مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رحلة الزعيم إلى خونين وكوردبة
 
 
 
رحلــة الزعيــم إلى خونيــن وكوردبــة
 

أواسط كانون الثاني 1943

كانت السنة الـماضية سنة إقبال محسوس على الـحزب السوري القومي الاجتماعي. ويسر إدارة الزوبعة أن تعلم أنّ وجود هذه الـجريدة ودروسها وأبحاثها الـموحدة للفكر والشعور والـمرمى كانت النور الذي جلا الشك والغموض من الأذهان، وقرّب كثيراً حقيقة الـحزب السوري القومي الاجتماعي وحركته وغايته ومثله العليا إلى نفوس الـمواطنين في الـمغترب، وأرسخت العقيدة القومية الاجتماعية في عقول الذين لبّوا الدعوة تلبية حسنة وفي قلوبهم، وجعلها العامل الـحيوي في تفكير عدد غير قليل من الأدباء وأهل الرأي وفي شعور كل وطني صادق الوطنية، نزيه القصد. فانقشعت غيوم الريبة التي أحدثها تأويل الـجهلاء وأصحاب الـمآرب الشخصية، وأخذ الناس يقتربون رويداً من الـحركة القومية الاجتماعية ويطلبون الزوبعة ويقرأونها بعناية واهتمام. وكثر عدد الذين يطلبون مبادىء الـحزب السوري القومي الاجتماعي الـمشروحة بقلم الزعيم، والذين، بعد قراءة الـمبادىء وشرحها، يعتنقون العقيدة السورية القومية الاجتماعية وينضمون إلى صفوفها.


من أجمل مظاهر اليقظة القومية الاجتماعية، الإقبال على الغاية السورية القومية الاجتماعية، الذي حدث في مدينة خونين. وفي أواخر السنة الـماضية وجّه القوميون الاجتماعيون في الـمدينة الـمذكورة دعوة إلى الزعيم لزيارة خونين، وأخذ قسط من الراحة فيها بين الرفقاء الذين أبدوا رغبة شديدة في أن لا يحرموا من مشاهدة الزعيم والاجتماع إليه وهو على مقربة منهم. ولـما كان الزعيم عازماً على أخذ فرصة راحة من عناء العراك السياسي والعمل الفكري العظيم، رأى أن يلبي دعوة رفقاء خونين فيتعرف وجوههم وروحيتهم ويتحدث إليهم عن القضية القومية الاجتماعية في الاجتماعات والنزهات. ولا غنى عن القول إنّ جميع سياحات الزعيم وتنزهاته هي من هذا النوع العملي الذي يجمع بين الراحة النسبية والعمل. وما كاد الزعيم يبتّ في أمر زيارة خونين والانتقال بعدها إلى منطقة كوردبة الـجبلية حيث يـمكن الابتعاد عن الاحتكاك العملي وحصول نصيب أكبر من الراحة الضرورية لإنعاش القوى، ويبتدىء في أخذ الأهبة لذلك، حتى قَدِمَ من مدينة كوردبة الرفيق خليل سعاده لأشغال تـجارية ولزيارة الزعيم ودعوته باسمه واسم والده الـمحبذ الكبير للحركة السورية القومية الاجتماعية، عبود سعاده، ليكون الزعيم وعائلته ضيوفهما وعائلتيهما في «تكية سعاده»، الـمصيف الـجميل، الرحب، القريب من حاضرة كوردبة. فلم يسع الزعيم إلا تلبية هذه الدعوة من رفيقه ووالد رفيقه الصديق الـخاص. وتـمّ الاتفاق على أن يكون حلول الزعيم في «تكية سعاده» في كوردبة، بعد زيارته مدينة خونين. وفي أواسط شهر يناير/كانون الثاني الـماضي برح الزعيم وقرينته وابنتهما، الطفلة صفية، عاصمة الـجمهورية الفضية إلى خونين حيث استقبلهم على الـمحطة، أعضاء اللجنة الرفقاء السادة، بشير علي خفاجه وعيسى محفوظ وجميل صايغ وقريناتهم وكريـماتهم وقدّمت كريمة الرفيق خفاجه الآنسة ساره باقة زهر إلى الزعيم، على الـمحطة، وكان بين الـمرحبين على الـمحطة السيد سليمان الـخوري، أحد وجهاء النزالة السورية في خونين. ومن الـمحطة توجه الـجمهور إلى الـجناح الـمعدّ للزعيم في الفندق، وبعد فرصة استراحة قليلة كان الجمهور على غداء جامع زانته الأحاديث القومية.


بعد يومين من الاستراحة بعناية الرفقاء أعضاء اللجنة وعائلاتهم الكريـمة، بُلّغ الرفقاء إتساع الفرصة للسلام العمومي على الزعيم، فتوارد القوميون الاجتماعيون على مقر الزعيم، فتحدث إليهم وسألهم ووجد فيهم الروحية القومية الـجيدة والاستعداد لتفهّم القضية القومية الاجتماعية الـمقدسة وخدمتها.
قضى الزعيم وعائلته في خونين نحو أحد عشر يوماً، كان فيها موضوع حفاوة القوميين الاجتماعيين. وقبل مغادرته الـمدينة الـمذكورة، ألقى خطاباً في جمع الرفقاء استغرق نحو ساعة وربع أو نصف، ويرى القارىء خلاصته في مكان آخر من هذا العدد (ص 415 أدناه) وفي الاجتماع الـمذكور تكلم كل من الرفقاء: بشير علي خفاجه وعيسى جبرين ورئيس وفد فرقمينه، عبدالله دروج.


كان لـخطاب الزعيم وأحاديثه وشروحه تأثير قوي على القوميين الاجتماعيين، شدد إيـمانهم بقضيتهم الـحقة وقوّى عزائمهم. وامتد التأثير إلى أفراد كثيرين لـمّا يكونوا انضموا إلى العقيدة فجرى إقبال عظيم محسوس جعل الـمجموع السوري القومي الاجتماعي في مدينة خونين قوياً جداً.
لم يغفل الزعيم درس حالة الأفراد الذين كانوا انضموا، فوجد بينهم واحداً أو اثنين كانا اعتباطيين ولم يفهما القضية كما يجب وليس فيهما الصلاح فأشار على الـمسؤولين بإهمالهما وإلغاء وجودهما في سجل القوميين الاجتماعيين. وكان وراء هذه التنقية النتيجة الـجيدة الـمتوخاة.


جـرى في أثنـاء وجود الزعيم بعض سوء تفاهم بين أعضاء اللجنة القومية الاجتماعية التي وجهت الدعوة باسم القوميين الاجتماعيين إلى الزعيم ليزور خونين متنزهاً، وعدد من رجال النزالة السورية في خونين، الذين أبدوا أسفهم ولاموا اللجنة، لأنها لم تخبرهم عن مقدم الزعيم ليشتركوا في استقباله ويساهموا في الـحفاوة به. وكانت وجهة نظر الأشخاص الـمشار إليهم أنهم يحترمون الزعيم ويكبرون عمله وأنّ لهم الـحق بالـمشاركة في استقباله لأنه للجميع وعمله للجميع. وقد لوحظ أن بعض الأصابع الـخفية حاولت دس أسباب للخلاف حول هذه النقطة، ولكن سوء التفاهم زال معظمه بالـمقابلات الـخصوصية بين بعض أعضاء اللجنة وبعض الأفراد اللائمين.
عاد الزعيم وعائلته من خونين إلى بوينُس آيرس وبقي هنا ليلة وفي اليوم التالي سافر إلى كوردبة، مصحوباً بعائلته، بعد أن أوصى بـما يجب. وعند وصوله إلى مدينة كوردبة كان على الـمحطة لاستقباله، جمهور من القوميين والـمحبذين والأصدقاء وعائلاتهم، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم صديق الزعيم ومؤيد الـحركة السورية القومية الاجتماعية، السيد عبود سعاده والـمدير الرفيق يوسف رحمون العيط والناموس الرفيق سليم صوّى، فكان استقبالاً حاراً. من الـمحطة سارت السيارات إلى مسكن الصديق عبود سعاده، وهو قصر جميل في كوردبة الـجديدة الـمرتفعة، حيث أنزل الزعيم وعائلته للاستراحة فأديرت الـمرطبات والـمنعشات والسندويش وتبودلت عبارات الاشتياق وتقبّل الزعيم تهانىء الـجميع بوصوله سالـماً ودعاءهم له بالراحة والتوفيق. وعلى الأثر أُعدّت سيارة الرفيق خليل عبود سعاده، التي أقلّت الزعيم وعائلته إلى «تكية سعاده» الفسيحة الأرجاء القائمة على هضبة جميلة يجري في أسفلها «النهر الأول» وإلى جانبها الشمالي الغربي تسيل ساقية غزيرة الـماء، وأنزل الزعيم وعائلته في الـجناح الـمعدّ له في ضيافة الرفيق خليل سعاده وقرينته السيدة الرفيقة فيكتوريا يونس سعاده.


بعـد استراحـة الـزعيم نحـو يـومين إبتدأ يتوافد للـسلام عليه، عدا عن رجال الـحركة، الرجال القادرون على العمل القومي الاجتماعي العظيم الذي يقوم به سعاده. وكان في طليعة الـمقبلين السيد عبدالرزاق دعبول، الـخطيب الوطني الـمتقد، والسيدان محمد وعبده باز. ثم وفد السادة أسعد شكر، رئيس الـجمعية السورية اللبنانية في كوردبة وأحد وجهاء النزالة السورية فيها والوجيهان السيدان فدعا ويوسف مخول. وتلاهم عدد غير قليل من أهل الرأي والاهتمام وأصحاب الغيرة الوطنية.


تلا ذلك قيام الزعيم بردّ الزيارة للوجهاء الـمذكورين فرأت النزالة السورية في كوردبة في وجود الزعيم حركة اجتماعية - روحية قوية. فعدا عن التعارف وأحاديث الـمؤانسة والـحفاوة، جرت أحاديث كثيرة تناولت مشاكل سورية وعمل الـحركة السورية القومية الاجتماعية التي يقودها سعاده. وكان لشروح الزعيم وقعها الـحسن في النفوس وأجمع الناس على أنه لا أمل لسورية بالنهوض إلا بواسطة الـحزب السوري القـومي الاجتمـاعي الـذي وضـع قـواعد نهضـة قوميـة حقيقية صحيحة، وأوجد الـمثال الأعلى الـجميل الذي يجد فيه السوريون كل ما يتوقون إليه في مجرى حياتهم وأطوارها. وبعض النفوس اليائسة التي كانت تسأل: أيصير؟ أيتحقق هذا الـحلم؟ اقتنعت، على ضوء الشواهد والأمثلة التي أوردها الزعيم بأن القضية ليست قضية حلم، ولا قضية أشواق عمياء تائهة، بل قضية واقع لم يبقَ سبيل لإنكاره أو للشك فيه، قضية إتـحاد قومي حقيقي جمع السوريين جمعاً فعلياً من كل الـملل والنِحَل في مطلب قومي إجتمـاعي أعـلى واحد يطلبه الـجميع بقلوب نقية صافية يندهش من إخلاصها الذين ربيت نفوسهم في جو الـمخاتلة والـخداع والرياء والـمواربة ويأبون أن يصدقوا ما تراه أعينهم وتسمعه آذانهم.


في هذه الأثناء تألفت لـجنة «الاحتفال بـمولد الزعيم» وقوامها السادة الرفقاء والـمحبذون الآتية أسماؤهم: عبود سعاده، يوسف رحمون العيط، أسعد شكر، سليم صوّى، يوسف مخول. وفي ليلة 28 فبراير/شباط - 1 مارس/آذار أقيمت الـحفلة التذكارية لـمولد أنطون سعاده فكانت حفلة كبرى رائعة بصفوف الـحاضرين وبالـخطب التي قيلت فيها والرسائل والبرقيات التي وردتها وبالروحية الـحارة التي تـجلّت فيها كما سيأتي وصفه.


عقب الـحفلة التذكارية حركة تأييد وإقبال في أوساط السوريين الذين لم يتح لهم من قبـل أن يقفـوا على حقيقـة الـحـزب السـوري الـقومي الاجتماعي والقضية الـمقدسة التي يعمل لتحقيقها والـمعنويات العالية التي يـمتاز بها. وبعد مرور بضعة أيام على هذا الـحادث الكبير الأثر، أنـجز في خلالها ما اقتضته الـحالة ومن ضمن ذلك طرد فرد واحد وجد فيه التقلب وسوء السلوك وأمر بإهمال فرد آخر ظهر أنه ليست له قوة الـمناقب والأخلاق اللازمة للقيام بواجب النظام. وفي مقابل ذلك أجاز قبول عدد من طالبي الانضمام وأوصى بـما يحسن أو يجب تنفيذه. وعاد إلى بوينُس آيرس، مشيعاً من جمهور كبير من الرفقاء والأصدقاء واستقبله على محطة رتيرو جمهور من القوميين الاجتماعيين.


كانت رحلة الزعيم موفقة جداً فحدث نشاط واسع في الأوساط السورية لم يقتصر على مدينتي كوردبة وخونين، بل تناول عدة ولايات، خصوصاً بـموافقة الرحلة مجيء أول مارس/آذار الذي حرك الهمم ونبّه الشعور.

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro