مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
المثالية الأولى هاني بعل
 
 
 
النشرة الرسمية للحركة القومية الاجتماعية، بيروت،الـمجلد 1 العدد 10، 1/6/1948
 

مر الـحزب، في أثناء غياب الزعيم في أميركة، في فترة تهدمت فيها الـمثالية النظامية والعقدية. فاتـجهت الأعمال الـحزبية نحو الـمظاهر، بدل الاتـجاه الأول الصحيح الذي كان نحو البناء الداخلي وتأسيس القيم النفسية، الأخلاقية والـمناقبية، وإعداد الطرق العملية لانتصار القضية القومية الاجتماعية الـمقدسة. ولم يقتصر الاتـجاه الانحرافي على طلب الـمظاهر، بل تعداه إلى نشوء نفسية التسوية بين القضية القومية الاجتماعية، الكلية، الإجماعية وبين الـمآرب والـمطامع الـخصوصية، الفردية، في عدد غير قليل من الذين صاروا في الطبقة الظاهرية من الـحركة القومية الاجتماعية.


شيـئـاً فشيئـاً تطغـى الـمـآرب الـخصـوصيــة على الغـايـة العظمى، وصـارت القضية القومية الاجتماعية الـمقدسة مجرّد واسطة للأغراض الـخصوصية. فنشأت محاولات التسوية بين نظام الـحزب السوري القومي الاجتماعي وغايات مخالفة للقضية. وكان قصد الـمحاولات الـمذكورة الوصول إلى غايات خصوصية عن طريق قوة الـحزب، حتى ولو أدى الأمر إلى تضحية عقيدته وغايته في ذلك السبيل.


إنّ عدداً من الذين ترشحوا في صفوف الـحزب القومي الاجتماعي للنيابة في لبنان والشام وشرق الأردن لم يكونوا من الذين يعدّون الغاية القومية الاجتماعية هي الغاية الـحقيقية، بل من الذين كانت لهم تـحت ستار الغاية القومية الاجتماعية غاية خفية تذرعوا لبلوغها بـمختلف مـحاولات التسوية. فباء أكثرهم بالـخيبة، لأنهم خسروا روح حزبهم الـحربية ولم يتمكنوا من كسب كل ثقة الذين دخلوا معهم في مساومات التسوية. هذه هي الـحقيقة الـمؤلـمة التي يجب إعلانها ليعتبر بها من يريد الاعتبار.
الـمسؤوليات الإدارية صارت، في الـحالة الشاذة الـموصوفة في ما تقدم، على قدر الـمنافع، وشيء كثير من عقلية الوظائف الـحكومية تسرب إلى الـموظفيـن القومييـن الاجتماعييـن. فصار يبحث في الـمعاشات ومقاضاتها، حتى ولو لم يقم الـموظف الـمطالب بالـمعاش الكبير بـما يطلب منه، وكما كان الأمر حين كان فايز صايغ يتقاضى مرتباً شهرياً يبلغ نحو ثلاث مئة وخمسين أو أربع مئة ليرة سورية وكان يقيم الأرض ويقعدها إذا حدث أي تأخر في دفع مرتبه، كما كان في حادث نعمة ثابت ومساومته على العقيدة.


لـمّا صار العمل القومي الاجتماعي، في أحسن حالات الاتـجاه الانحرافي الـمذكور، عبارة عن تسوية بين الـمنافع الـخصوصية والهدف القومي الاجتماعي، ابتدأ التراخي يدب إلى جميع أقسام الإدارة الـحزبية ويتسرب منها إلى الأوساط القومية الاجتماعية. وبلغت الـحالة حد تعرّض الغاية القومية الاجتماعية الكبرى لـخطر عظيم.
إنّ معارك الانتصار السياسي الفاصل لا يـمكن أن تكون إلا معارك صراع العقائد والغايات الكبرى ـ معارك البطولة الـمثالية الـممتازة. والانتصار هو دائماً شيء فاصل، فلا يـمكن أن يحدث على أساس تسوية، أو بروحية التسوية.


كـان مـن وراء التـراخـي الـمـذكــور أن ضَعُـفَ اليقيـن العقدي وروحيـة الصراع. وظهر هذا الضعف جلياً في إهمال إدخال ملبي الدعوة القومية الاجتماعية في صفوف الـحزب وفي مسلكية الرفقاء عموماً والـجدد خصوصاً وانحط معنى الطاعة وقيمة الـمسؤولية النظامية والواجب، فهبطت الـمعنويات هبوطاً مخيفاً وصارت حالة الكثير من الـمديريات والـجرائد حالة جيش استسلم إلى العبث والفوضى فلم يعد يـمكن ضبطه ولا استعماله في أية مهمة أو لأي هدف. أصبحت وحدة العمل معدومة بالكلية.
هذه هي الـحالة التي جعل الزعيم كل همّه الأول تغييرها واستئصال مفاسدها والقضاء على عواملها وعمالها. فطهّر الدوائر الـحزبية العليا من الـمصابين بأمراض التهدم والتراخي والتسوية والأنانية وأعاد قيمة الـمسؤولية إلى حقيقتها الفعلية، كما أنه طهّر الـمجتمع القومي الاجتماعي من العقائد الفاسدة التي تسربت إليه بواسطة الأنانيين الذين أهملوا العقيدة القومية الاجتماعية ليعملوا لغاياتهم الـخصوصية التي جعلوا من الـحزب ونظامه مطية لها. فنرى الـحزب القومي الاجتماعي يعود اليوم طريقه الصعدى نحو قمة النصر.


عندما زار الزعيم منفذية دمشق زيارته الـخصوصية الـمفاجئة تـحدث إلى الـمسؤولين الإداريين في الـمنفذية والـمديريات وأوصاهم بالعودة إلى العمل البنائي الهادىء. فانبرى من الـمسؤولين رفيق يقول: إنّ عقلية دمشق تـحتاج إلى غير أساليب العمل البنائي الهادىء. إنّ مثل هذه الاقتناعات الشارعية لا تصلح قاعدة لتخطيط تقني نفسي وسياسي، لأنه لا يستند إلا إلى الـمظاهر ولا يأخذ الغاية العظمى بعين الاعتبار.


إنّ التحرك الـحـزبي الواسع في الساحـات والشوارع العمومية يجب أن يسبقه بناء عقدي، صراعي راسخ ليكون مجدياً ومساعداً على بلوغ الغاية. إنّ القيادة القومية الاجتماعية العليا لا تـجهل ما لتحرّك الـجماعات من قوة وفائدة ولكنها تعرف فوق ذلك ما هي عوامل التحرك الفعالة الدائمة التي تتمكن من حفز حركات الـجماعات ضمن خطوط التوجيه وخطط الأهداف. أما الأعمال الهوجاء والضجيج الغوغائي غير الـمدرّب وغير الـموجه وغير الـمدار فليس لها نتيجة ثابتة.


أعلن الزعيم، في ختـام خطـابه التاريخي يوم عودتـه إلى الوطن: العودة إلى الصراع! والعودة إلى الصراع تقتضي عودة إلى الـمثالية الأولى ـ مثالية الإيـمان بالقضية القومية الاجتماعية الـمقدسة وبالقيادة ـ مثالية العمل البنائي، العقدي والنظامي، والصراع البطولي.


إننا لا نريد في الـحزب القومي الاجتماعي كثرة عدد متضخم يـمكن أن يفيد الذين أصبحوا يـميلون إلى التسوية ويغريهم ضعف الإيـمان ووهن البناء النفسي العقدي بالـمساومات والـمضاربات.


إنّ عملية تطهير الـحزب من نفسية الـمساومات والـمضاربات والتسوية ستستمر، وستقضي على الانغماس السياسي الـخصوصي قضاءً مبرماً فلا يبقى في الـحزب غير: جنود عقيدة ونظام وإيـمان بالنصر ـ جنود في كل عمل وكل اختصاص ـ جنود في الإدارة وجنود في الإذاعة وجنود في الثقافة وجنود في السياسة!
إنّ الـحزب القومي الاجتماعي هو حزب بطولة وصراع وانتصار!

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro