مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
جبهة حربية ثانية
 
 
 
الزوبعة، بوينُس آيرس، العدد 52، 15/9/1942
 

منذ مدة طويلة والإذاعات البرقية تشتغل وتهتم بأمر فتح جبهة حربية ثانية تتخذ فيها الأمم المتحدة خطة الهجوم، لتوجد خطاً حربياً في جهة من جهات أوروبا يكون من ورائه تخفيف الضغط الحربي الألماني عن روسية، وحصول حالة توازن في الموقف الحربي العام. ولكن الآراء تضاربت في إمكان فتح مثل هذه الجبهة في أوروبة في وقت قريب، واختلفت المذاهب في صدد البقعة الأكثر مناسبة لقيام الأمم المتحدة بحملة حربية ناجحة.


والظاهر أنّ إذاعة الأمم المتحدة أخذت تلقي، بصورة مستمرة، في روع الناس أنّ أنظار الأمم المتحدة متجهة نحو فرنسة ومتمركزة فيها. وقد ساعد هذه الإذاعة والمرتئين هذا الرأي احتمال استمالة الشعب الفرنسي إلى نهضة انتقام واستعادة مركز فرنسة السابق. وأيّد اتجاه الفكر في هذه الناحية الحملات الجوية على شمال فرنسة والغزوات البحرية لبعض الموانىء الفرنسية كالغزوة الأخيرة الكبيرة لميناء دياب.


وجدت هنالك آراء أخرى في صدد إمكان فتح الجبهة الثانية. فالبعض ذهب إلى أنّ أفريقية الشمالية خير مكان لتنفيذ هذه الفكرة. والبعض الآخر ذهب إلى جعل هذه الجبهة في الهند. ومن جميع الآراء التي وقفنا عليها في البرقيات والمقالات في طائفة من الصحف الأجنبية لم نجد رأياً واحداً تمكّن من استهواء اقتناعنا، فإن المكان الذي يحسن أو يترجح فتح جبهة حربية جديدة فيه يجب أن يكون مكاناً تتوفر فيه الإمكانيات والاحتمالات الاستراتيجية والتحريكية التي تؤمن قيام الجبهة مدة طويلة على الأقل. فأين هو هذا المكان المثالي؟


إنّ فرنسة ليست ولا يمكن، في ظروفها الحاضرة، أن تكون هذا المكان المختار. والأسباب عديدة أهمها:1 ــــ قرب الموقع من ألمانية.2 ــــ توفر المطارات الألمانية القريبة التي تهاجم قناة المانش بسرعة.3 ــــ عدم صلاح قناة المانش لحركات بحرية واسعة يضطر للقيام بها الأسطول المطلوب منه تأمين وصول النجدات والإمداد.4 ــــ وجود شبكة كاملة من الخطوط الحديدية التي تسهل حركات القوات الألمانية ووصول النجدات بسرعة.5 ــــ تجرّد الشعب الفرنسي من السلاح ووجود حكومة فرنسية متقربة من الألمان ومتحولة عن بريطانية. فهذه الأسباب وغيرها تجعل فرنسة غير صالحة لفتح جبهة حربية فيها.


أما أفريقية الشمالية فبعيدة وفقيرة في العمران ولا شعوب كثيفة موالية فيها وشعوبها ليست حرة ولا يمكن التعويل عليها. وأما الهند فبلاد قائمة قاعدة والكره لبريطانية يزيد فيها يوماً عن يوم. وهي كذلك بعيدة والحرب فيها لا يمكن أن تسير بالسرعة المطلوبة. وبعدها عن مركز الحرب الذي تجري فيه المعارك الفاصلة لا يؤهلها للعب دور هام من الوجهة الحربية.


نعتقـد أنه لا يـوجـد في جبهـة من العالم موقع أفضل من موقع اسكندينافية لاختيـاره مكـانـاً لفتح جبهة ثانية. ولعل نروج أفضل مكان للقيام بهذه المحاولة، وأهـم الأسبـاب لتفضيـلنا نـروج وما جـاورها هي:1 ــــ قرب نروج من روسية، فيمـكن إيجـاد اتصـال بين الحمـلـة عليهـا وبين الجيـش الروسـي، واتخـاذ خطـة واحـدة لنجاح الحملة يعمل بموجبها الجيش المهاجم والجيش الروسي.2 ــــ بُعد نروج عن ألمـانيـة ووجـود فـاصـل بحـري بينهـا وبين ألمـانيـة.3 ــــ امتـداد شواطئها على البحـر الشمـالـي المفتوح الذي يتمكـن فيه الأسطـولان البريطاني والأميركاني من التعاون، وإذا أمكن استمالة أسوج لهذه الغاية فلا يمكن إيجاد أفضل من اسكندينافية لفتح جبهة جديدة.


لاحظنا في المدة الأخيرة مراقبة شديدة من ألمانية على سياسة أسوج الداخلية، حتى أنّ سفارة ألمانية اضطرت للاحتجاج على لهجة بعض الصحف الأسوجية وأمور أخرى. وأكثر ما وقفنا عليه في هذا الصدد أنّ الانتخابات البلدية التي جرت مؤخراً في أسوج أظهرت زيادة محسوسة في نمو الحزب الشيوعي. وبعض حوادث أسوج الداخلية جعلت بعض صحف ألمانية تقوم بحملة عنيفة على موقف تلك الدولة السكندينافية. وجريدة بورسن زيتنغ اتّهمت أسوج بأنها محايدة في الظاهر فقط، وأنها ليست في الباطن سوى مركز للجاسوسية البريطانية البلشفية.


ممـا لا شـك فيه أنّ بريطانيـة والولايـات المتحـدة قد وجّهتـا جهـوداً كثيـرة لجذب أسوج نحوهما، فإذا أفلحتا في هذا المسعى بالاشتراك مع روسية فالجبهة الثانية لا تحدث إلا هناك ــــ إذا أمكن أن تحدث على الإطلاق.


لا نرى للجبهة الثانية غير هذه الإمكانية، ولا نرى معنى حربياً لها إلا في منطقة اسكندينافية. وسواء ابتدىء تنفيذ الفكرة في نروج أم في دانمارك أو غيرها فاتجاهها الأكثر مناسبة هو اتجاه نروج للاتصال بالجيش الروسي وتأمين وصول النجدات والذخائر وإلال الحرب. أما في غير هذه المنطقة فالأرجح أن تنتهي الحملة بنكبة هائلة تسحق معنويات الأمم المتحدة سحقاً تاماً.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro