مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
كنا وسنكون.. الخيانة تتكلم (وتتفلسف)
 
 
 
الزوبعة، بوينُس آيرس، العدد 63، 15/7/1943
 

من دائرة الإنشاء: تصدر في بيروت، منذ سنة 1936، مجلة تـحمل إسم الـجمهور صاحبها ميشال أبي شهلا، الذي كان قديـماً شريكاً للمرحوم ميشال زكور في مجلة الـمعرض وهي الآن، أي الـجمهور، مجلة تخدم الدعاوات الأجنبية بغير تـحفّظ فتخصص أعداداً لـخدمة أغراض الديغوليين الذين لهم ظل في بلادنا، وأعداداً أخرى لـخـدمة الـمرامي التركية الطامعة في أرضنا التي اتفقت مع فرنسة، وبإغضاء «الكتلة الوطنية» وانتزعت من بلادنا بقعة من أغنى بقاعها ومن أعظمها مستقبلاً، نعني الإسكندرونة. وهكذا دواليك.


صاحب الـجمهور حاول أن يـمشي مع جميع الأعمال الـماشية بدون تـمييز، بين مبدأ ومبدأ، وبين غاية وغاية، فتظاهر بالتلبنن مدة، ثم لـما ظهرت معنويات الـحزب السوري القومي الاجتماعي انخرط في سلك هذا الـحزب، بينما الزعيم في سجنه الأول ثم قَبِل هو وبرلـماني عتيق معروف هو الشيخ يوسف الـخازن وأحد أبناء عائلة الصلح الـمدعو تقي الدين وغيرهم دعوة إيطالية وإسبانية لزيارة إيطالية وإسبانية ومراكش من غير أخذ رأي مراجع الـحزب. وعاد مع الـجميع إلا الشيخ الـخازن الذي بقي في رومة ليجدد علاقات قديـمة للعائلة الـخازنية في خدمة الـمصالح الإيطالية، كما في خدمة الـمصالح الفرنسية.


وكان الـمطرود من الـحزب السوري القومي الاجتماعي الـمحامي صلاح اللبكي إبن الـمرحوم نعوم اللبكي يتردد قبل طرده من الـحزب على إدارة الـجمهور ويعاون في الكتابة والتحرير فيه.


وصلاح اللبكي إنضم إلى الـحزب سنة 1935 ودعي ليكون في اللجنة الإذاعية الـمركزية الأولى التي تشكلت تـحت إشراف عميد الإذاعة الأول الأستاذ الـمحامي الأمين عبدالله قبرصي، ثم بعد حل اللجنة الـمذكورة أعطي صلاح اللبكي وظيفة ثانوية في عمدة الداخلية. فلم يكن له شأن لا في اللجنة الـمذكورة ولا في الوظيفة. وبهذه الـحقيقة إعترف صلاح اللبكي أمام قاضي الـمحكمة الـمختلطة، بصوت خافت، متهدج، قائلاً: «إنّ الزعيم حل اللجنة، لأنها لم تكن لها فاعلية، وفي الوظيفة التي كنت أحملها لم أنل من الزعيم غير اللوم والتقريع». ثم تقدم للدفاع عنه الـمحامي الأستاذ شارل عمون صاحب جريدة لـجور التي تصدر في بيروت بالفرنسية، فسرد تاريخ أبيه نعوم اللبكي في السياسة اللبنانية وأمانته لـخطط الانتداب وتأييده الانفصال اللبناني، وأظهر أنه لا يحمل مسؤوليات باعترافه أنه لم يكن من الرجال الأساسيين في الـحركة الـجديدة ولا من العاملين الغيورين وأنه، لذلك، يستحق عطف القضاة، إلخ.


ولكن ما كاد يذاع دفاع الزعيم في الـمحكمة ويُحدث ذلك التيار الكهربائي الذي اجتاح البلاد من أقصاها إلى أقصاها ويبتدىء تـحرك ألوف الشباب في مختلف الـجهات نحو طلب الانضمام إلى الـحزب السوري القومي الاجتماعي حتى رأى صلاح اللبكي أنّ من الـمناسب الاهتمام بالقضية. فأخذ يتدخل أكثر في الأمور ويظهر غيرة غير معتادة على الأعمال. ولا شك في أنه رجل ذكي ومثقف. فرشّحه بعض الرجال الـمركزيين لنيابة الزعامة أثناء وجود الزعيم في السجن، وعُرضت هذه الفكرة على الزعيم في أثناء سير الـمحاكمة التي استغرقت ثلاثة أيام، فقبل الزعيم هذه الفكرة، لعدة أسباب: أولاً، لدفع الشبهة عن العاملين الأساسيين أمثال الرئيس الأمين نعمة ثابت والأمين مأمون أياس. ثانياً، ليعطي صلاح اللبكي فرصة جديدة لإظهار معدنه. ثالثاً، لأن الـمدة ليست كبيرة. رابعاً، لأن الزعيم كان أمّن الاتصال من السجن بالإدارة الـمركزية بحيث يـمكنه وضع حد لنيابة الزعامة عند أول بادرة خلل أو خيانة.


إنّ الدور الذي حاول صلاح اللبكي أن يلعبه منذ ذلك الـحين هو دور طويل لا مجال له الآن. وبالاختصار إنفضح صلاح اللبكي إنفضاحاً كلياً حين أخذ يجعل مطامعه الإنتخابية، التي كان يجد فيها مصالـحه الرئيسية، فوق الإخلاص لعقيدة الـحزب ونظامه. فأحضره الزعيم مرة أمام مجلس العمد وأوضح له سوء سلوكه الذي لا يتفق مع الروحية القومية وما يـمكن أن ينتج عنه من الأضرار وأمره بالتوقف عن الأعمال والـحركات الانتخابية التي كان قائماً بها ومساوماً فيها على قوة الـحزب، التي كان يدّعي ويشيّع أنه يستند إليها. فأبدى اللبكي الإذعان وأضمر الاستمرار واستمر فعلاً. أصدر الـمكتب السياسي في الـحزب بلاغه بعدم وجود مرشحين رسميين له وبعدم صحة بعض الإشاعات عن وجود مرشحين للحزب لم يعلنهم الـحزب. كان بلاغ مكتب الـحزب السياسي ضربة قاضية على آمال صلاح اللبكي وعلى عبثه بنظام الـحزب ومعنوياته، فجاهر بخروجه على النظام، مستنداً إلى وعود «الكتلة الدستورية» أو حزب الـمعارضة اللبنانية الذي يرأسه الشيخ بشارة الـخوري. فأصدر الـحزب مرسوماً بطرده مبنياً على مداولات اقتراحات مجلس العمد فطُرد وأذيع طرده.


وكان بعد ذلك أنّ الفرنسيين وفّقوا بين حزب إميل اده وخيرالدين الأحدب وحزب بشارة الـخوري وجماعته أمثال سليم تقلا وحميد فرنـجية وشارل عمون. فأسقط حزب بشارة الـخوري صلاح اللبكي من قائمة مرشحيه. فأصبح صلاح اللبكي لا مع الـحزب السوري القومي الاجتماعي ولا مع الكتلة الدستورية ولا مع أحد.
إهتمّ بعد سقوطه لاستعادة بعض الـمنزلة بالضرب على وتر «العروبة» في خطاب ألقاه في مدرسة طرابلس، فقال الناس: أيـمكن تصديق هذا الـمتملق الـمفضوح؟
ويعود صلاح اللبكي الآن إلى الغيرة على لبنان فيبرهن أنّ طرد الـحزب السوري القومي الاجتماعي له كان بحق، لأنه لم يكن من رجال العقيدة أي أنه كان بلا مبدأ. ونحن نثبت في ما يلي مقالاً حديثاً له نشره في مجلة الـجمهور الـمأجورة استعار في بعضه التعابير الروحية التي هي من خصائص النهضة السورية القومية الاجتماعية التي نبذته ليخدع بسطاء الـمتلبننين «بصحة لبنانيته»، كما حاول أن يخدع الـحزب السوري القومي «بصحة سوريته». ولكن ختام الـمقالة يفضح نفاقه ويظهر تـملقه الفرنسيين باعترافه بأن «صداقتهم» هي التي «تضمن للبنان البقاء، من الوجهة الدولية وتضمن للبنانيين الـمساواة في نواحي الـحياة جميعاً.» فتباً لهذا النفاق ولهذه الوطنية الزائفة الذليلة. وإليك الـمقالة النفاقية الغريبة:


«يقول قائل: كيف تستطيع بلادي أن تكون دولة ذات سيادة، فهي صغيرة وضعيفة لا أساطيل ولا جيوش عندها ولا أمل في أن يكون لها جيوش وأساطيل. أفلا نرى كيف تقهر الأمـم الصغيرة وتغلب على أمرها وتضمحل. أفليس من الـخفـة أن نتحدث بكيان لنا مستقل وبدولة محترمة لا يؤيدهما السيف ساعة الكلمة الفصل، على ما رأينا، للمدافع والقنابل وساعة لا يجدي الأمـم غير القوة الـمادية بأقسى وأجلى معانيها؟


«وأقول (ما شاء الله!) - بلى، لو كنا نطمح في أن نكون دولة من دول الفتح. ثم أنّ في هذا العالم دولاً أضعف وأصغر من لبنان وأقل قيمة جغرافية منه (ما أكبر نفس الرجل وما أعظم هذه الفلسفة!) قامت وتقوم إلى جنب الدول الكبيرة ذوات الـمطامع والبأس.


«وشيء آخر مقتبس من تاريخنا: أنّ بلادنا هذه الضعيفة الصغيرة لم تنشأ أمس كدولة لها كيانها الـخاص، ولم يـمنّ بها القدر صدفة وفجأة (يا سلام!).
«إنّ هذا الـجبل، على ما هو اليوم دولة صغيرة من غير أساطيل جبارة، وجيوش كرارة، لأقدم عهداً وأعرق حضارة من غير واحدة من كبيرات الدول.
(الزوبعة: الهامّ عند الكاتب الـمتحفز للوثوب على كرسي فارغ في مجلس عبودية ليس حياة الشعب ووسائل تقدمه وحصول الفلاح الـجدير به، بل الهامّ هو أن يكون الشعب الذي يخاطبه جزءاً من أمة عريقة في الثقافة ولو مات هذا الشعب ولو ذلت وفنيت هذه الأمة جوعاً وسد الاستعمار كل طرق التقدم في وجهها، كما هي الـحالة في ذلك الشعب الـمنخدع!


فما هي هذه الأريحية؟).
«إذا نحن عكفنا على الأسباب التي أفضت في غالب الأحيان إلى نشوء الدويلات التي قامت إلى جنب الدول الضخمة فلم تبتلعها هذه، وجدنا بين أوائل الأسباب إثنين خطيرين: أولهما أنه كان لهذه الدول الصغيرة مـميزات ثقافية أو اجتماعية أو عنصرية وثانيهما أنّ التفاعل الدولي كان يقضي ببقائها فبقيت (فلسفة الذل).
«ولم يشذ لبنان عن القاعدة. فالرئاسة اللبنانية العامة التي وضع أسسها في التاريخ الـحديث فخرالدين الـمعني الكبير (ما أقبح هذه الـجهالة!) والتي اتّبع أثرها الشهابيون قامت على الاستفادة من التفاعل الدولي. ولبنان، بعد، كان وما زال يحتفظ في هذا الشرق العربي بـمميزات اجتماعية ثقافية واضحة.
فإذا نحن نظرنا إلى هذا، ونظرنا ثمة إلى أهداف الدول الديـمقراطية من الصراع الهائل الدائر اليوم، وإلى شرعة الأطلنطيك، وإلى تصريحات الفرنسي الـمقاتل الأول، والبريطاني الأول (دبلوماسية ماهرة في العبودية) وأخذنا بـمبادرة فرنسا في إنفاذ ما وعدت به، وإذا نحن نظرنا إلى جميع ذلك وأخذنا به فقد اطمأن الوجدان إلى حسن الـمصير.


«بقي علينا في حدود لبنان الذي كان، والكائن والذي سيكون، أن نخلص نحن اللبنانيين إلى أنفسنا وإلى مريدينا (أيُّ إخلاص، أيها الـمارق الـمنبوذ؟).
«بقي علينا أن نحتفظ بإرادة البقاء، فإن استقلال الدول لا يظل استقلالاً صحيحاً مستمراً، مهما كانت العوامل الدولية الـخارجية (هذا الدرس هو طبعاً للدول التي تعتمد على العوامل الدولية الـخارجية، يا ذكي!) التي أفضت إليه، إلا باستمرار الإرادة على الرغبة فيه. بقي علينا أن نؤمن إيـماناً مخلصاً مستمراً بكفاءتنا على البقاء. وبقي علينا، أخيراً أن نفهم فهماً أنّ لبنان للبنانيين جميعاً وأن لا تفاوت بين لبناني وآخر لا في الـحقوق ولا في الواجبات.


«والأغلبية من اللبنانيين تريد وتؤمن وتفهم ما ينبغي أن يراد وأن يُؤمن به وأن يُفهم، ما يشذ منهم غير النزر مـمن يقدمون الـمصالح الفردية (نظيرك، أيها الـمنافق!) على الـمصالح العامة ومـمن منّوا باللامبالاة ومـمن توهموا أنهم لسبب من طائفية أو غيرها لن يكون لهم الشأن الذي يجب لهم في لبنان.


«أما أهل الـمصالح الفردية فالبلاد تتنبه لـمساعيهم الـخاسرة وسيعلمون أي منقلب ينقلبون (أجل. إعلم ذلك واستعدّ لذلك اليوم، إذا كان في الاستعداد نفع!).
«وأما اللامبالون فسيجرفهم التيار جرفاً. وأما الواهمون فعلينا أن نزيل أوهامهم، وعليهم هم أن ينظروا إلى حقائق الأمور بإخلاص فتقع الغشاوة عن بصائرهم.
«وبعد فإن الصداقة الإفرنسية التي تضمن البقاء للبنان من الوجهة الدولية تضمن للبنانيين الـمساواة في نواحي الـحياة جميعاً. فلنعمل إذن متكاتفين للنهوض بلبنان في مدارج العمران والتمدن والثقافة والاقتصاد فلن يكون لنا كرامة في غير هذا.»

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro