مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى عبـداللـه قبرصـي
 
 
 
قبرص، 1938/7/1
 

عزيزي عبدالله،


وردني كتابك صباح اليوم فكان صدمة قوية لي مرّرت نفسي كثيراً. فالكتاب يعبر عن خيبـة عظيمـة فـي فهمـك السياسـي، مـع الاحتفـاظ بقيمـة فهمـك الـحقوقـي وخبرتـك القضائية.


قد يكون فتح الذئب شدقيه «إنذاراً» في تعبيرك. ولكن هل من الـحكمة مد عنقك للنواجذ البادية؟ وما هو ضامنك أنّ هذا «الإنذار» لا يتحوّل إلى تنفيذ بحكم الـمؤامرات الـخفية الـجارية ضد زعيمك وضد القضية؟


أنا لا ألومك على هذه الاستنتاجات السخيفة الـمبنية على الأمور الظاهرة والـمسائل الشكلية. فإن الوقت القليل الذي يبقى لك عادة لإعطاء الأمور الباطنة والقضايا الأساسية حقها من الاهتمام يكفي للتفكير في أبسطها فكيف بأعمقها وأشدها تعقداً؟


أنت تقول: قال الـمستنطق وجرى كذا ولو كان في الأمر خطة مقرّرة لنفذت، ولا تفطن إلى أنّ الـمؤامرة الـمدبّرة بشيء كثير من العناية تريد شيئاً غير اعتقال معاوني نعمة ثابت. أما قولك: «يظهر أنّ الـحالة لم تتوتر لدرجة إرغام هذا الأخير (الـمدعي) أو الـحكومة لاتخاذ تدابير ضد الـحزب بأجمعه أو ضدكم (ضدي) وضد العمد.

لأنه لو شاء ذلك لأوقف الرئيس (ثابت) دون تأخير، لأنه لا يعقل أن يكون تقرّر أمر وأن يكون عدم وجودكم حائلاً دون تنفيذ ما تقرّر، لأن هذا الـمظهر من دلائل ضعف العدلية تـجاه الـحكومة، ولا يرضى به الـمدعي العام مطلقاً» فمن أسخف الاستنتاجات التي عرضت لي في حياتي. فإذا كنت أنت لا تعطي زعيمك التقدير الذي يستحقه وتسمح لنفسك بالقول إنّ عدم وجودي لا يكون حائلاً دون تنفيذ ما تقرّر فإن الـحكومة أحسن منك تقديراً لأنها أصبحت تعرف بعد اختباراتها الطويلة كيف تضرب وبـمن يجب أن تبدأ بالضرب.


وأنا أقول لك إنّ الـحكومة لن تـجسر على مد يدها إلى أصغر قومي قبل أن تطمئن من إلقاء القبض عليّ. وأما قولك: إنّ الـمدعي العام لا يرضى، الخ» فيدل على أنك تـجهل الـحكومة وتـجهل الـمدعي العام وتـجهل أنّ قضية الـحزب ليست قضية عدلية وتـجهل أنّ الأمر أمر مؤامرة شرّيرة تشترك فيها عناصر عديدة تتألب الآن على محاربتي أنا حتى الـموت.

فأنت تكتب كأنك تـجهل ما فعلته مقالاتي في النهضة بالنواب من «دستورييـن» و«اتـحادييـن» وكأنك تـجهل وجود عزيز الهاشم ونـجيب الصائغ وعارف الغريب وفخري البارودي وصلاح لبكي وصلاح منذر وشارل عمون وحميد فرنـجية وبشارة الـخوري والطاغية الكبير [إميل إده] والـجزويت والشيوعييـن والـمكتب الثاني، الخ. وكأنك تـجهل مقالاتي في السياسة الـخارجية وفي صدد الإسكندرونة ولواء الـجزيرة وكأنك تـجهل أنّ هذه الـحركة القومية التي أقوم بها هي الـخطر الوحيد الـحقيقي على كل سياسة استعمارية وكل سياسة نفعية في الوطن. وكأنك تـجهل كل الـجهل حقيقة الأمور وقيمتها. الـحقيقة أني لم أرَ في حياتي استخفافاً بأخطر الأمور كالاستخفاف البادي في كتابك.


تبقى قضية جبرائيل منسى فهذه أريد أن أحملك كل مسؤولية ما تـجرّه من الذيول أمام الـمجلس الأعلى ومجموع الـحزب. فإني قد كلفتك بصورة رسمية الاهتمام بها بسرعة فائقة. وفي مدّة لا تقل عن عشرة أيام لم تتمكن من معرفة مقر الأوراق رغماً من إلـحاحي عليك مكرّراً.

بل إنك ضربت لي موعداً للذهاب إلى مخفر البرج في حيـن لم تكن متحققاً من وجود الأوراق هناك، والـمدّة التي مرّت تُظهِر جلياً أنّ اهتمامك بقضية زعيمك في ظروف من أخطر الظروف كان في ساعات الفراغ وبطريق العرض، لأنه لا يعقل مطلقاً أن تكون كرست نصف نهار أو نهاراً كاملاً في البحث والـملاحقة حيث يجب دون الـحصول على نتيجة. إذا أدت قضية جبرائيل منسى الـمزيفة إلى إعادتي إلى قبضة أعدائي أو إلى أي نكبة تنزل بالـحزب، فاعلم أني أحملك مسؤولية جميع ما يجري، أمام الـحزب وأمام التاريخ، وحينئذٍ يـمكنك أن تبيع جميع ما تـملك وتهبه للفقراء، وتنتحر أو تنزوي في مكان مجهول وتكتب الـمجلدات الضخمة لتبرر تهاونك ولكن لن تستطيع غسل العار الذي يلحقك. إذا أُعدت فتكون أنت الذي سلّمتني!


إنّ محاولتك تقليل أهمية الـحوادث هي من أغرب الأمور فحذار يا عبدالله من الهزل والاستخفاف في معرض الـجد.


إنّ استنتاجاتك من الوجهة الـمختصة بالـمحاميـن لا بأس بها ولكنها من الوجهة السياسية، من السذاجة بحيث تدعو إلى الدهشة ولست أدري إذا كنت، بعد هذا الاختبار الطويل، أتـمكن من الاعتماد عليك وعلى ساعات فراغك في منع قضية جبرائيل منسى من أن تصير قضية جدية مع أنها قضية لا تستند إلى أساس! إني أحمل ما أحمل من أعدائي ومن أعواني في سبيل سورية. فلتحيى سورية!

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro