مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
الثورة المصرية والاتجاه الانفلاشي الجديد
 
 
 
 

 

أيها القوميون الاجتماعيون،

 

إن الزمان والأحداث الـجارفة، الأحداث القوية هي عناصر أساسية تشترك معكم كما اشتركت مع النهضات الكبرى في التاريخ لتسهم في إيصال الـحقيقة إلى أمتكم وفرض هذه الـحقيقة. ذلك أن هذه الأحداث جاءت مصداقاً لـما أعلنته نهضتكم من زمان بعيد: فقد أفلست الانعزالية كما ستفلس الانفلاشية وانتصر الاتـجاه التوحيدي. ولقد انهارت الأوضاع الشكليّة الرجعية والانقلابية على السواء لأنها لم تعتمد الأسس والقواعد الصحيحة الكفيلة بتحقيق نهضة الشعب. ولقد لـمس الطائفيون الانعزاليون أن الطائفية الـمنفلشة لا يـمكن أن تصد وتـحارب بطائفية معاكسة بل ببناء قومي يقضي على الطائفية من كل لون وكل اتـجاه. وظهر جلياً أن مقاتلة الاستعمار باستعمار آخر هو انتحار نكاية بالـخصم.

 

إن الأحداث الـجارفة اليوم توقف السياسيين جميعاً في أمتنا مرتاعين يفتشون عن تدبير أمرهم ويتلمسون وسائل الدفاع عن كياناتهم ويبحثون عن الـحقيقة في هذه الأحداث ولكن مهما فتشوا وتلمسوا وبحثوا حولهم قريباً كان أم بعيداً فلن يروا إلا العقيدة القومية الاجتماعية وإلا الـمخطط القومي الاجتماعي لإنقاذهم وإنقاذ الـمواطنين جميعاً.

 

إن النهضة السورية القومية لم تهمل في سيرها، ولم تتعام عن أي وعي ظهر في هذه الأمة أو في أية أمة من أمـم العالم العربي. إن النهضة القومية الاجتماعية كانت ساهرة دائماً تفتش عن الفئات الصالحـة للتعاون، لتتعاون معها وكانت تـحلم دائماً بأن نهضات قومية ستظهر في الأمـم العربية عاملة لإيقاظها ووحدتها وعزها وكرامتها فتتعاون هذه النهضة وإياها على إنشاء الـجبهة العربية القوية لتقف سداً منيعاً في وجه الاستعمار.

 

إن أول من هلل للثورة الـمصرية كان الـحزب السوري القومي الاجتماعي وأول جريدة عالـجت قضايا الثورة ومشاكلها بإيجابية ووعي ومحبة كانت جريدة الـحزب السوري القومي الاجتماعي. فقد رأى الـحزب السوري القومي الاجتماعي في الثورة الـمصرية نهضة قومية مصرية قدرت أن تنهض وأن تتغلب على الإرادات الأجنبية، فتوخى الـحزب بكل محبة أن تعمل هذه الثورة لإنهاض الشعب الـمصري ولإنـمائه اقتصادياً وفكرياً وقومياً، فتجدد شخصيته القومية العريقة وتتمكن من التعاون مع سائر الشخصيات العربية لـما هو خير العالم العربي كله فتتحقق إذ ذاك الـجبهة التي يهيء لها الـحزب السوري القومي الاجتماعي منذ خمس وعشرين سنة. وقد اتـجهت الثورة الـمصرية في بدء ظهورها اتـجاهاً قومياً صحيحاً، وفكر القوميون الاجتماعيون تفكيراً جدياً إنه إذا طلبت مصر متطوعين من العالم العربي سيكون القوميون الاجتماعيون أول الـمتطوعين الذاهبين إلى مصر للدفاع عن أرضها.

 

لقد اعتقدنا أن أمة من الأمـم العربية لم تنكب مثل أمتنا بالتجزئة قد وعت نفسها وهبت تعطي القدوة والـمساعدة للأمـم العربية الأخرى، واعتقدنا بأن النهضة السورية القومية الاجتماعية التي وقفت من الثورة الـمصرية وقفة الشقيقة الـمخلصة والتي كانت مبادؤها القومية واضحة كل الوضوح لقادة الثورة الـمصرية، لقد اعتقدنا أن الوضوح في الأهداف القومية عند رجال الثورة، والوضوح في الـمبادئ والأهداف عند النهضة السورية القومية الاجتماعية سيخلق حقلاً فسيحاً للتعاون بين أمة عربية ثائرة بجيشها وبشعبها على الاستعمار والـمثالب، وبين أمة عربية أخرى ثائرة على الاستعمار والـمثالب بنهضتها الشعبية الـمنبثقة من صميم الشعب والـمصارعة منذ سنين لبناء الـمجتمع القومي الـجديد.

 

ولقد كانت ثورة مصر حلماً من أحلام النهضة السورية القومية الاجتماعية:

 

أن تظهر في كل أمة من أمـم العالم العربي نهضة قومية جديدة تقضي على أوضاع الضعف والتخاذل والـخوف وتعطي القدرة للأمـم الأخرى!

 

وانتظرنا أن تركز الثورة الـمصرية نفسها على مخطط اصلاحي قومي شامل يخرج أمة من الأمـم الشقيقة من عهود القرون الوسطى إلى القرن العشرين دفعة واحدة فيقضي نهائياً على التيارات الدينية السياسية التي يتعهدها الـمستعمر في العالم العربي منذ مائة سنة لتكون وسيلة استعمارية في يده، ويقضي على الفقر والـجهل والـمرض بتنظيم اجتماعي-اقتصادي شامل يستهدف إيقاظ الإنسان الـمصري ليعي حقيقته وواجباته وحقوقه، وينهض لاستثمار مواهبه العقلية ومخزونات أرضه الغنية فتكون لـمصر نهضة قومية نـموذجية لا يـمكن إلا أن تـحمل أمـم العالم العربي على الاقتداء بها، ولا يـمكن للنهضة السورية القومية الاجتماعية إلا أن تستفيد من الثورة الـمصرية فتتحول أفكار السوريين في جميع كياناتهم عن العروبة الـخيالية إلى العروبة الواقعية البناءة. وهكذا لا تـمضي سنوات إلا ويرى العالم العربي نفسه أمـماً موحدة، واضحة الأهداف والـمصير، تتوفر لها عناصر التعاون فيما بينها لتبني الـجبهة العربية الـحقيقية القادرة أن تقف سداً منيعاً في وجه الـمطامع الأجنبية.

 

خلافاً لكل ما كنا نتمنى وننتظر لقد حدث شيء محزن أيها الـمواطنون والقوميون الاجتماعيون! لقد انحرفت الثورة الـمصرية عن محورها القومي الـحقيقي. لقد ضيعت الـمنطلق الذي اندفعت منه، وتاهت عن الأهداف القومية التي كانت تنتظرها في فكر كل إنسان واع متحرر من العالم العربي!

 

لقد انفلشت حيويتها القومية في تيار توسعي بدأ يخرج أجزاء من أمتنا عن محورها القومي،عوضاً عن أن يتغلغل ذلك التيار الثائر في الأمة الـمصرية فيحركها كلها إلى مصالـحها القومية الكبرى، إلى مصيرها، وعوضاً عن أن تتجاوب مع توق الشعب إلى التحرر نهائياً من نفوذ الإرادات الأجنبية وإلى بناء أوضاع قومية جديدة تؤمن مصالـحها الكبرى ومصيرها.

 

»أن الذين تبلبلت أفكارهم وعقولهم يظنون أن قضية الأمة تتحقق عن غير طريق الأمة. فالذين يرون بلوغ الإرب في قضية إسلامية يخمنون أن ستر هذه القضية الدينية بستار جامعة عربية يخفي دوافعها الباطنة عن الـمسيحيين في هذا الوطن ويقود الـجميع في اتـجاه واحد. فهم لا يفهمون نفسية الـجماعة وطبيعة العوامل الاجتماعية ويجهلون كل الـجهل إنه مهما تظاهر الـمسيحيون بأنهم مقتنعون بقضية »الـجامعة العربية» فلن يألوا جهداً في الاعتصام بقضية تناقض هذه الـجامعة الدينية.

 

والذين يرون الفلاح في قضية مسيحية يتوهمون أن ستر هذه القضية الدينية بستار من شكل أرض يسمونه »استقلال لبنان» يخفي عن الـمسلمين دوافع هذه القضية الباطنة فتجوز عليهم الـحيلة وينضوون تـحت لواء هذه القضية. وهم أيضاً لا يفهمون نفسية الـجماعة وطبيعة العوامل الاجتماعية، ويجهلون كل الـجهل أنه مهما تظاهر الـمسلمون بأنهم مقتنعون بقضية الانعزال في لبنان فلن يألوا جهداً في العمل لقضية تناقض هذا الاتـجاه الديني». »من خطاب الزعيم أول آذار 1938».

 

أجل أيها الـمواطنون والقوميون الاجتماعيون، إن الـمدارس السياسية الـجامدة هي الـمسؤولة عما وصلنا إليه اليوم. وهي مدعوة اليوم، وقد لـمست نتائج جمودها في مفاهيمها القديـمة، وهي ما تزال في الـحكم في كياناتنا الاستقلالية جميعها، هي مدعوة لتعيد النظر في مفاهيمها، في مناهجها وفي أساليبها؟

 

(من خطاب رئيس الـحزب في يوم الحشد 2 آذار 1958).

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro