مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى رئيس المجلس الأعلى(1)
 
 
 
1938/7/2
 

حضرة رئيس الـمجلس الأعلى،


سرّني جداً أن أتسلم أمس البريد الأول الذي أرسل إلى الـمحطة الأولى بعد خروجي. وقد جعلتني الـمعلومات الواردة فيه أتبيّـن الـموقف الأول الذي كنت في حاجة ماسّة لـمعرفته. ومن الأخبار الأولى الواردة في رسالتكم اتضح لي جلياً صحة تقديري الـموقف والظروف قبل مغادرتي. فلو أني ترددت أو أبطأت لكنت الآن غنيمة باردة لأعدائي وأعداء الأمة. إنّ مداهمة مكتب الـحزب في صباح الإثنيـن بينما كان يُنتَظر قدومي ومعي نعمة [ثابت] إلى دار القضاء لدليل قاطع على صحة الـمعلومات التي تلقيتها وعلى خطة الـمؤامرة الـمدبّرة بدقة لضرب الـحزب على اليافوخ. وأعتقد أنّ خطتهم التنفيذية كانت كما يلي:


1 - يُنتَظر أن يأتي الزعيم إما إلى دار القضاء لإعطاء «شهادة»، وإما إلى مكتب الـحزب لانتظار معلومات.


2 - في كلتا الـحالتيـن يداهم مكتب الـحزب ويستولى على ما فيه من أوراق ووثائق، وإذا كان الزعيم موجوداً قُبِض عليه لوجود أدلّة تثبت وجود الـحزب، وإذا كان الزعيم قد جاء إلى دار القضاء فتؤخذ الأدلة الـمثبتة وجود الـحزب إلى تلك الدار فتكون سبباً كافياً لإصدار مذكرة توقيف بحقي بحجة التحقيق في وجود الـحزب ومقاصده وعلاقاته، الخ. أما وجهة نظر عبدالله [قبرصي] فواهية، بل صبيانية. وعبدالله لا يصرف وقتاً في درس قضية الـحزب السياسية والتبصّر في مؤامرات أعداء النهضة القومية. ومن هذه الـجهة لا يـمكن الأخذ برأيه. وإني مرسل إليكم مع هذا الكتاب كتاباً إلى عبدالله فليسلّم الكتاب لعبـدالله بعد أخذ نسخـة منه تـحفظ عند رئيس الـمجلس الأعلى لـحين الـحاجة. ويـمكن أن يأخذ الـمجلس الأعلى علماً بورود جواب إلى عبدالله مع الاحتفاظ بتبليغهم مضمونه حين تدعو الـحاجة.


الـمجلس الأعلى: سرّني كثيراً شعور أعضاء الـمجلس الأعلى بالـمسؤولية الـخطيرة الـملقاة على عواتقهم وظهور استعدادهم للاضطلاع بها. وأريد أن أهنىء الـمجلس بانتخابه الأميـن النصوح رئيساً له، ليس من أجل أنكم أقلّ تعرّضاً من غيركم للاعتقال، بل من أجل الـمزايا والـمواهب العالية التي تتحلون بها والتي أقدّرها قدرها، وأطلب من جميع أعضاء الـمجلس أن يشاركوني في هذا التقدير.


صلاحيات الـمجلس الأعلى: أوافق على اجتهاد الـمجلس في تعييـن صلاحياته التطبيقية. أما الإبهام في الـمرجع التنفيذي الأعلى عندما لا يـمكن الاتصال بالزعيم فلا يـمكن أن يكون هنالك ما يدعو إليه، لأنّ التنفيذ يكون تنفيذ سياسة وتنفيذ تشريع وهو من صلاحية مجلس وكلاء العمد، ويكون من صلاحية الـمجلس الأعلى تقرير السياسة وتقرير التشريع واتخاذ التدابير اللازمة لـمراقبة التنفيذ والتثبت من صحته عملياً. أما إذا كان القصد من الإبهام في القرارات السياسية والتشريعية، فحين تعرض قضايا خطيرة مستعجلة لا تتمكن من انتظار الاتصال بالزعيم فالـمجلس الأعلى يتخذ صلاحية التقرير النهائي ويحمل مسؤولية ذلك. وإني أعطي الـمجلس الأعلى صلاحية واسعة من هذا القبيل في كل الظروف التي لا يـمكن معها انتظار الاتصال بي. وفي كل مقررات الـمجلس الأعلى يخضع الـمجلس للاتـجاه السياسي - الإداري العام ولتوجيهات الزعيم.


الـحالة السياسية الداخلية: إنّ مراجعة بعض مقالاتي السياسية الـخارجية والداخلية في النهضة تظهر جلياً أني كنت أشعر باتـجاه جديد في سياسة الانتداب على سورية، وهذا يـمكن مراجعته في مقالة «أمصير الـمستعمرات مصيرنا؟» (أنظر ج 3 ص 209) وما يليها وفي الـمقالات التي كتبتها في الأعداد الأخيرة تـحت رأي النهضة (أنظر ج 3 ص 268) في صدد «الكتلة الوطنية» وهذا الاتـجاه الـجديد وما يجرّه من اتفاقات وعقود إنترناسيونية يتضارب تضارباً كلياً مع اتـجاه عملنا القومي. وقد كنت دائماً أصرّح أنّ السلم بيننا وبين «الـحكومة» ليس سوى هدنة، ولا يـمكن أن يكون غير ذلك، لأنه سلم غير مبني على تفاهم واتفاق، بل على سعة الـحيلة من الـجانبيـن. وإنّ موقفنا من التطور السياسي الـجاري على طريقة اكتساب الوقت ريثما تتم العقود الإنترناسيونية الـمنتظرة، خصوصاً في حالة «الكتلة» ولواء الإسكندرونة، وتـحركنا في النقمة على هذا التطور والضرب على أيدي مؤيديه، أحرج موقف الـجماعة بقدر ما أخذ يوجد لنا مكانة سياسية في قلب الشعب وأوساطه.

وليس من  الـمعقول أن يكون حادث الـمجرم جورج حداد سبباً كافياً لتعطيل النهضة إلى أجل غير مسمى على الرغم من أنّ وزيرين أكدا لنا أنها لن تعطل. فالتوتر نتيجة تطور التضارب السياسي الأساسي. إني أشك كثيراً في إمكان الوصول إلى تفاهم مع أي حزب أو فئة سياسية في الوطن، لأنّ لـجميع الأحزاب والفئات أغراضها الـخاصة وصلاتها وليس في شيء منها ما يـمكن أن يتفق مع سياسة الـحزب القومية الـمستقلة. ولكن ضمن هذه الأحزاب والفئات يوجد أفراد وجماعات تكون مستعدة للتفاهم معنا حالـما نضع برنامجاً عملياً للكفاح، وهذا ما أفكر فيه الآن.

 

إذن أرى أنّ عمل الـحزب السياسي يجب أن يكون مناورة محكمة مع الأحزاب ودفعها في بعض الاتـجاهات، أو إيجاد استعداد معيّن فيها للعمل في اتـجاه معيّـن، أو الوقوف موقفاً معيّناً بينما تشتغل الأوساط الشعبية والـحزبية في الاتـجاه الذي نريده، ونهيئ رأياً عاماً أو حالة نفسية متهيئة للإجابة على ندائنا الذي نوجهه إلى الأمة في الـحالة الـمناسبة. والذي أراه أنه إذا أمكن تـمديد الهدنة لربح كان أفضل، وإذا أظهر الـجانب الانتدابي استعداداً للتفاهم معنا فنحن مستعدون. ولست أعتقد بنجاح أي مساع رسمية مع «الكتلة» لأن طبيعة «الكتلة» طبيعة نزقة، فوضوية، إفرادية. والأفضل الاشتغال مع بعض أفراد «الكتلة» بصورة شخصية، كما يفعل مأمون [أياس] مثلاً. ويجب، من الآن فصاعداً، أن نوجه كل عنايتنا إلى قيادة الـجهاد القومي وتوجيه الأمة معتمدين على أنفسنا.


مؤتـمر الـمنفذين: إنّ الفكرة حسنة، ويحسن عقد اجتماعات لفئات من شخصيات الـحزب الـمتينة، التي لا تشغل وظائف، لدرس الـموقف وتأليف لـجان تتكلف كل منها بالعمل في ناحية، ويشعر الـجميع بالـمسؤولية الـملقاة عليهم. وجميع ما اتخذ بصدد الـمنفذين حسن وأثبته.


مجلس وكلاء العمد: إني أقرّ وأثبت ما أقره الـمجلس الأعلى في هذا الصدد وألغي قرار تعييـن عبدالله [قبرصي] رئيساً لـمجلس الوكلاء. ويجب تبليغ الوكلاء أهمية الـمراكز والوظائف التي يشغلونها وما يترتب عليها من نتائج، ووجوب التضحية في هذه الظروف فلا يكون العمل في ساعات الفراغ، مع السماح بتكاثر الأشغال الـخصوصية، كما في شأن الدكتور [أديب معلوف] وبشير [فاخوري]. فكل وكيل عميد يجب أن يعطي نحو نصف نهار للأشغال الـحزبية، فنحن نكاد نكون في ساعة الـجهاد العام واستعداداتنا يجب أن تكون تامة.


التدريب القومي: في كتاب سابق إلى نصوح أشرت بوجوب متابعة العمل في هذه الناحية بكل نشاط، بنشاط أكثر كثيراً من السابق. وإني مسرور، لأنّ الـمجلس الأعلى شعر أيضاً بأهمية هذه الناحية واتخذ التدابير التي رآها عملية ومفيدة. على أني أشير بتوحيد أعمال هذه. وبناءً عليه تولّي جمال [باشا الغزي] قيادة التدريب العام. فيكون العاملون تابعيـن له وهو يصدر إليهم تعليماته وأعيّـن منير [الـملاذي] رئيس أركانه للتدريب العام. ويلحق بهذه الدائرة صلاح شيشكلي. فيكون عليهم درس مناطق الـحزب وتعييـن برنامج التدريب والتشكيلات.

ويجب أن يعلم بذلك «العدد الـمجهول» في الـمكتب الـمختص، ويكون على رئيس الـمكتب التنفيذي «ول» [وليم سابا] لهذا الـمكتب الاتصال بالقائم بالأعمال في الشام الذي زارني برفقته في بيت مري وإبلاغه أن يحذر حلبي وأن يبلّغ جميع التابعيـن إليه ذلك، وأن يبلّغ جميع رجال هذا الفرع أن يكونوا مستعدين للعمل فالساعة قريبة. وفيما يختص بـمركز بيت مري يجب أن يكون للمتـن الأدنى والـمتـن الشمالي ثم يـمدد لـجميع الـمتن ويكون على الـمسؤول أن يتردد على الشوير لإجراء ما يلزم هناك. وليبلّغ رئيس الدائرة التنفيذية في الـمكتب الـمختص وجوب الاتصال بوديع [إلياس مجاعص] في الشوير وإطلاعه على دقائق الفرع. وقد يكون وديع أكثر الـمؤهليـن للتوفيق بين الفرع التدريبي والفرع الـمجهز. ويجب الاهتمام بإلـحاق منفّذ صيدا [معروف سعد] بهذه الدائرة وإيجاد خلف له ولعله يتمكن من مرافقة جمال.


أعمال مجلس وكلاء العمد: هي حسنة. ولكن على هذا الـمجلس، لصفته التنفيذية، الاهتمام بإيجاد الأشخاص العملييـن وتأليف اللجان للطوارىء وتشغيل عدد من الأشخاص الـموثوق بهم. ويجب إيجاد لـجنة تنفيذية احتياطية، حتى إذا حدث اعتقال تتولى هذه اللجنة العمل، وفي طرابلس إمكانيات واسعة.
السيد [محمد] الباشا الـمناصفي: إنّ وجود هذا الشخص في بيروت مدة أيام وتركه مركزه الـجديد بدون رخصة، ولم يـمضِ على تسلّمه وظيفته الـجديدة سوى أيام معدودة، جعلته موضع شك كبير عندي، خصوصاً عندما وجدته ملازماً الـمكتب ودائرة الداخلية. وقد سألته عن سبب وجوده وأعطيته تعليمات بألا يغادر مركزه بدون رخصة وأنه يـمكنه أن يأخذ ثيابه معه. ولم أظهر له أكثر من ذلك.

وقد جاء تقرير العامل في «الـمكتب الأعلى الـمختص» (لا الـمجلس الأعلى الـمختص) يجعل هذا الشخص موضع ريبة شديدة. وإقصاؤه عن الوظائف التنفيذية والإدارية ضروري. ولكني أرى الأفضل تكليفه بـمهمة كمراقبة أحزاب أو أشخاص أو كتابة شيء معيّن أو درس بعض النظريات، وتفنيد نظريات الأحزاب اللبنانية مثلاً لتنشر فيما بعد. ولكنه يجب أن يوضع في مكان بعيد عن الدوائر الـمركزية، والأفضل ألا يكون في بيروت أو في مراكز التدريب القومي. ويجب أن يظل تـحت مراقبة مراقب نبيه فطن، ولعل فريد عطية من حيفا، وهو الآن في عبيه، يتمكن من تـمثيل دور معه. وهذا العضو متصل بأديب الزهيري ويـمثّل معه دوراً ويـمكن استخدامه في الـمكتب الـمختص. ويجب أيضاً مراقبة عبدالله الـجميل وسلمى صائغ ووداد ناصيف وهذه يتردد عليها كثيراً فؤاد حداد وهي تلاطفه لتأخذ منه معلومات وهو غبي.


الفرقة السرية: يجب أن تتابع تـمارينها بجدّ وإيجاد بعض مهمات لها أو لأفرادها.


فكتور أسعد: إنّ رأيكم في مشروعه هو الأصوب. والاتصال ببيار عقيم ولكن فليجرب حظه. على أنه يجب أن يحذر خبث بيار ومن وراءه، فالرجل ليس سوى عميل للسياسة الأجنبية.


نشوء الأمـم: قد فوضت إلى السيد نصوح [الـخطيب] بالتلفون أن تعود إليه جميع أعمال الكتاب. ولـمّا كان جبران «صوفته حمراء» عند الـحكومة فقد لا يفيد عقد اتفاق معه ولكن يـمكن ذلك مع شخص آخر. وكنت قد وضعت في مكتبة أبي اللمع خمس نسخ من الـمعتاد وثلاثة من الـممتاز، على الأرجح، وقد يكون العدد أكثر فليسأل والقيد كان في درج مكتبي. ولم أقبض منها شيئاً فليحاسب ويـمكن تلبية طلب الكاتب. ولترسل النسخ الـمطلوبة لأسد الأشقر بسرعة، كما أنه يجب إرسال عدد إلى كل فرع في الـمهجر.


ملاحظات:
1 - لك شخصياً أقول يجب أن تكون متحفظاً، لأنّ جورج حداد لا يعرف حداً للوشاية، ويجب الـمضي في العمل والاحتياط لكل شيء. وعندما يسألك أحد عنّي قل له أنت لا تدري شيئاً لأنك غير متصل بالإدارة.
2 - ليكلف بعض أشخاص بترتيب تشكيلات فد [فدائية] و ول [وليم سابا] يعرف بعض أشخاص. وقد يصلح فكتور [أسعد] لترؤس هذه الفرقة.
3 - إذا حدث شيء خطير يستدعي مخابرتي بسرعة فيمكن إرسال برقية بالاسم الـمعطى إلى فندق Petit Palais في Platres قبرص.
4 - يجب ألا يظهر الـحزب أي ضعف، بل ليحافظ على انتظام أعماله ورباطة جأشه.
5 - يجب ألا يقتصر الاستعداد على الـجمهورية اللبنانية بل في الداخل أيضاً، لأنه إذا تـحركنا هذه الـمرّة فالـحركة يجب أن تكون لأغراض يؤيدها الـحزب عامة.
6 - إذا خشيتم مراقبة الرسائل الصادرة فلترسل بواسطة فلسطيـن. وفي حيفا عنوان مجهول للمنفذية،   P.O. Box 1463 ,Victor Ganino 
لاحظت أنكم ترسلون سلاماً للرفقاء بواسطة الزعيم.


إني أنتظر البريد القادم الأسبوع الآتي. وأظن أنه يجب اختراع مفتاح جفر جديد.
بلّغوا سلامي إلى أعضاء الـمجلس الأعلى، ورجال الدوائر، وطمنوا الـجميع، واطلبوا منهم أن يسهروا على قضيتهم.
إنّ خروجي من متناول أعدائي يعطينا فرصة ثمينة فلنستفد منها: ولتحيى سورية!

 

بعد: وردني من مأمون [أياس] أنّ أحد الأعضاء يـمكنه أن يضع مئة إنكليزية للرحلة. فليستعد وليسأل عبدالله قبرصي إذا كانت قضية [جبرائيل] منسى تـمنع قيامي بالرحلة.

 

 

 

(1) فخري معلوف.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro