الأسباب، تـحتمها سياسة الراكضين وراء الـحوادث مدفوعين بعامل فوضى الظروف، إن الركض وراء الـحوادث يقود حتماً إلى السقوط، ومصير الـمدفوعين بعامل الظروف هو الهزيـمة والـخراب.

 

فليعجبوا لركونهم إلى سياسة تثبت الوقائع كل يوم إفلاسها، ولتأييدهم سياسة الإفلاس.

 

أيها الـمواطنون،

 

لقد هتكت لكم الـحوادث الدامية والكوارث الـمتتالية في فلسطين، وفي غير فلسطين من أرض الوطن، الستر عن بهلوانية الأساليب الرجعية التي جرت فلسطين سراعاً إلى شفا الهاوية، وعن الإهمال الـمزري الذي كان نصيب فلسطين، في محنتها وفي انتفاضها على العدوان، مـمن نصبوا أنفسهم حماة لها ومنقذين محتكرين. لقد تبين لكم أخيراً الأدوار الـمخضبة بدماء الأبرياء ودموعهم التي مثلتها سياسة الـخصوصيات على مسرح السياسة والنضال في فلسطين الـجريحة. لقد تـجلى لكم في الكوارث الصارخة الـمؤلـمة هراء الوعود الكاذبة السخية، وعقم الاستعدادات الـمرتـجلة التي كانت وستبقى سراً من الأسرار الأبدية!!

 

فيا أيها الـمواطنون

 

لقد حذركم زعيم الـحزب القومي الاجتماعي، منذ كانت قضية فلسطين ومنذ ظهرت اشتراكاتها السياسية من السياسيين محتركي حق الأمة في الدفاع عن فلسطين، من السياسات الاعتباطية الـخصوصية التي لم تـجلب للوطن، لكيليكية والاسكندرون بالأمس القريب وفلسطين من بعد غير الكوارث والبلايا.

 

فلنعد معاً بالذاكرة إلى الثاني من نوفمبر 1947 وأول ديسمبر، ولنعد النظر في نداء الزعيم إلى القوميين الاجتماعيين والأمة السورية. فبعد أن استعرض فيه الزعيم الأحداث والعوامل التي وصلت بالأمة السورية إلى حالتها الـحاضرة الـمؤسفة ووصلت بالقضية الـجنوبية من الوطن السوري إلى الـموقف الأخير الزري قال: «والآن وبعد مضي شهر كامل على تلك الرسالة وصلت قضية جنوب سورية في اجتماع منظمة الأمـم الـمتحدة إلى النتيجة التي أعلنت في رسالتي الـمذكورة (2 نوفمبر 1947) إنها حاصلة» وهي:

 

«إن السياسة الـخصوصية الاعتباطية قد وصلت بالـمسألة الفلسطينية إلى النتيجة عينها التي وصلت إليها بالـمسألة الكيليكية والـمسألة الاسكندرونية- إلى الكارثة! »

 

«إن كارثة فلسطين مسؤولة عنها سياسة الـخصوصيات والـحزبيات الدينية والعشائرية! »

 

«إن النتائج التي وصلت إليها تلك الأساليب تشهد عليها»

 

وإن النتائج الـحاصلة في طبريا وحيفا وغيرهما شاهدة على عقم تلك الأساليب وتلك السياسات التي حذركم من وقوعها الزعيم قد وقعت دامية، فظيعة، شاملة!

 

وقد فضح لكم الزعيم مناورات سياسة الـخصوصيات والاعتباط في الرسالة نفسها إ قال:

 

«بأساليب العمل الاعتباطي حدثت «ثورة 1936 » التي لا يعرف إلا الله والراسخون في العلم لـماذا ابتدأت ولـماذا انتهت»

 

«قيل إن تلك الثورة (1936) قامت لـمحاربة اليهود فما قويت وضج لها السوريون في جميع أنحاء الأرض حتى  ألقت سلاحها تاركة «لـملوك العرب» متابعة القضية بالطرق السياسية مع بريطانيا».

 

«ثم جرت محاولة ثانية سنة 1937 لتكرار تلك الثورة ولكن الـمحاولة ماتت في مهدها لأن السلاح كان قد ذهب ولأن الـمال كان قد ذهب ولأن الرجال فقدوا الثقة بتلك الـخطط الاعتباطية»

 

«ولـما بات أمر التقسيم مقرراً (قبل أن تقره منظمة الأمـم الـمتحدة في 30 نوفمبر 1947) وصارت الـمسألة مسألة كيفيات وحيثيات قامت السياسة عينها الـمسؤولة عن وصول الـمسألة إلى هذا الـحد تنادي وتدعو إلى «الـجهاد» وتستفز وتـحرض لتعيد تـمثيل محاولة جديدة من تلك الـمحاولات الاعتباطية».

 

«إن الإستفزاز والتحريض كان يجب أن يبدل بهما التنادي إلى التعاون القومي الـمنظم. وإن الـحركات الـحربية كان يجب أن تهيأ من قبل لا أن ترتـجل كقصيدة صغيرة في عرس».

 

«والغريب أنه بدلاً من أن ترى تلك السياسة أفلاسها وتعترف به، تطلب أن تـجيش الـجيوش لتأييده! »

 

واليوم ماذا نرى غير ما كان وأنذرت بحدوثه تنبؤات الزعيم ونظره الصائب؟ الكارثة العظيمة! ولـماذا؟ للأسباب عينها: سياسة الاستفزاز والتحريض والاعتباط والفوضى وعدم الاستعداد للحوادث. ولأن الـمال لم يذهب، ولأن السلاح لم يذهب، إلى فلسطين، ولأن الرجال فقدوا الثقة بالـخطط الاعتباطية التي ميزت ثورة 1936 وتكررت في ثورة 1948.

 

وهكذا قامت السياسة الـمسؤولة عن الـحالة الزرية في فلسطين تدعو الناس إلى الـجهاد في معركة مرتـجلة ارتجالاً. وتقدم الكثيرون من الـمخلصين الـمضجين إلى أتون الـمعركة. وها نحن نشهد بأم أعيننا الدماء والدموع السائلة بسبب الارتـجال والاستفزاز والفوضى. وهكذا نرى السياسة الـمسؤولة عن كل ذلك تبادر إلى معالـجة الكارثة بالسياسة والدبلوماسية!!

 

ويدَّعون بعد ذلك كله أن النصر الأخير لهم ويدعون إلى شحذ الهمم والرجاء والتضحية كأنـما أرض فلسطين لم ترتو بعد من دماء الأبرياء الـميامين الذين دفعت بهم سياسة الـخصوصيات والـحزبيات عزلاً من السلاح، لا من الإيـمان، إلى أتون معركة مفقودة الـخطط والـمعدات متوفرة فيها أسباب الـموت والانتحار!!

 

فيا أيها الـمواطنون

 

إن الـحزب القومي الاجتماعي الذي عرف من قبل أسباب هذه الكوارث وارتقب نتائجها الـمخزية الدامية، والذي نبهكم إليها زعيمه العظيم، وحذركم من الانـجراف في مجرى سياسة الاعتباط والارتـجال التي قادت قضايا الأمة القومية إلى الفشل الـمطبق في جميع الظروف العصيبة يدعوكم اليوم إلى تـحكيم العقل في ما آلت إليه أمور أمتكم، في ما يجب أن تؤول إليه من النجاح والسؤدد والـمجد!

 

إن الكارثة الأليمة التي حلت بفلسطين تدعونا اليوم إلى ما هو أبعد من النقمة وأعمق من الغضب، وادعى للشجاعة والتصميم من قول الـمتظاهرين في بيروت على أثر حوادث حيفا الدامية «بسقوط الـحكومات القائمة على حراب الانكليز وغير القائمة على إرادة شعوبها»، وقولهم «إن معركة فلسطين ليست معركة الـحكومات العربية».

 

إن الكوارث القومية الـمتتالية في وطننا على أمتنا تدعونا،  نحن الـمعنيين بقضية جنوب سوريا وخلاصها وانقاذها، إلى إعادة النظر، بجرأة وإقدام وتـجرد، في الأوضاع والأسباب الأساسية والأساليب الاعتباطية التي تتحمل وحدها مسؤولية الكارثة الـحالية، والكوارث القومية الأخرى، والدماء الـمهدورة والأرواح الـمزهوقة.

 

إنها تدعو الـمواطنين جميعاً في لبنان والشام والأردن والعراق وفلسطين إلى إعادة النظر في ولائهم السابق ومرجعه وفي ولائهم الـمستقبل ومرجعه. إذ ليست الشعوب العظيمة والأمـم الـجديرة بالـحياة هي التي تكتفي تـجاه الكوارث القومية بإعلان السخط والاستنكار. إن الشعوب العظيمة والأمـم الـحية هي التي تعتبر بالكوارث وتستفيد من الاختبار لتضع حداً لكل ما من شأنه أن يجلب الكارثة.

 

إن الأمـم الـحية لا ترضى الذل والـخيبة ولا تنام عن الإساءة إلى أمانيها القومية العظيمة! إنها تخط تاريخها بنفسها، بيقظها، بنهضتها، وبتصميمها.

 

أيها الـمواطنون

 

إننا كأمة حية لا يـمكننا أن ننتظر الـخلاص على أطباق الدبلوماسية والـخطب، وعلى أطباق الغير. إن خلاصنا الأخير وانتصارنا الأخير هو في أيدينا نحن، في إرادتنا نحن الـموحدة الـمصممة!

 

الـمركز-بيروت- 27 أبريل 1948

 

وكيل عميد الإذاعة

 

وديع الأشقر

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro