مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
ملحق رقم 10 خلافنا مع عبد الناصر وكيف يُحل
 
 
 
منشورات عمدة الإذاعة 1959
 

 

دراسة لتطور الثورة المصرية وانحرافها عن قواعدها القومية وموقف الحركة القومية الاجتماعية منها ومن التعاون العربي مع حلول عملية لوضع حد لهذا الخلاف الناشب

                       

 

1953: الثورة الـمصرية والتعاون العربي

 

 

إن وعي الـمصريين لـحقيقتهم الـمصرية ووحدتهم القومية في وادي النيل، على اختلاف الأحزاب الـمصرية وتنوع نزعاتها واتـجاهاتها وتدليل هيئة التحرير الـمصرية وليدة الثورة على الفساد، على نفس هذا الوعي لـحقيقة الأمة الـمصرية الواحدة الـموحدة في وادي النيل، فيما نصت عليه مبادؤها، أمر ثابت لا يحتمل النقاش ولم يـمنع الـمصريين من الاهتمام ومتابعة النشاط في سبيل القضية العربية.

 

ومع ذلك فنحن لا نستشهد بهذا، للتدليل على وهم قيام التناقض بين وعي واقع الأمة السورية وبين حتمية عملها لعالـمها العربي، لأن في السياسة الـمصرية ثغرات يـمكن للمتوهمين بحتمية التناقض اتخاذها حجة لاثبات أوهامهم.

 

هذه الثغرات في السياسة الـمصرية، كانت وليدة عدم اكتمال النضج والوعي وكما سبقت التعاليم السورية القومية الاجتماعية في نصها على ضرورة العمل للقضية العربية اهتمام الـمصريين بهذه القضية بإثنتي عشرة عاماً كذلك دللت التعاليم السورية القومية على تـمام نضجها ووعيها حين نبهت إلى أن تقوية العالم العربي والاهتمام بإزالة كل ما يـمكن أن يسبب لأية أمة من أمـمه التفسخ والضعف هو جانب من جوانب العمل القومي الـمحتم وهو السبيل لإنشاء جبهة عربية قومية فعالة.

 

ولعل هيئة التحرير الـمصرية، في تـمثيلها لوثبة مصر الـجبارة تتلافى أخطاء السياسة العربية الـمصرية، فلا تساعد على إبقاء أمـم العالم العربي في وضعها الـمتفسخ الـمجزأ، بل تؤيد وتهتم في قضية توحيد كل منها لنفسها تأييد السوريين القوميين الاجتماعيين الـمطلق اهتمامهم بوحدة وادي النيل وبهذا تتجه مصر الاتـجاه الـمصري القومي الصحيح كما تريد وتعمل التعاليم السورية القومية الاجتماعية لسورية أن تتجه نحوه.

 

وليس من حاجة إلى اختراع الكلمات الـمنمقة وصرف الـجهود التي تصبح والـحالة هذه عملية صادر بلا وارد في العرف الاقتصادي في التماس التعاريف التي توحد بين شعوب الأقطار التي فرقتها الطبيعة ما دام »واقع العالم العربي واقع أمـم ومجتمعات متقاربة يسهل تعاونها وتشكيل جبهة تعاونية منها، لا واقع أمة واحدة ومجتمع واحد».

 

لو أن الأمة نتاج إرادي، لو أنها تنشأ إنشاء لواجب إنشاء الأمة بحسب متطلبات الشعور والإرادة العامتين وعندها يتوجب إنشاء الأمة العربية الواحدة الـممتدة شريطة طويلة ملتفة ومتمعجة على شواطئ غرب آسيا وشمال أفريقية ما دام الشعور عربياً متأججاً وما دامت الإرادة هي في النهوض بهذا العالم العربي والعمل من ضمنه وله.

 

ولكن ما دامت »الأمة واقع اجتماعي» فهي تـجد أساسها قبل كل شيء آخر، في وحدة أرضية معينة تتفاعل معها جماعة من الناس وتشتبك وتتحد ضمنها.

 

وما دام الأمر كذلك وما دام عامل الإرادة الإنسانية لا دخل له في قيام الأمـم ووجودها وما دام الواقع الاجتماعي لا يخضع تشكيله للإرادات الكيفية والأهواء الشخصية وما دام الإنسان لا يـملك حق اختيار أبويه، وما دام التطور الاجتماعي هو سير وفق نواميس طبيعية وحسب قواعد علمية مقررة فلا يستطيع الواقع الاجتماعي الـمتحرك أن يتحرك إلا ضمن حدود الواقع الـمكاني الثابت الذي هو وحدة الأرض كما تقررها علوم الـجغرافيا والطبوغرافيا وغيرها والواقع الزماني الثابت كما تقرره علوم التاريخ، تاريخ الشعب في خط تطوره الـحضاري، في تطور عمرانه وصناعته وزراعته وتـجارته، في تطور ثقافته وفكره وخصائصها ومـميزاتها في نظرته إلى الـحياة وخط نـموها وغناها. وما دام الإبداع الإنساني فلا يـمكن إلا أن يعمل ضمن طبيعة الأشياء والأمور، لم يعد يجو الاستمرار في بعثرة القوى فيما هو خارج عن نطاق الواقع الـمكاني الثابت والواقع التاريخي الثابت. بل ينبغي  صرف الـجهود فيما يعود على العالم العربي كله بالـخير والنفع وذلك بالعمل من ضمن حقيقة العالم العربي كعالم بيئات وشعوب والاهتمام بالنهوض بالبيئة القومية لتتمكن من الـمساهمة الـمجدية مع بقية البيئات في عمليات نهوضها وبذلك فقط يتاح للعالم العربي السيادة والقوة والثروة والـمنعة التي يصبو الـمجتمع إلى تـحقيقها.

 

هذه العقيدة واتـجاهاتها محاولة من محاولات بناء العالم العربي قد تكون مخطئة في نظر البعض كما أنها تبدو مصيبة في نظر أتباعها وتلامذتها ولكنها محاولة، وقفت في عقيدتها، بين ما تراه واقعاً للعالم العربي وبين ما يشعر به أتباعها من شعور عنيف طاغ تـجاه خدمة العالم العربي وتعزيز مكانته.

 

ولو كانت القومية الاجتماعية عصبية جنسية، ولو كانت عصبية لغوية، ولو كانت عصبية دينية ولو كانت الأمة عملاً إرادياً يحققه الفرد أو الـمجموعة أو الواقع الاجتماعي كله لـما كان سعاده والسوريون القوميون الاجتماعيون، بدافع شعورهم العربي النامي إلا من القائلين بالأمة العربية الواحدة والقومية العربية الواحدة.

 

ولكن السوريين القوميين الاجتماعيين أتباع سعاده يؤمنون، مع شعورهم الفياض، أن العنصرية واللغة والدين والإرادة لا تستطيع أن تكون أمة وأن الواقع الاجتماعي هو الذي يحدد طبيعة الأمة لوجودها.

 

»يوجد عالم يدعى العالم العربي والسبب في دعوته كذلك هو سبب لغوي ديني في الأساس فهنالك عالم عربي باللسان ويـمكن أن تتدرج وتقول عالم عربي بالدين الذي يحمل كثيراً من بيئة العرب وحاجاتها ونفسيتها والذي هو أهم عامل  يصل بين أمـم العالم العربي اللسان». نعم ولكن لا يـمكن، مع الاعتراف بتميز هذا العالم وبقيام »صلات تاريخية ودموية وثقافية وقرابة مصالح» بين أمـمه، اعتبار هذا العالم وحدة قومية لأنه »من حيث وحدة الـحياة التي تـجعل من مجموع الكتل الـموجودة ضمنه كتلة واحدة أو شعباً واحداً أو مة هي حقيقة وجود الأمة لا يوجد لهذا العالم وحدة يـمكن أن تـجعل واحدة أو دولة واحدة قائمة على الإرادة العامة».

 

وبعد، مهما اختلف الرأي في عقيدة سعاده وتعاليمه فإن ما يكنه فؤاده للعالم العربي من خير ومحبة وقد تـجلى في تعاليمه وفي تـحميله أمته مسؤولية النهوض بالعالم العربي لا يـمكن أن يفسح الـمجال للأباطيل تنال من عروبته وتكيد له بالعداء للعرب والعروبة.

 

إن ثقتنا بحسن نوايا البعض مـمن تأثروا بالدعايات الـمسمومة والأباطيل الـملفقة لابتعادهم عن الاغتراف من معين الـحركة السورية القومية الاجتماعية الأصيل، هي التي تـحفزنا إلى التقدم منكم، حضرة العقيد، بهذا الكتاب الـمفتوح عساكم تـجدون أن عروبة العقيدة والهدف والاتـجاه لا تتنافى مع التعاليم السورية القومية الاجتماعية فلا يقل تـمسك السوريين القوميين الاجتماعيين باتـجاههم العربي عن أي سوري آخر. ولكنهم يعرفون أنهم وحدهم قد وجدوا التعبير العملي عن اتـجاههم العربي الـمكين.

 

إن اختلاف العقيدة السورية القومية الاجتماعية عن غيرها من العقائد القومية يبقى اختلافاً لا من حيث الشعور بالـخدمة والـمسؤولية تـجاه العالم العربي بل من حيث قواعد هذه الـخدمة  وقواعد تـحقيق هذه الـمسؤولية. وحسب التعاليم السورية القومية الاجتماعية فخراً أن مبادئها هي التي تفعل اليوم في العالم العربي كله »فخطة سلك طريق الـمؤتـمرات والـمحالفات» والتي تـحاول الدول العربية اليوم السير عليها هي تطبيق لـما قررته هي، ومشاورات الاسكندرية كانت تنفيذاً للخطة التي أعلنها سعاده. وتنشيط التفاهم الـمتبادل مع الأقطار العربية ينطبق كل الانطباق على قواعد نهجها السياسي.

 

لقد نادى سعاده الأمة السورية إلى النهوض بنفسها لتتمكن من الإشتغال في قضايا العالم العربي ولتكون قوة فاعلة في تكوين الـجبهة العربية وأن إيـماننا ما زال في أن نهضة الأمة السورية ووحدتها القومية الاجتماعية يـمكن وحده من إنشاء جبهة عربية أمكن وأقوى من الـجبهة التي شكلت في الـجامعة العربية في وضعها الذي أفلس.                         

 

»البناء» أول آذار 1953

 

                                                                        عصام الـمحايري

                                                                

 

 

 

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro