(إستقبلني الزعيم سعاده في مكان إقامته الـجديدة استقبالاً حاراً ومد يده مصافحاً وقائلاً إنك أول صحفي تـمكنت من اكتشاف مكان إقامتي، وقد قدمني إليه قائد من قواد الـحزب، وكان الزعيم رابط الـجأش باش الوجه مؤنس الـحديث، ولكن قطوبة ناعمة كانت تعلو جبهته كلما اقترب ضابط من أعوانه مسرّاً إليه ببعض الـمعلومات، وبعد تـجاذب أطراف حديث قصير لا أبيح لنفسي إذاعته، طرحت عليه الأسئلة التالية:)
يلح الرأي العام في طلب إيضاح نقاط أساسية في الـمعركة الناشبة اليوم بيـن الـحـزب القـومي الاجتمـاعي، والـحكـومـة اللبنـانيـة فقد أعلنت الصحف وغيرها أنّ الـحكومة تتّهمكم تهماً ثلاثاً:
1 - التآمر لقلب الـحكومة.
2 - التآمر على سلامة الـجيش والتسلح الواسع النقاط.
3 - تهمة الاتصال باليهود.
وهنا ابتسم الأستاذ سعاده وأجاب:
«ليست هذه أول مرة، تتهم فيها الـحركة القومية الاجتماعية تهماً متنوعة يقصد منها أن تكون سلاحـاً في يد الـمطامع الأجنبيـة كما في زمن الاحتلال الفرنسي، أو في يد الرجعييـن والنفعييـن والوطنييـن كما هي الـحال الآن مع الـمتحكميـن في مصالح الشعب اللبناني وموارده ومصيره.وليس الرجعيون الذين يحكمون البلاد اليوم بالإرهاب وخنق حرية الفكر، وضغط الإرادة العامة بقصد شلّها وإحلال إرادتهم الـخصوصية محلها إلا مقتبسيـن ومقلِّدين للأساليب التي استعملها الاحتلال الأجنبي في محاربة البعث القومي في البلاد السورية كلها محاولاً خنق النهضة السورية القومية الاجتماعية في مهدها.
فقد شكلت التّهم التي وجهت إلى الـحزب القومي الاجتماعي أمام الـمحكمة الفرنسيـة التي كانت تدعى الـمختلطة حين اكتشاف أمر الـحزب منذ نحو 14 عاماً لائحـة طويلـة جـداً. أهمها تهديـد سلامـة وحدة البلاد والتآمر لتغيير شكل الـحكم والتجنيد والتسليح.
وقد أضاف الاحتلال الأجنبي في الـمحاكمة التالية أمام الـمحكمة العسكرية الفرنسية تهمة أخرى كان قد أوعز إلى عماله لإلصاقها بنا. ألا وهي الاتصال بالألـمان والطليان، ولكن الـمحاكمات كلها أثبتت أنّ تلك التهم كانت افتراءاً قبيحاً دنيئاً على الـحركة القومية الاجتماعية. واليوم تـحاول حكومة لبنان إلصاق نفس التّهم بنا، وفي خزائن الـحزب من التقارير ما يثبت أيضاً اتصالات رجالاتها الشائنة مع اليهود وما يشكل مواد تـجريـمية هائلة.
إنّ الصحف اللبنانية ملأت أعمدة كثيرة بأخبار الـمهاجمة الـحكومية للحزب القومي الاجتماعي، وبـما غنمته الـحكومة من وثائق ومعلومات صارت موضع التحقيق. وقد صرّح بعض الـمسؤولين عن الاستقصاء والتحقيق في أوراق الـحزب التي وقعت في يد القوى الـمهاجمة، كما أعلنت بعض الصحف أنه لم يعثر بين الأوراق والوثائق الـمشار إليها على أية وثيقة تثبت أو تدل دلالة صريحة على تهيئة انقلاب ما، أو على خطة انقلابية.
فالتهمة إذن من باب التوسع في الاجتهاد، ولتبرير الاعتداء الصريح من قبل الـمتحكمين في شؤون الشعب اللبناني على [.........] الـمدنية والسياسية وعلى الـحرية [...] والاجتماع وعلى الـمبادىء القومية الاجتماعية التي يشكل انتشارها في البلاد نقضاً من الأساس للبناء السياسي الاجتماعي الـخصوصي الـمهدد للأمة بتفسخه وتداعيه بانهيار قومي ساحق، هذا الاعتداء الـمتكرر الذي يلجأ إليه الـمتحكمون كلما رأوا أنفسهم مهددين بالسقوط في الانتخابات للسلطة التشريعية في البلاد.
فالتنكيل بالـحركـة القوميـة الاجتماعيـة في مثل هذه الأحوال أصبح ديدن الـمتحكمين الرجعيين والنفعيين. ولتبرير التنكيل يحتاج الطغاة دائماً إلى حيلة أو خدعة والـحيلة هي اتهام الـحزب القومي الاجتماعي بهذه التهم الضخمة.
هذا ولم يكتشف عمال الـمتحكمين أية وثيقة يـمكن أن تعتبر دليلاً على السير في انقـلاب بالقوة، ومع ذلك فقد استمـر الاعتـداء على البـيوت الآمنة يجرّدونها من الشبـاب العامل في الإنتـاج والتعمير الذي لم يكشفوا ما يبـرر أسره وتوقيف أعماله لكسب قوت عياله. اللهم إلا مبدأ خراب الشعب لتعمير بيوت الـمتحكمين.
إنّ تهمة التآمر على سلامة الـجيش، هي تهمة نحن الـمدّعون العامون فيها، إنني أتهم الـمتحكميـن بـمصير الشعب اللبناني بالتآمر على سلامة الـجيش بتشكيله على أساس الطائفية والعشائرية ومحسوبية الـمتحكمين وبكسر معنوياته في فلسطين وعلى الـحدود اللبنانية، وبقبول شروط هدنة من اليهود تعرّض الـجيش اللبناني الذي هو سياج الاستقلال بالانسحاق في أية عملية حربية هجومية من قِبل اليهود.
أما تهمة الاتصال باليهود فإنني أتـحدى رئيس الـحكومة الـمتهادنة مع اليهود أن يعطي للنشر الوثائق الـمزعومة. فإن كانت لدى الـحكومة وثائق في صدد الاتصال باليهود فإنها ولا شك وثائق مشرّفة للحزب، ومخزية للمتحكميـن في رقاب الشعب اللبناني، وللطائفييـن الذين نـملك وثائق عديدة عن اتصالاتهم واتصالات جميع الرجعييـن والنفعييـن باليهود من بيع أراضٍ إلى بيع مصالح إلى بيع خطط سياسية في الـحكم تسهل الانتشار اليهودي ومطامع اليهود في التسلط على جنسنا السوري وعلى بلادنا الـمحبوبة.
إنّ خزائن الـحزب القومي الاجتماعي لـمشحونة بالتقارير والوثائق عن اتصالات النفعييـن والطائفييـن باليهود من أيام فيشر الذي لا أخال رئيس الـحكومة وعدداً من زمرة الـحكم والنفعييـن يجهلون اسمه، إلى أيام مهزلة الـحرب الفلسطينية الفاجعة التي أخرجت أبناء أمتنا في فلسطين من ديارهم وأموالهم وأعمالهم.
إنني أتـحدى السيد رياض الصلح أن يبرز الوثيقة التي يزعم أنها موجودة لديه أو لدى الـمحكمة العسكرية، وإنها تثبت ما يـمس شرف الغاية التي تـحملها الـحركة القـوميـة الاجتماعيـة. ولكن السيـد ريـاض الصلح وزيـر الـمتحكميـن يأخذون الناس الآمنيـن في بيوتهم بلا جريرة.
إنّ الذين اتصلوا باليهود ولـمصلحة اليهود هم الذين باعوا أراضٍ لليهود والذين سمسروا لبيع أراضٍ لليهود، وإنّ الوثائق التي في حوزة الـحزب القومي الاجتماعي تخوّل الـحزب استبدال التهمة التي يزعمها السيد رياض الصلح باتهام الـمتحكميـن النفعيين الرجعيين بالتعاون مع اليهود ولـمساعدة الأهداف اليهودية، ضد مصلحة لبنان ومصلحة الأمة السورية.