مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
ملحق رقم7 مشروع الحزب السوري القومي الاجتماعي لقانون اختياري للأحوال الشخصية قدمته الكتلة القومية الاجتماعية
 
 
 
إلى الـمجلس النيابي بتاريخ 1997/7/16
 

 

إقتراح قانون الأحوال الشخصية

 

أسباب موجبة:

 

إن توحيد التشريع في البلد الواحد هو من أجلى مظاهر الديـمقراطية وأكثرها لزوماً لتأمين الـمساواة بين الـمواطنين تأميناً لا زيف فيه، ولتحقيق زيادة اللحمة بين أبناء الشعب الواحد عن طريق خضوعهم لقانون واحد ولـمحاكم واحدة. وفي لبنان، في حقل الأحوال الشخصية بـما فيها الإرث والهبة والوصية قوانين مختلفة ومحاكم مختلفة يرعى كل منها أبناء طائفة معينة.

 

وكثيراً ما تقيم هذه الشرائع الـمختلفة (التي تطبقها محاكم مختلفة) حواجز بين الإنسان والإنسان وبين الـمواطن والـمواطن، مـما يحول دون قيام التناغم، ومـما يخالف مبادئ الديـمقراطية الصحيحة وإعلان حقوق الإنسان. كما يخالف مبدأ السيادة الذي يتصل اتصالاً وثيقاً بخضوع كل الـمواطنين لقانون واحد، وبسيادة القانون ذاته على كل الـمواطنين، وبسيادة الدولة على كل رعاياها عن طريق تطبيق قانون واحد عليهم فلا تتعدد ولاءاتهم بتعدد القوانين التي تطبقها طوائفهم عليهم.

 

لهذا أصبحت الـحاجة ماسة إلى وضع مشروع قانون واحد للأحوال الشخصية يرعى اللبنانيين جميعاً ويطبقه القاضي الـمدني دون سواه.

 

وهي خطوة سبقنا إليها عدد من الدول الشرقية والغربية.

 

وحرص الـمشروع على مراعاة حقوق الإنسان الأصلية مراعاة كاملة كما حرص على إقامة الـحياة العائلية على أسس متينة ثابتة.

 

وسنعدد في ما يلي بعض الـمبادئ التي استوحيناها في وضع هذا الـمشروع مع الـملاحظة أن بعضها متفرع من البعض الآخر، وسنعدد أهمها دون التفريق بين الأصلية والفرعية منها أنها جميعاً جوهرية.

 

1.تـحقيق الديـمقراطية ومراعاة حقوق الإنسان:

 

إن من أهم أسس الديـمقراطية تأمين الـمساواة، وحرية الـمعتقد وهما في طليعة حقوق الإنسان الأصلية.

 

وعندما نقول «مساواة» فأول ما يتبادر إلى الذهن توحيد التشريع لأن الـمساواة في مظهرها الأول والأكثر واقعية هي الـمساواة أمام القانون، ولكي تتحقق هذه الـمساواة يتحتم أن يكون القانون واحداً والقضاء واحداً.

 

وانطلاقاً من مبدأ الـمساواة، وضعنا للأحوال الشخصية، مشروع قانون واحد يسري على جميع الـمواطنين دون أي تفريق، فلا طائفية، ولا تشريعات ومحاكم طائفية، ولا تـمييز بسبب الانتماء الطائفي.

 

واختلاف الدين لا يؤلف مانعاً من موانع الزواج، ووثقية الزواج والولادة والهوية لا تـحتوي بيان الدين ولا الطائفة.

 

وتأسيساً على ذلك فإن السلطة التي يعقد الزواج لديها هي سلطة مدنية، واختلاف الدين ليس مانعاً من موانع الإرث.

 

وكل هذا انطلاقاً من مبادئ الـمساواة وحرية الـمعتقد، ووحدة التشريع.

 

2.استقلال التشريع عن الـمعتقدات الدينية الـمختلفة:

 

إن الـمعتقدات الدينية جديرة بالاحترام التام كما أن الاعتبارات والتقاليد الدينية هي لا ريب من عناصر التراث الوطني والفكري في كل بلد، فللمشروع أن يستوحيها كمعطيات اجتماعية فكرية إنسانية على أن يبقى مستقلاً تـجاهها.

 

وهذا الاستقلال شرط لإيجاد تشريع موحد وقابل للتطور الـمستمر.

 

واستقلال التشريع ليس معناه عداء لأي دين من الأديان، إذ يبقى لكل فرد أن يرعى الزامات دينه بـمحض إرادته إذا شاء. فالـمواطنة التي بحسب هذا الـمشروع يحق لها أن تتزوج أي مواطن آخر من غير دينها يحق لها أن تـمتنع تلقائياً عن استعمال هذا الـحق إذا أرادت هي مراعاة أحكام الشرع أو الشريعة، وأن تختار الزواج الديني وتطبيق الأحكام الدينية على زواجها وطلاقها وإرثها وغيرها من الأحكام الشرعية.

 

أما إذا لم تشأ مراعاة تلك الأحكام، فليس للمشترع ولا لأية سلطة أخرى أن تـحد من حريتها في اختيار هذا القانون وعقد الزواج بـموجبه والـخضوع الكامل لأحكامه.

 

والـمواطن الذي بحسب هذا الـمشروع يـمكنه الزواج من أي لبنانية أو أجنبية ولوكانت من غير دينه، والـخضوع لأحكام هذا الزواج والطلاق والإرث وغيرها، يـمكنه أيضاً الاختيار أن يتزوج من أي لبنانية أو أجنبية والـخضوع في زواجه وطلاقه وغيرها لأحكام قانونه الروحي.

 

ومبدأ الإستقلال التشريعي قد اعتمدته جميع الدول الـمتقدمة من أجنبية وعربية، وبدونه لا يتسنى للمشترع أن يواكب التطور الاجتماعي وأن يستوحي التيارات الفكرية.

 

3.تساوي الـمرأة والرجل:

 

انطلاقاً من مبدأ الـمساواة الـمنبثقة من صفة الإنسان ومن صفة الـمواطن كان لا بد من إقرار مساواة الـمرأة والرجل، وإلا أنكرنا على الـمرأة صفة الإنسان وصفة الـمواطن.

 

ولهذا جاءت نصوص الـمشروع مؤسسة على تساوي الـمرأة والرجل، فحقوقهما العائلية متساوية، وكذلك الـحق بالثروة وبـممارسة الـمهنة والعمل وبالإرث.

 

وهذا التساوي الـمنسجم مع الـمبادئ الديـمقراطية ومع وثيقة حقوق الإنسان الـمعلنة عام 1948 ووثيقة مساواة الـمرأة والرجل الـمعلنة في 1967-11-17 أدى إلى الابتعاد عن كثير من التشريعات الطائفية الـمعمول بها حالياً بل عن كثير من التشريعات الأوروبية.

 

بناء عليه:

 

لا تطليق بإرادة الرجل فقط، ولا تعدد للزوجات.

 

ولا أفضلية حتمية للرجل في شؤون العائلة.

 

ولا اختلاف في الـحصص الإرثية.

 

وللمرأة أن تـمارس التجارة وسائر الـمهن الأخرى دون إجازة من الرجل.

 

أما إذا تعارضت مـمارسة الـمهنة مع كرامة العائلة، فلكل من الرجل والـمرأة أن يراجع الـمحكمة الـمختصة بهذا الشأن وعلى قدم التساوي.

 

وأوجد الـمشروع أيضاً بـمقابل التساوي في الـحقوق مساواة مبدئية في واجبات الزوجين.

 

4.الـحفاظ على متانة الروابط الزوجية والعائلية:

 

إن الـمشروع حرص كل الـحرص على جعل الروابط الزوجية متينة إلى أبعد حد مسموح به. فقد حدد الزواج بأنه في وقت معاً: مؤسسة قانونية وعقد ونص على، إن شروط إنعقاد الزواج وانحلاله، ومفاعيله متعلقة بالانتظام العام.

 

فليس للفريقين باتفاقهما أن يغيرا شيئاً في ما أوجبه الـمشروع.

 

ثم منع الـمشروع إحداث الطلاق بالتراضي وحدد الـمجالات التي يجوز فيها الطلاق آخذاً بعين الاعتبار أن الـحياة الزوجية لا يـمكن أن تؤدي إلى إتعاس أحد الزوجين أو كليهما، كما لا يـمكن أن تؤدي إلى ضياع العائلة.

 

5.تنظيم الطلاق على أسس معقولة:

 

إن العقيدة الكاثوليكية وبعض القوانين الـمدنية الغربية تـمنع الطلاق مهما كانت الأسباب والظروف، والشرائع الإسلامية واليهودية في لبنان تـجيز التطليق بـمجرد إرادة الرجل، والشرائع الطائفية الأرثوذكسية والإنـجيلية تـجيز طلب الطلاق لأسباب معينة.

 

وبعض القوانين الغربية )كالقانون الفرنسي مثلاً) يجيز الطلاق لسبب جنون أحد الزوجين الـحاصل بعد الزواج إذا كان غير قابل للشفاء، والبعض الآخر من القوانين العربية يبني أسباب الطلاق على أسس أخرى.

 

أما الـمشروع فقد بنى أسباب الطلاق الـحصرية على أساسين:

 

أ-الـخطأ الـجسيم من جانب أحد الزوجين ينبثق منه أسباب معينة في الـمشروع.

 

ب-استحالة استمرار الـحياة الـمشتركة دون إتعاس أحد الزوجين.

 

وعلى هذا الأساس الثاني اعتبر الـمشروع مثلاً أن الـجنون الـمطبق غير القابل للشفاء هو من أسباب الطلاق ضمن شروط معينة.

 

واعتبر أن غيبة الزوج مدة طويلة من الزمن وإن لم يرافقها خطأ، فقد تعتبر سبباً لطلب الطلاق.

 

هذه أهم الـمبادئ التي استوحاها الـمشروع والتي سبقه إلى اتباع مثلها بالإضافة إلى الدول الأوروبية والأميركية عدد من الدول الشرقية والعربية.

 

6.بعض سابقات شرقية وعربية:

 

تـجدر الإشارة إلى أن الشعب التركي الذي أكثريته الساحقة من الـمسلمين يرعاه قانون مدني واحد تشابه نصوصه نصوص مشروعنا في مسائل الزواج والطلاق والإرث.

 

كما تـجدر الإشارة إلى أن القوانين التونسية الصادرة بالتتابع منذ 1957 هيفي مسائل الزواج والطلاق ووثائق النفوس- قوانين موحدة ترعى التونسيين جميعاً على اختلاف الأديان والـمذاهب ويطبقها قضاء مدني واحد.

 

إن الزواج في تونس لا يجوز عقده إلا أمام ضابط الـحالة الـمدنية أو لدى كاتب عدل عملاً بالـمادة 18 من قانون الـحالة الـمدنية.

 

وتعدد الزوجات مـمنوع ومعاقب عليه جزائياً عملاً بالـمادة 18 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية.

 

وليس في وثائق الولادة والهوية والزواج ذكر الطائفة أو الـمذهب أو الدين عملاً بنصوص قانون الـحالة الـمدنية فليس فيها ما يدل على اختلاف الدين أو ما يسمح بالالتفات إلى هذا الاختلاف في شأن من الشؤون.

 

وتونس دولة إسلامية تعلن في توطئة دستورها عن تعلقها بتعاليم الإسلام وتنص في الـمادة الأولى منه أن الإسلام هو دينها.

 

ومن الـمعلوم أن ليس من محاكم شرعية أو مذهبية في مصر.

 

ثم بشأن مساواة الذكر والأنثى في الـحصص الإرثية تـجدر الإشارة إلى قانون انتقال الأراضي الأميرية الذي كان معمولاً به في أرجاء السلطنة العثمانية القديـمة والذي ما يزال معمولاً به إلى الآن في دول عربية )لبنان وسوريا والعراق).

 

إن هذا القانون يساوي بين الذكر والأنثى في الانتقالات الإرثية.

 

وبإمكاننا أن نذكر شواهد أخرى من قوانين سنّتها دول إسلامية افريقية وآسيوية معتنقة مبادئ مـماثلة أو مشابهة للمبادئ التي اعتنقها مشروعنا دون أن ترى في ذلك ما يـمس سلامة الشرع أو جوهر العقائد الإسلامية.

 

كما أن معظم الدول التي تتألف شعوبها من أكثريات مسيحية تعتنق الـمبادئ نفسها ولا ترى فيها مساساً لـجوهر العقائد الـمسيحية.

 

 

هذا القانون هو اختياري

 

نظراً لأن الشعب اللبناني قد ألف الـخضوع في أحواله الشخصية لعدة قوانين وشرائع ولأنواع متعددة من الـمحاكم رغم تأثير ذلك سلباً على وحدة حياته ووحدى ولائه.

 

ونظراً لأن هذا قد استمر ردحاً طويلاً من الزمن.

 

فإن الإنتقال بالشعب اللبناني فوراً من قوانين طائفية ومذهبية في أحواله الشخصية إلى قانون واحد جامع، قد يؤدي إلى حالة من الشعور بالإكراه أو بالضغوط الوجدانية، التي لا سبيل إلى إلغائها فوراً بقانون زاجر.

 

لذلك ارتأينا أن يعطى للبناني حرية الـخيار في زواجه ومن ثم في كل ما يستتبع هذا الزواج من آثار عائلية وقانونية، بين هذا القانون وبين القوانين الروحية أو الشرعية الـحالية، بحيث إذا اختار الزواج الـمدني بـموجب هذا القانون فيكون قد اختار تطبيقه بكامله عليه وعلى زوجه وعائلته تلقائياً وحكماً، وأما إذا اختار الزواج الديني فيكون قد اختار تلقائياً وحكماً تطبيق القوانين الروحية والشرعية عليه وعلى زوجه وعائلته.

 

ولا يـمنع اللبناني الذي اختار الزواج الـمدني بـموجب هذا القانون، أن يـمارس قناعاته الوجدانية بأن يعقد زواجه دينياً بعد زواجه الـمدني، ولكن يبقى هذا القانون هو الذي يطبق عليه وعلى زوجه وعلى عائلته لأنه القانون الأول الذي عقد الزواج بظله.

 

ولا نـجد بداً من القول والتنويه إن هذه الـمرحلة من الاختيار هي مرحلة انتقالية تطول أو تقصر تبعاً لـما يجده الشعب اللبناني من مصلحة في اختيار القانون المدني بشكل كامل عبر التطبيق، الذي لا نشك بأنه سيكتشف بأن مصلحة وحدته الاجتماعية واستقراره في حياته ومعاملاته، هي في اختيار هذا القانون. و كلما كبرت الكتلة البشرية التي تختار هذا القانون، أصبح الاتـجاه نحو اعتماده كقانون دائم أسهل وأجدى.

 

ولعلنا بهذه الـخطوة، نضع أقدامنا على الطريق الصعب والطويل باتـجاه وحدة القانون للشعب الواحد في الوطن الواحد.

 

 

 

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro