مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
المعرض السياسي بعد رجوع الكردينال من باريس «أهربوا من السياسة لأنها من عمل الشيطان»
 
 
 
جريدة النهضة،بيروت،العدد 49، 1937/12/10
 

 

عاد أول أمس نيافة الكردينال تبوني رئيس الكنيسة الكاثوليكية في الشرق من باريس ورومة حيث كان يقوم لدى الـمقامات الدينية والـمدنية، بـمهمة تتعلق بالأقليات وبالكنيسة الكاثوليكية في الشرق، وصرّح في الكلمة التي ألقاها في الـمقر البطريركي رداً على كلمة نيافة القاصد الرسولي «إنه توفق في مساعيه ونـجح في مطالبه واستطاع أن يدفع عن الأقليات والكنيسة الكاثوليكية كل ضرر» (كذا) ولم ينسَ نيافته أن يلمح إلى وجوب عدم تدخّل رجال الدين في السياسة لأن السياسة محظورة عليهم، وهو يعدُّ عمله عملاً دينياً بحتاً.

 

وكأننا به يشير من ناحية خفية إلى خطاب صاحب الغبطة البطريرك الـماروني وسداه ولـحمته السياسة والسياسة فقط.

 

وينهي نيافته خطابه بهذه الفقرة:

 

«يوجد أيها السادة ثلاث قضايا متلاحمة ملتصقة لا تنفصل الواحدة منها عن الثانية، وهذه القضايا الـمتلاصقة هي: فرنسة والكنيسة والكثلكة في الشرق. إنّ هذه القضايا لا تعرف لها حدوداً منفصلة وهي دائماً تسير متحدة ملتحمة!!»

 

نحن نشكر أولاً لصاحب النيافة تذكيره لرجال الدين من أن لا يتدخلوا في السياسة، لأن السياسة من عمل الشيطان. ونأمل من رجال الدين أعداء الشيطان في كل زمان أن لا يعملوا تـحت لوائه لأن لواءه رجيم وحبائله شريرة.

 

ولكن ألا يسمح لنا صاحب النيافة أن نسأله هل كان عمله هو عملاً دينياً بحتاً؟

 

أما كان عمله في باريس ورومة عملاً سياسياً يتعلق بجزء كبير من أجزاء الوطن لا يحق لغير رجال السياسة أن يعملوه؟

 

أما كان تدخّله في شؤون الأقليات في لواء الـجزيرة عملاً سياسياً بعد أن أجمع البرلـمان السوري وفي أعضائه من يـمثل الأقليات، على إبرام الـمعاهدة السورية - الفرنسية؟

 

هل كانت مساعي صاحب النيافة في باريس مثلاً مع رجـال الديـن أم مع رجـال السياسـة؟

 

أما كانت مساعيه في رومة مع رجال الدين ليؤثروا بنفوذهم على رجال السياسة في باريـس؟

 

ألا يرى صاحب النيافة أنّ عملاً يقصد منه تفكيك عرى الأمة وإبعاد أقليتها عن أكثريتها هو عمل سياسي بحت؟

 

ألا يرى أن التدخل الذي يؤدي إلى خراب الأمة هو عمل سياسي؟

 

وبعد، أي خطر هو هذا الذي استطاع صاحب النيافة أن يدفعه عن الأقليات والكنيسة الكاثوليكية؟ هل هو الـخطر الذي كان يهدد لواء الـجزيرة، وحوادث الـجزيرة[1] لا تسأل عنها فئة دون فئة؟

 

إنّ الـخوف على حقوق الأقليات، اليوم وفي هذه الـمرحلة التي تـجتازها البلاد في جهادها القومي الذي جاء ليؤمّن حقوق الـجميع، يفكك من وحدة البلاد ويسير بها إلى الفوضى والـخراب، والـمصيبة آنئذٍ لا تلحق صاحب النيافة ولا زملاءه أصحاب الغبطة والسيادة لأنهم يكونون على التلة يتفرجون يوم تعصف بالأمة نيران الـموت.

 

لقد استوحى صاحب النيافة شعوره الديني وهو يطرح القضية على رجال الأمر في باريس، وشعوره الديني يعلمه أنّ الأمة أقلية وأكثرية، ولو استوحى صاحب النيافة الكردينال شعوره القومي لوجد أنّ الأمة وحدة قومية لا تتجزأ فلا أقلية هناك ولا أكثرية.

 

إنّ الفقرة الأخيرة التي راح يشير فيها إلى الوحدة الـملتصقة الـمتلاحمة بين فرنسة والكنيسة والكثلكة في الشرق، فلقد كان فيها ملكياً أكثر من الـملك.

 

ألا يرى صاحب النيافة أنّ في البلاد قضايا أكثر التصاقاً وتلاحماً تتعلق رأساً بـمصير الشعب والأمة؟ ألا يـمكن للأمة أن تسير بجانب الدولة الفرنسية متفاهمة على أسس صريحة إلا عن طريق الكنيسة والكثلكة؟

 

هل يريد صاحب النيافة أن يزوج فرنسة من الكنيسة والكثلكة زواجاً أبدياً لا يحلّ فيه الطلاق وأن يترك الأمة طليقة من كل شيء إلا من العبودية الأبدية، وتعفير الـجبين والنزعات الدينية والتعصب الـمعيب؟

 

نحن نقول لصاحب النيافة بجرأة: إنّ في البلاد أيها السيد الكريـم قضايا أكثر التصاقاً والتحاماً مع فرنسة من قضية الكنيسة والكثلكة.

 

 


[1] بتاريخ 8 كانون الأول 1937، قدم إلى بيروت وفد من أهالي الـجزيرة لاستقبال الكاردينال تبّوني العائد من رومة وباريس. وقيل يومها أن الوفد ينوي مقابلة الـمفوض السامي الفرنسي للمطالبة بفصل اللواء عن دولة دمشق على طريقة النظام الـمسمى باللامركزية، تأييداً لـمساعي الكاردينال لدى الـمراجع العليا الفرنسية. وكانت قد قُدّمت إلى الـمجلس النيابي الشامي، في 7/11/1937، عريضة باللغة الفرنسية، تطالب بإنشاء نظام خاص للواء الـجزيرة مع استقلال إداري ومالي. وفي جلسة الـمجلس، الـمنعقدة بتاريخ 20/11/1937 كانت مداخلات نواب الـجزيرة معبرة عن تعلق الأهالي بالوطن السوري، وسُجّل عن الـحكومة قرارها الإحتفاظ بجميع الأقاليم على وضعها الـحاضر.وكانت قد وقعت في الـجزيرة أحداث دامية ترافقت مع التبدلات السكانية التي شهدتها الـمنطقة. وقد ترافق ذلك مع أخبار العثور على البترول. والـمفاوضات مع شركة I.P.C بشأن امتياز الاستثمار وكذلك الـمفاوضات حول الـمعاهدة الشامية- الفرنسية.

وقد ارتكب رجال الـحكم في الشام (الكتلة الوطنية) أخطاء سياسية وإدارية في معالـجة أحداث الـجزيرة. أشار سعاده إليها في كثير من كتاباته. ويـمكن على سبيل الـمثال مراجعة «الـجزيرة بعد اسكندرونة»، الأعمال الكاملة، الـمجلد الثاني، صفحة 180.          

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro