مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى نصوح الخطيب
 
 
 
1938/7/12
 

عزيزي نصوح،


كنت في اليوميـن الأخيرين كثير التفكير بكم وبالأمور الـجارية في الوطن. وقد كنت أول أمس مساءً أتـحدث مع شخص أجنبيّ تعرفت إليه في الفندق الأول (نقلت إلى فندق جديد أحسن مناخاً وأجرة) وقد وثقت به لدرجة أني أطلعته على مركزي. وجرني الـحديث إلى ذكر السجن وكيفية حدوث سجني الثالث، وبغتة تألق في فكري شهاب الـحقيقة فارتفعت قبضتي ثم هوت على ساعد الكرسي وقلت لـمحدثي: الآن اكتشفت الـخائن!


والـحقيقة أنّ مسألة إلقاء القبض علي الـمرّة الثالثة وأنا في طريقي إلى دمشق ومعي [جورج] عبدالـمسيح ووداد ناصيف ظلت لغزاً لي يجب حله، ولم يتح لي الوقت والظروف أن أتفرغ للتأمل في هذه الـمسألة كثيراً. وفي السجن حدّثت نعمة [ثابت] كثيراً في هذه القضية وقلبناها على وجوهها ولبعد شكوكنا عن الـخائن قدّرنا أنّ الـمسألة غامضة وأنها على الأرجح متمركزة في سيارة السيدة ناصيف. لا أشك في أنّ تردد السيدة ناصيف على مكمني في بيروت كان الدافع الأول لإحراج مركزي. وأظن أنّ للخائن نفسه النصيب الأكبر في جعل التحري يتتبعون السيدة الـمذكورة. أما قضية القبض عليّ في طريقي إلى دمشق فقد ظهرت لي تفاصيلها بعد الـحديث الـمذكور أول أمس، والنور الذي كشف معميات هذا اللغز هو نور الـمعلومات الواردة في تقرير الـمكتب الـمختص من رئيس الدائرة التنفيذية وإليك تـحليل الأجزاء:


لو كان التحري تعقب سيارة السيدة وداد ناصيف لكان يجب أن يقبض علينا في عاليه لا في طريق دمشق.


عندما قررت الصعود إلى عاليه كلفت مأمون [أياس] بترتيب الـمسألة فرتبها بطريقة بديعة وفي الطريق أوصيته ألا يعطي أحداً مقري، حتى ولا للسيدة ناصيف التي كانت تساعد أعمالنا كثيراً في تلك الظروف الـحرجة ولكنها كانت من جهة أخرى طائشة. وقد كان اندهاشي عظيماً عندما فوجئت في مساء اليوم التالي بزيارة السيدة ناصيف ومعها أنيس فاخوري ومحمد الباشا الـمناصفي. وتضايقت جداً من عدم تنفيذ تعليماتي ومن التدخل في  خططي، وقد لاحظ عليّ ذلك عبدالـمسيح على ما أظن وأنا شعرت أنه هو أيضاً تضايق وقلق. ومع ذلك فقد قابلتهم بلطف واستمعت إليهم. وبعد ذلك رأى عبدالـمسيح أنّ مقرنا أصبح حرجاً، بسبب السيدة ناصيف على الأرجح، فاقترح أن نغادر عاليه في تلك الليلة وهو اقتراح كان في محله تـماماً ولكنه لم يكن متحفظاً فيه لعدم شكه بإخلاص أحد من الـموجودين، فوافقت على الاقتراح.

وارتأى عبدالـمسيح أن نذهب إلى دمشق وهنا عرضت السيدة ناصيف سيارتها عليّ على أن ترافقنا، لولعها بالـمغامرات على الأرجح، إلى دمشق وتعود بعد بلوغنا هدفنا ولم أمانع في قبول هذا العرض لأن السيدة ناصيف أوهمتني أن عندها أخباراً تريد أن تسرّها إلي في الطريق وأظهرت أنّ وجودها معي يكون أبعد للشبهة، خصوصاً وهي متنكرة بزي سيدة مسلمة. وأخيراً أجمع الرأي على أن يعود فاخوري والـمناصفي إلى بيروت بسيارة من عاليه وأذهب أنا وعبدالـمسيح والسيدة ناصيف إلى دمشق بسيارة السيدة، فأمرت فاخوري والـمناصفي بالانتظار ونسخت كتاباً كنت قد كتبته لـجورج حداد وسلمت النسخة للمناصفي على أن يوصل الكتاب إلى جورج حداد في الـحال.

ثم أمرتهما بالعودة إلى بيروت فسارا من عاليه قبلنا. ثم سرنا نحن ووجهتنا دمشق وأنا بعد أفكر في العدول عن هذا الهدف والاتـجاه نحو الشوف أو الرجوع إلى بيروت فصيدا. وكانت الطريق مفتوحة ولا دليل على مراقبة أو احتياط. وفجأة لاحظنا أول مراقبة في شتورة، على مفرق زحلة. فظننت أنا أنّ الـمراقبة تبتدىء من هناك وتتجه نحو الـحدود وأنّ الـحدود فقط هي الـمراقبة. فأمرت بالعودة. ولـما عدنا وجدنا مخفر الـمديرج يوقفنا بربط الطريق وطلب هويتنا. وكان الأمر الـمعروف.


هذا هو القسم الواضح من الرواية أما القسم الـخفي فهو كما أراه الآن بباصرتي:


حالـما وصل الـمناصفي وفاخوري إلى بيروت، ذهب الأول إلى أقرب نقطة تلفون أو إلى رجل متفق معه وأبلغه وجهة سيري فجرت مخابرات تلفونية مستعجلة كان من ورائها التدابير التي أدت إلى اعتقالي واعتقال 300 أو ما يزيد من القومييـن.


إنّ الـحسابات الرياضية تثبت هذه الكيفية بـما لا يقبل الـجدل، فالوقت بيـن النزول من عاليه إلى بيروت ومسيرنا نحن في جهة دمشق والقبض علينا في الـمديرج يظهر لنا أنّ هذه الكيفية هي الوحيدة الـمعقولة. إنّ سلسلة الـحوادث التالية حتى الآن خصوصاً رواية محاولتي الفرار من جبل الدروز واتصال خبر أعمال التدريب القومي بالدوائر الاستخبارية للسلطة كلها مربوطة بـمحمد الباشا الـمناصفي وأعتقد الآن اعتقاداً راسخاً أنّ هذا الشخص هو الـخائن الكبير. ولو لم أرسله إلى الشوف على الرغم من اعتراضات رئيس مجلس العمد السابق لـما تـمكنت من تنفيذ خطتي التي قطعت على الـمتآمرين مجرى تدابيرهم للقضاء عليّ وعلى الـحزب.


إنّ الأدلة أصبحت متوفرة منها دليل جديد اكتشفته الآن هو الكتاب الذي سلمته للمناصفي ليوصله إلى جورج حداد فقد اختفى هذا الكتاب اختفاءً تاماً سألت الـمناصفي عنه فقال أنه أودعه مع الأوراق عند السيدة ناصيف. ولكنه لم يكن بيـن هذه الأوراق، لا بيـن التي استولى عليها التحري ولا بيـن التي بقيت وأخفيت. وأرجّح الآن أنه سلمه لـجورج حداد. ويترجح عندي الآن أننا تـجاه عصابة جاسوسية خطرة مؤلفة من جورج حداد - صبحي فؤاد الرئيس - محمد الباشا الـمناصفي - يوسف شقير - جان جلخ - وغيرهم.


التدبير: إنّ هذه العصابة قد أصبحت خطراً عظيماً على حياة رجال النهضة القومية وعلى حركة الـحزب السوري القومي ولذلك يجب معالـجتها بدقة وسرعة على الوجه التالي:


1. يعقد الـمجلس الأعلى وتُتلى عليه هذه الرسالة ويسمع الـملاحظات عن وصول خبر عزمي على اجتياز الـحدود عن طريق جبل الدروز إلى الدوائر الـحكومية وأعداء الـحزب. وهو لا يـمكن أن يتسرب إلا عن طريق محمد الباشا الـمناصفي للأسباب التي ذكرتها في رسالة قديـمة. ويتداول الـمجلس الأعلى في الأمر ويوصي بتنبيه أركان الـحزب والقائميـن على التدريب والأعمال الهامة إلى خيانة الباشا الـمناصفي ( بتكتم شديد وكتمان).


2. تبليغ «العدد الـمجهول» وجوب عقد جلسة للهيئة لدرس هذه الـمسألة واتخاذ التدابير اللازمة.


الـخطة:

1. إنّ أول ما يجب فعله هو عزل هذه العصابة عن جسم الـحزب. ويكون ذلك بإبعاد جميع الـمشبوهيـن وغير الـمختبرين عن مراكز الـحزب الرئيسية وبقطع صلة الوصل بين هذه العصابة والـحزب وهذه الصلة هي محمد الباشا الـمناصفي. وكيفية قطعه مفصلة في 2.


2. يكلف الأمين ثابت أن يعود إلى الاعتماد على الـمناصفي ظاهراً ويقربه إليه ويقول له إنّ خدماته أصبحت مقدّرة تقديراً كبيراً وأنه سيسعى لديّ ويستصدر مني مرسوماً بتعييـن محمد الباشا الـمناصفي عضواً في الـمجلس الأعلى نظراً لـخدمته الطويلة وثباته ومؤهلاته. وإذا كان أمر وجودي خارج الـحدود لا يزال مجهولاً فليقل له إني أفكر باجتياز الـحدود على يده بالطريقة التي اتفقنا عليها سابقاً وإني سأستدعيه قريباً لـمرافقتي. وإنه يجب أن يكتم هذا الأمر عن كل إنسان مهما كانت درجته.

ويكلف وليم [سابا] بأن يعيد علاقاته الـجيدة معه ويوهمه أنه يفكر الآن بوجوب إعادة تنظيم لـجنة الـمكتب الأعلى الـمنحلة وأنّ  عنده بعض الأشخاص الذين يدرس مؤهلاتهم ويحب أن يشترك معه محمد الباشا في هذا الدرس وتدبير الأمر. ويقال للمناصفي إنّ استدعاؤه من الشوف كان بناءً على أنه أحد الأركان الذين سيحتاج إليهم الـمركز إذا حدثت اضطهادات كما في السابق.


3. يتم العزل بهذه الكيفية. ومن ثم يجب الابتداء بحركة تطويق فيكلف بعض الأعضاء الـمخلصين بـمراقبة أفراد العصابة والاندماج مع بعضها.


فيما يختص بأعمال الـمكتب الـمختص، يحسن تكليف عبد [عبدالله محسن] بـمهمات فهو ذكي وظاهره لا يدل[على] مقدرته في هذه الأمور فليتولّ رئيس الدائرة التنفيذية القيام بهذا الأمر.


وفي الـختام أريد أن أحذركم جميعاً من هذه العصابة الشريرة وخصوصاً من هذا الـخائن محمد الباشا الـمناصفي.


وأوصي الـمكتب الـمختص بوجوب الاجتماع ودوام الاتصال والسهر على الـمصلحة، فالوقت صيف ولكن القومييـن يجب أن يعرفوا أنّ الواجب القومي يأتي قبل اعتبارات الراحة، خصوصاً الذين يحملون مسؤوليات خطيرة منهم كرجال الـمكتب الـمختص وخصوصاً في هذه الظروف.


ولي تدابير أخرى سأذكرها بالبريد القادم بالـجو إذا كان الـمفتاح قـد وردنـي ولتحيى سورية!

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro